تقدم بعض ملاك المساكن القديمة ولهم كل الحق بمذكرة إلى الرئاسة بالظلم الواقع عليهم من تجميد إيجارات المساكن التى يملكونها منذ اوائل الستينيات وحتى الآن وهى إيجارات هزيلة للغاية بمقاييس اليوم ولا يوجد فى مصر قانون يحتاج إلى مراجعة وتعديل شامل مثل قانون إيجار الأماكن الذى صدر فى مرحلة زمنية لها ظروفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وفى ظل النظام الاشتراكى والذى قصد منه حماية الفئة الضعيفة وهى فئة المستأجرين، وقد غالى المشرع وتمادى فى هذه الحماية وفى تقدير مصالح المستأجرين على حساب الملاك ومع مرور الزمن بدا واضحا للكافة أن هذا القانون أدى إلى ظلم فادح للملاك تتوارثه الأجيال وبدت الحقيقة الواضحة أن من يحتاج إلى الاهتمام التشريعى ورعاية مصالحهم هم ملاك العقارات وليس مستأجروها كما تشير مقدمة الكتاب الرائع للدكتور سمير تناغو أستاذ القانون المدنى بكلية حقوق الأسكندرية. تدخلت الدولة وبالمناسبة كلما تدخلت فى قوانين الاسكان ازدادت الأزمة استحكاما وفى هذه المرة عقب نكسة 1967 لتوسيع قاعدة المعروض من الوحدات السكنية وابتدعت اسلوب التمليك الذى تحول الآن إلى سوط رهيب يلهب ظهر كل من يفكر فى الحصول على وحدة سكنية( راجعوا أسعار بيع الشقق المنشورة فى الصحف) كما ابتدعت اسلوب البناء ثم التوزيع بمعرفتها وبالتقسيط, وهو أمر جعل الفساد والمحسوبية من سمات عملية التوزيع, حيث حصل عليها من حصل, وتربح منها من تربح. انقلب الحال وتحول ملاك العمارات من مستثمرين يحصلون على عائد لاستثمارهم إلى مجرد وقف لا يسمن ولا يغنى من جوع، لقد أدى تثبيت القيمة الايجارية وامتداد العقد امتدادا تلقائيا إلى خلل فى سوق الاسكان وتناقضات كبيرة لا تتفق والعدالة الاجتماعية. وقد يتساءل: البعض وماهو الحل؟ لقد أوضحت دراسات العديد من دول العالم( النمسافنلنداانجلتراالتشيكالمكسيك شيلى فنزويلاكندا) انه قد يكون من المستحيل تحرير العلاقة دفعة واحدة بعد طول تجميدها, والحل هو التدرج فى تحرير هذه العلاقة على مراحل وتقسيم الوحدات السكنية الى شرائح حسب تواريخ انشائها, والتدرج فى زيادة الأجرة زيادة محسوبة تزيل التفاوت والظلم الشديد الحالى فى قيمة الايجارات, فلايعقل ان تكون القيمة الإيجارية لشقق فى جاردن سيتى والزمالك أرقى مناطق القاهرة تبلغ سبعة جنيهات شهريا بينما فاتورة المياه لا تقل عن خمسين جنيها أو الكهرباء أيضا التى لا تقل فى المتوسط بتلك المناطق عن سبعمائة جنيه , أورسوم النظافة التى يتم تحصيلها مع فاتورة الكهرباء أعلى من ذلك. يستمرىء كثير من سكان العقارات القديمة الوضع خاصة أن القانون لا يسعف الملاك الذين أصبح وضعهم فى غاية الضعف والسوء ويتحسرون على ممتلكاتهم وعقاراتهم التى تدر عليهم شهريا عائدا أقل عشرات المرات من إيجار غرفة فى المناطق العشوائية التى تزيد على 300 جنيه شهريا ولهذا فإن تصحيح وضع الايجارات القديمة لا يعيد الحقوق إلى أصحابها فحسب ولكن يحقق المساواة والعدالة الاجتماعية بين مستأجرى الوحدات القديمة وساكنى العشوائيات. إن بقاء الأجرة ثابتة لا تتغير لعشرات السنين ومنذ مطلع ستينات القرن الماضى وللآن فهناك إيجارات لم تتحرك منذ نحو سبعين عاما فهذا هو الظلم الفاضح وبقوة القانون، الحل مرة أخرى بالقانون، وذلك بتقسيم المبانى حسب سنوات الانشاء, فمثلا المبانى قبل عام 1960 تزيد 200% فالإيجار 6 جنيهات يزيد إلى 18 جنيها ومن 60 1964 يزيد 150 %( من 10 جنيهات إلى 25 جنيها), وهكذا حتى يعود التوازن والحقوق المسلوبة الى أصحابها فلا يعقل ان يستمر وضع تفويض الملاك أمرهم إلى الله ويتركوا املاكهم العقارية تتوارثها أجيال دون زيادة مليم واحد.. إنه وضع يشبه المصادرة فمن يضع الجرس فى رقبة القط حتى تنتهى تلك المأساة ويضع حد الظلم. لمزيد من مقالات عصام رفعت