أيام قليلة تفصلنا عن بدء الانتخابات الرئاسية في روسيا المقرر إجراؤها في الرابع من مارس هذا العام وبالرغم من توقع الكثيرين من الشعب الروسي لنتائج التصويت مسبقا إلا أن عملية السباق الانتخابي تبدو محط اهتمام الكثيرين. فعلي سبيل المثال يتنبأ الخبراء في المركز الروسي لاستطلاع الرأي وفي مركز صندوق ليفادا لاستطلاع الرأي بفوز رئيس الوزراء الحالي والمرشح الأوفر حظا في الانتخابات فلاديمير بوتن في الجولة الأولي بنسبة53.5% الي66% من الأصوات. ولكن يبدو أن هذا ما لا يعتقده الملياردير الروسي ميخائيل بروخوروف(47 عاما) الذي كان من أوائل من وقفوا في وجه بوتين بإعلانه الترشح لخوض الإنتخابات الرئاسية, والذي تعهد في حال فوزه بالتبرع بجزء كبير من أعماله التجارية إلي الجمعيات الخيرية. فذلك الشاب العصامي هو أحد رجال الأعمال الروس الذين يشغلون مراكز متقدمة في قائمة أثرياء العالم, حيث احتل المركز الثاني ضمن لائحة أغني رجال الأعمال في روسيا في عام2011 حسب تصنيف مجلة' فوربس' بثروة تقدر بنحو18 مليار دولار, كما أحتل المركز ال24 عالميا عام.2008 فحتي وقت قريب كان يلقب نفسه ب' المحظوظ', ذلك لأنه استطاع في فترة قصيرة التنقل بين مناصب قيادية كبيرة في مختلف الشركات والبنوك الروسية منذ تخرجه من المعهد العالي المالي في موسكو, حيث بدأ حياته المهنية بإنتاج ملابس الجينز ثم ما لبث بكفاءته الاقتصادية الكبيرة أن يشغل منصب رئيس صندوق خاص للاستثمار ورئيس مجلس ادارة شركة منقبة عن الذهب. عمل بروخوروف في المجال المصرفي خلال التسعينات من القرن الماضي, وكانت تلك الفترة في روسيا هي فترة خصخصة المصانع الحكومية الكبيرة فإشتري بروخوروف أكبر شركة تعدين في البلاد بثلث سعرها الحقيقي و اصبح من أغني رجال روسيا. ومنذ عام2004 و بروخوروف يترأس مؤسسة خيرية أنشأها بنفسه والتي تقدم الدعم اللازم للمبادرات الثقافية و التعليمية والعلمية, هذا بجانب عشقه لكرة السلة والذي دفعه عام2010 إلي إمتلاك نادي'NewJerseyNets' لكرة السلة ليصبح بذلك الاجنبي الوحيد الذي يمتلك ناديا بمستويNBA, أما عن حملته الانتخابية فاتخذت طابع ليبرالي ديمقراطي, حيث إنه وعد في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية سيضمن حرية الاعلام بمنع الدولة من امتلاك حصص في القنوات التلفزيونية وغيرها من مصادرالاعلام و سيمنع الترشح الي منصب رئيس الدولة و حاكم مقاطعة اكثر من مرتين خلال حياة الشخص, مع اقتراح أن تكون فترة ولاية الرئاسة أربع سنوات بدلا من ست سنوات كما هو متبع حاليا, كما يخطط رجل الاعمال الروسي لإنشاء وكالة خاصة لمكافحة الفساد, والتي ستكون خاضعة لرئيس الحكومة. في الوقت نفسه شدد علي ضرورة تشديد الشروط علي المسؤولين وتقليص امتيازاتهم, ووعد أيضا بإطلاق سراح المسجونين للجرائم الاقتصادية.أما فيما يخص العلاقات الخارجية لروسيا فيقترح بروخوروف أن تتوجه روسيا الي الاتحاد مع أوروبا لتصبح مركزا جغرافيا اقتصاديا موحدا يمتلك مجالا اقتصاديا وقانونيا موحدا. ولكن هل يكفي كل هذا لكي يضع الشعب الروسي ثقته في هذا الشاب العازب ويختاره رئيسا له؟ إن من يتابع المسيرة السياسية لبروخوروف سيري أنها أجهضت وهي لا تزال في بدايتها, حيث ترأس بروخوروف في صيف عام2011 حزب' القضية العادلة' واضعا امامه هدف ايصال الحزب الي عضوية البرلمان لكنه حتي لم يصل الي الانتخابات البرلمانية حيث تمت اقالته من منصبه باكثرية الأصوات فترك الحزب, ثم أعلن بشكل لم يتوقعه أحد عن رغبته في خوض الانتخابات الرئاسية و استطاع جمع المليوني توقيع الضرورية من مؤيديه, الأمر الذي أثار تساؤل الكثيرين, رغم أن بعض المحللين يرون أن ترشح بروخوروف للرئاسة يصب في مصلحة بوتين, حيث أن بروخوروف بتمثيله دور منافس لبوتين سيهديء المتظاهرين الذين تفيض بهم المدن الروسية كافة رافعين شعار' روسيا بدون بوتين', ولكن هذا أيضا لا يعني ضمان فوز بروخوروف في الانتخابات, فسكان روسيا يكرهون السيطرة المالية التي سرقت البلاد خلال التسعينات من القرن العشرين, و بروخوروف لما له من نفوذ اقتصادي يمثل تلك السيطرة المالية. كما ان هناك الكثير من الفضائح التي تجمعت حوله والتي من الممكن أن يستغلها الاعلام الحكومي للتشهير به و نزع الثقة عنه, ومنها علي سبيل المثال إعتقاله عام2007 علي أيدي الشرطة الفرنسية التي احتجزته لمدة4 ايام حيث كانت تشك في انه جلب الي منتجع' كورشافيل' فتيات لامتاع اصدقائه الاغنياء. لكن بروخوروف فسر الأمر بانه جلب الفتيات معه لأنه' يحب تمضية الوقت محاطا بفتيات جميلات و ذكيات و شابات' إلا أن القضية سرعان ما أغلقت لعدم وجود ادلة. لقد ظل هم الشعب الروسي الأكبر هو موضوع الهجرة, أما اليوم فهم يتطلعون إلي بلد يخلو من الفساد, بلد أكثر ديمقراطية و من دون فلاديمير بوتين الذي يتطلع بدوره و بكل ثقة لولاية رئاسية ثالثة خلفا للرئيس الحالي ديميتري ميدفيدف, و إذا كان البعض يعطي لبوتين الفضل في إعادة الاستقرار للبلاد ووضع حد للفوضي السائدة خلال الحقبة السوفيتية فإن منهم من يتهمه بتزوير الانتخابات البرلمانية التي جرت في ديسمبر, فهل ينجح بروخوروف في كسر احتكار السلطة وانتقالها بين الثنائي ميدفيدف وبوتين؟