بوتين: زيادة المدفوعات بالعملات الوطنية يقلل من المخاطر الجيوسياسية    الزمالك يعلن رسميا المشاركة فى نهائي السوبر المصري    افتتاح مقر جديد ل «الجوازات» بالمجمع الأمني في القاهرة الجديدة    تعامد الشمس على معبد أبوسمبل| ظاهرة فلكية مدهشة تجذب آلاف السياح    بعد «برغم القانون».. محمد القس: لهذا السبب أبتعد عن دراما رمضان 2025| حوار    دَخْلَكْ يا طير «السنوار»!    البورصات الأوروبية تغلق منخفضة مع ترقب تحركات الفائدة    لياو يقود تشكيل ميلان ضد كلوب بروج في دوري أبطال أوروبا    350 ألف غرامة| إيقاف حارس الأهلي السابق 4 أشهر    وزارة المالية تعلن موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2024 للعاملين بالدولة    «دفاع النواب» توافق على مشروع قانون «لجوء الأجانب».. وإنشاء لجنة دائمة تتبع مجلس الوزراء    حابس الشروف: مقتل قائد اللواء 401 أثر في نفسية جنود الاحتلال الإسرائيلي    فيلم "المستريحة" ينهي 90% من مشاهد التصوير    نتنياهو: بحثت مع بلينكن ضرورة وحدة الصف فى مواجهة التهديد الإيرانى    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الصبر أهم مفاتيح تربية الأبناء والتخلص من القلق    فساد تطعيمات السحائى لطلاب المدارس؟.. "الصحة" ترد علي الفيديو المتداول    بلاغ للنائب العام.. أول رد من الصحة على مروجي فيديو فساد التطعيمات    منافس بيراميدز - بعد تعادلين في الدوري.. الترجي يعلن رحيل مدربه البرتغالي    أمين الفتوى: النية الصادقة تفتح أبواب الرحمة والبركة في الأبناء    قطار صحافة الدقهلية وصل إدارة الجمالية التعليمية لتقييم مسابقتى البرنامج والحديث الإذاعى    إعادة تنظيم ضوابط توريق الحقوق المالية الناشئة عن مزاولة التمويل غير المصرفي    صفة ملابس الإحرام للرجل والمرأة.. تعرف عليها    باحث سياسي: الاحتلال أرجع غزة عشرات السنوات للوراء    محافظ أسوان يتفقد مشروع إنشاء قصر الثقافة الجديد في أبو سمبل    صور من كواليس مسلسل "وتر حساس" قبل عرضه على شاشة "ON"    هبة عوف: خراب بيوت كثيرة بسبب فهم خاطئ لأحكام الشرع    صلاح البجيرمي يكتب: الشعب وانتصارات أكتوبر 73    وصول عدد من الخيول المشتركة فى بطولة مصر الدولية للفروسية    مساعد وزير الصحة: تنفيذ شراكات ناجحة مع منظمات المجتمع المدني في مختلف المحافظات    النائب العام يلتقي نظيره الإسباني لبحث التعاون المشترك    أزمة نفسية تدفع سائقا للقفز في مياه النيل بالوراق    ولى العهد السعودى وملك الأردن يبحثان تطورات الأوضاع بمنطقة الشرق الأوسط    ظل كلوب يخيم على مواجهة ليفربول ولايبزيج    بعد تصريحات السيسي.. الحكومة تطلب من "صندوق النقد" مد أجل تنفيذ إصلاحات البرنامج الاقتصادي    غادة عبدالرحيم: الاستثمار في بناء الإنسان وتعزيز الابتكار أهم ما تناولته جلسات مؤتمر السكان    «سترة نجاة ذكية وإنذار مبكر بالكوارث».. طالبان بجامعة حلوان يتفوقان في مسابقة دبي    وزير التعليم العالي: بنك المعرفة ساهم في تقدم مصر 12 مركزًا على مؤشر «Scimago»    ذوي الهمم في عيون الجامع