تحت عنوان «مدينة الرياضيات» نشر «بريد الأهرام» كلمة طيبة للسيد علاء صلاح الدين بيومى تناول فيها أهمية الرياضيات بالنسبة للدول فى المجالات الاقتصادية والتقنية والعسكرية. وفى الواقع فإن الرياضيات بمصر فى خطر شديد من التعليم الابتدائى إلى ما بعد الجامعي!! فالتدريس يقوم على التلقين وبالتالى فإن الطالب يفقد المفهوم الأساسى لموضوعات العلوم الرياضية، وهناك فرق كبير بين إتقان إجراء العمليات الرياضية والمفهوم الحقيقى للرياضيات. فمثلا فى مجال التدريس الجامعي، عند وضع أسئلة المواد الرياضية التى أقوم بتدريسها أختبر الطالب فى تطبيق طرق رياضية معينة، وفى نهاية الأسئلة أضع سؤالا واحدا له درجات إضافية أختبر فيه الطالب فى معنى الطرق الرياضية التى قام بتطبيقها أو تعريف أحد المصطلحات الرياضية التى سبق أن استخدمها فى الإجابة على الأسئلة السابقة (والتى كان قد أحسن إجابتها) لكنه لا يعرف معنى المصطلح الرياضى ولا مفهوم الطريقة الرياضية!! على الرغم من تركيزى على أهمية التعريفات والمصطلحات. والأكثر من ذلك، وبصفتى أحد أعضاء لجان ترقيات أعضاء هيئة تدريس الجامعات المصرية وجدت مع زملائى أن مستوى المتقدم للترقية هزيل جدا والبحوث المتقدم بها ضعيفة للغاية وبها العديد من الأخطاء الرياضية. والحل يكمن فى منهج تدريس الرياضيات منذ المرحلة الابتدائية، ويجب أن يتعرف الطالب على المفاهيم الأساسية فى الرياضيات وكيفية الاستفادة منها فى التفكير لحل المسائل الرياضية ومدينة الرياضيات تعد أحد الحلول المهمة لإيجاد جيل جديد مستوعب للمفاهيم الرياضية. وكان الأمل لدينا فى مدرسة المتفوقين الثانوية الكائنة بناحية عين شمس فى أن تفرز لنا جيلا من التلاميذ متفوقين فى العلوم الأساسية (رياضيات، فيزياء كيمياء بيولوجي) لكن للأسف المرض انتشر ولم تعد المدرسة ملتزمة برسالتها. والمطلوب الآن هو التفكير جديا فى مدينة الرياضيات على أن يلتحق خريجوها بكليات الهندسة والعلوم والتربية، وأن يقوم بالتدريس بها مجموعة من المتخصصين سواء من أساتذة الجامعات أو رجال التربية والتعليم الموهوبين فى التدريس واستيعاب المادة، وضرورة الاهتمام بكليات التربية فنحن فى أشد الحاجة للمعلم (وليس المدرس) وهناك فرق بين المعلم والمدرس، فالأول يدرك معنى العلم أما الثانى فهو فقط يقوم بالتدريس وربما عن طريق التلقين.. وهذا المرض انتشر فى الجامعات المصرية بين المعيدين والمدرسين المساعدين والمدرسين والأساتذة المساعدين والأساتذة أيضا. حتى أن الطلاب يفضلون الأستاذ الذى يساعدهم فى كيفية الإجابة على أسئلة الامتحانات حتى بدون فهم!! فلماذا لا نشجع الطلاب المتفوقين علميا على الالتحاق بكليات التربية، عن طريق صرف مكافآت مجزية وتحسين مرتبات المعلمين المتميزين، حتى نصل لمرحلة تكون فيها كليات التربية إحدى كليات القمة. ونلاحظ فى دول أوروبا الشرقية أن العلوم الأساسية واضحة جدا فى ذهن الطلاب. حتى إن كثيرين منهم وهم فى سن العشرين حاصلون على درجة الدكتوراه، ولهم بحوث منشورة فى دوريات علمية متقدمة. د. مينا بديع عبد الملك أستاذ الرياضيات بهندسة الإسكندرية