استطاع الصينيون فى غضون سنوات قليلة أن يجعلون من "السوشى " الوجبة المفضلة لدى معظم شعوب العالم فرغم صغر حجمها لكنها عظيمة الفائدة وتبهر متناولها بشكلها الجميل ، وهذا يؤكد عبقرية مختراعها الذى تخطى الحدود الجغرافية و جمع شعوباً على تناول وجبة بعيدة عن العادات الغذائية وثقافات هذه الدول ، ليس هذا فحسب بل الأكثر من ذلك فهم يسعون حالياً لتخطى شعار "صنع "إلى "صمم " فى الصين وذلك بالإهتمام بالتعليم القائم على الإبداع وليس الحفظ والتلقين و الركيز على البحث العلمى ورغم أننا نملك الثروة البشرية التى تمكنا من تنافس الصين وغيرها فى السوق العالمية من حيث الكيف لا الكم وبشرط أن يتم توظيفها واستثمارها بالشكل الصحيح وإذا تم رعايتها واكتشاف مواهبها من الصغر وإذا كانت الصين شأنها شأن دول شرق آسيا كماليزيا وسنغافوره أدركت أن التعليم هو أساس التطوير والتنمية إلا أنه للأسف مازالت مشاكلنا التعليمية تنصب لحل مشاكل صيانة المدارس وتصليح " التخت " وخلع " المسامير " وتثبيت أبواب الفصول وزجاج النوافذ الذى "يقصف " أعمار التلاميذ فى المدارس فى الوقت الذى تخطت فيه دول آخرى مرحلة التصنيع إلى التصميم وبدل من أن يتم استثمار ميزانية التعليم فى رفع كفاءة المعلم وتنمية مهاراته وتدريبه وتحسين الخدمة التعليمية وتطوير المناهج التى تصب فى النهاية فى إخراج منتج متميز وهو الطالب تذهب للصيانة والتجهيزات فرغم الجهد الكبير الذى يبذل لتطوير التعليم لكن الواقع العملى يؤكد لأولياء الأمور أنه لا يوجد أمل فهم لا يشعرون بأى إنجاز فى العملية التعليمية وهم محقون فى ذلك فالدروس الخصوصية زادت وحالة المدارس لا يرثى لها وكتب يتغير شكلها ولكن محتواها يزداد تعقيداً فإذا اتخذنا الصين كنموذج لدولة استطاعت أن تنافس مصاف دول العالم وتتسيده صناعياً باستغلالها لثروتها البشرية حيث بدأت حكوماتها بتغيرأشكال وأنماط التعليم بتفادى الفصل بين التعليم العلمى والأدبى وتقليص عدد الإمتحانات فى المدارس حتى لا يكون المجموع أو النجاح فى الإمتحان هما هدف الطالب فقط فى المرحلة الثانوية ، بالإضافة إلى الإستفادة من خريجى الجامعات الذين يصل عددهم إلى 8 ملايين طالب وطالبة سنوياً وفقاً لإحتياجات سوق العمل وإذا كان الدكتور هايو وانج الباحث فى شئون تنمية المجتمعات والعولمة قد أكد أن حكومة بلاده أدركت أن إعادة إحياء الصين لن يتم بامتلاكها 200 مليون عامل ماهر فقط إنما بتطوير التعليم والبحث العلمى والإرتقاء بمستوى المعلم والطالب وتخريج جيل متعلم بصورة مبتكرة أساسها الإبداع فالعامل مهما كان ابداعه سيقف عند مرحلة معينة إن لم يثقل بالتعليم الجيد مشاكلنا التعليمية لن تحل بإقالة مدير المدرسة ومسئولى هيئة الأبنية التعليمية أو حتى الفراش ولكنها ستحل بتغير أنظمة التعليم و"نسف " منظومة الإمتحانات وتحويل التعليم من الحفظ والتلقين والإعتماد على " التنشين " فى أسئلة الإمتحانات إلى البحث والتفكير وتشغيل العقل فالمسألة أعمق بكثير فهناك أطراف للعملية التعليمية إذا تم تدريبها وتنمية مهاراتها بالفعل سيكون لدينا فى غضون سنوات قليلة تعليم مختلف وهم المعلم والطالب والإدارة المدرسية وأخيراً المبنى المدرسى وكل عنصر ينشق منه عدة محاور كتطوير المنهج والكتاب المدرسى لابد من تطوير المنظومة التعليمية ككل لإعادة الثقة بين ولى الأمر والطالب والمعلم والمدرسة وضمان تحقيق التنمية التى ننشودها لوطننا الغالى . [email protected] لمزيد من مقالات نيفين شحاتة