"فوبيا البدعة" أصابت الدعاء الكريم الذى اعتاد أن يدعو به كثير من الناس أول وآخر كل عام هجرى. فالبعض يبذلون الجهد الكبير ليُحَرِِّموا الدعاء به مدعين انه بدعة !!..وهل يمكن لدعاء إلى الله تعالى..أن يكون بدعة.. وحرام؟!! هؤلاء "المُبَدّعِين".. يخلطون بين ماهو بدعة وماهو سُنَّة حسنة.. "مبتدعين " تفسيرات خاصة لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " إياكم ومحدثات الأمور.. فإن كل محدثةٍ بدعة.. وكل بدعةٍ ضلالة وكل ضلالة فى النار" و " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد "! فأدعوا أنها تنهى عن التعبد لله تعالى بما لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم وخُلفاؤه الراشدون سواء كان أحكاما أوأدعية وأذكاراً أوصلوات !..هكذا!.. بالرغم مما يزخر به تراثنا قديما وحديثا من سنن حسنة استنها المسلمون ومدحها رسولنا عليه الصلاة والسلام.. بل وفعلها!..منها عندما جاءه جماعة من الفقراء فحث الناس على الصدقة.. فأتى أحدهم بطعام وملابس ففعل مثله الناس..فتهلل وجهه الكريم وقال " من سن فى الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة..ومن سن فى الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ".
فرق كبير بين السُنَّة الحسنة وبين البدعة والضلالة .. فالسُنَّة هى طريقة أوفعل جديد لم يأت به أحد من قبل..يبدأ به شخص أوجماعة ثم يقتدى به آخرون . والمعيار الأساسى الذى يميز السُنَّة الحسنة عن السُنَّة السيئة والبدع المحدثة والضلالة هو اتفاقه مع القرآن والسُنَّة من عدمه..وليس فعل الرسول والخلفاء له..وإلا كان إحياءا لسنتهم ! فليس كل جديد بدعة بل انه صلى الله عليه وسلم يقول " إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها ".
ومن أمثلة السنن الحسنة التى لم يفعلها رسول الله ولا خلفاؤه .. صلاة بلال مؤذن الرسول ركعتين بعد كل وضوء.. ودعاء احدهم"سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم" فقال المصطفى " إن الملائكة عجزت أن تكتب أجرها " وعندما قال رجل خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الصلاة عند الرفع من الركوع " رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ..حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ " فقَالَ "رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا..أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُُ" ودعا الرسول بمثله ! أما بعد عهد الخلفاء فأستن المصريون تسبيحات العيد بعد كل صلاة واقرها الشافعى . وفى عصرنا نجد مقتدون بدعاء الشيخ الشعراوى للاستعاذة من السحر.فهل كل هؤلاء مبتدعون ضالون فى النار؟!! للأسف فقد شاع بيننا من يبدع ويضلل كل من لا يتبع مذهبه وفكره هو ولايدرى أن تحريم الحلال لايقل حرمة عن تحليل الحرام " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ "!
ومن السنن الحسنة فى عصرنا التى لها اصل فى الدين ويُبَدِّعُها هؤلاء..الاجتماع لختم القرآن وحلقات ذكرالله والاحتفال بمولد المصطفى رسول الله وعيد الأم . أما دعاء آخر السنة الهجرية – وهو لأحد الصالحين من أئمة الحرم المكى - فموعده من مغرب اليوم الخميس (ليلة 30 ذو الحجة) حتى مغرب غد الجمعة .. حيث تبدأ ليلة الأول من محرم فيدعى بدعاء أول السنة.. ويصادف أن ليلتى أول وآخر السنة هذا العام توافقان ليلتى الخميس والجمعة وهما من الليالى المباركة اللذان ورد فى فضلهما الكثير من الأحاديث . ويفضل ترديد كل دعاء ثلاث مرات. دعاء آخر السنة اللهم ما عملت فى هذه السنة مما نهيتنى عنه فلم أتب منه ولم ترضه ونسيته ولم تنسه وحلمت علىّ وحلمت مع قدرتك على عقوبتى ودعوتنى الى التوبة بعد جرأتى على معصيتك فإنى استغفرك فاغفرلى.وما عملت فيها مما ترضاه ووعدتنى عليه الثواب فأسألك اللهم يا كريم ياذا الجلال والإكرام ان تتقبله منى ولا تقطع رجائى منك يا كريم وصل الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم دعاء أوّل السنة اللهم أنت الأبدي القديم الأول وعلى فضلك العظيم وكريم جودك المعول وهذا عام جديد قد أقبل أسألك العصمة فيه من الشيطان وأوليائه والعون على هذه النفس الأمّارة بالسوء والاشتغال بما يقرّبني إليك زُلفى يا ذا الجلال والإكرام.وصلى اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. [email protected] لمزيد من مقالات مايسة عبد الرحمن