الأزهر.. حلقة جديدة من اللقاء الفقهي الأسبوعي    بعد التحرش بطالبات مدرسة.. رسالة مهمة من النيابة الإدارية للطالبات (تفاصيل)    «القومي للطفولة والأمومة»: السجن 10 سنوات عقوبة المشاركة في جريمة ختان الإناث    مقابل 3 ملايين جنيه.. أسرة الشوبكي تتصالح رسميا مع أحمد فتوح    وزيرة التضامن ب«المؤتمر العالمي للسكان»: لدينا برامج وسياسات قوية لرعاية كبار السن    السجن المشدد 6 سنوات ل عامل يتاجر فى المخدرات بأسيوط    رئيس "نقل النواب" يستعرض مشروع قانون إنشاء ميناء جاف جديد بالعاشر من رمضان    كوريا الشمالية تنفي إرسال قوات لروسيا لمساعدتها في حربها ضد أوكرانيا    حقيقة إلغاء حفل مي فاروق بمهرجان الموسيقي العربية في دورته ال32    فيفي عبده تتصدر تريند جوجل بسبب فيديو دعم فلسطين ( شاهد )    حيلة ذكية من هاريس لكسر ترامب في سباق الرئاسة الأمريكية.. النساء كلمة السر    الريان ضد الأهلي.. الراقى يحقق أقوى انطلاقة آسيوية بالعلامة الكاملة    الرئيس الإندونيسي يستقبل الأزهري ويشيد بالعلاقات التاريخية بين البلدين    الاعتماد والرقابة الصحية تنظم ورشة عمل للتعريف بمعايير السلامة لوحدات ومراكز الرعاية الأولية    وزير الزراعة يطلق مشروع إطار الإدارة المستدامة للمبيدات في مصر    نائب وزير المالية: «الإطار الموازني متوسط المدى» أحد الإصلاحات الجادة فى إدارة المالية العامة    انعقاد مجلس التعليم والطلاب بجامعة قناة السويس    تفاصيل جلسة حسين لبيب مع رئيس اتحاد الكرة بشأن نهائي كأس السوبر المصري    مواعيد صرف مرتبات أكتوبر، نوفمبر، وديسمبر 2024 لموظفي الجهاز الإداري للدولة    مصرع طفل سقط من الطابق الثانى بمنزله بالشرقية    «إنت مش مارادونا».. مدحت شلبي يهاجم نجم الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«العقاب الجسيم» سر منع اسرائيل من مهاجمة مصر
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 10 - 2014

فى كل خطوة نسير فيها فى طريق النصر لا نسترجع فقط قصص وشهادات لبطولات حفرت داخل التاريخ العسكرى ، لكننا نستلهم ملامح المستقبل ونستشرف رؤى الواقع الذى نعيش فيه ونحلل خيوطه..
وببساطة مغلفة بالخبرة الاستراتيجية فتح لنا قلبه وذكرياته اللواء دكتور محمود خلف مستشار رئيس أكاديمية ناصر العسكرية العليا، ليقدم لنا تنظيرا استراتيجيا أكاديميا مغلفا بتجربته الشخصية الانسانية كبطل من أبطال أكتوبر ، دروس يراها تتكرر محصلة التاريخ الذى عاشه ضابطا مقاتلا وقائدا ومعلما .
رسالتها الأساسية أن جيش مصر هو نموذج لرحلة "الدولة الوطنية" ، منذ انشاؤه على يد محمد على مؤسس الدولة المصرية الحديثة عام 1811 ، حتى اعادة احياؤها على يد الرئيس عبد الفتاح السيسى ، الذى يرى فيه "خلف "امتدادا لذات المدرسة المبدعة .
اسمحوا لى أن اترك للقارئ تفاصيل الحوار مع اللواء دكتور محمود خلف صاحب التاريخ العسكرى الكبير فهو رئيس أركان الجيش الثانى الميدانى الأسبق وكبير ياوران وقائد الحرس الجمهورى فى عهد مبارك، تولى منصب محافظ الأقصر، ليكون حديثه مزيج من السياسة والعسكرية فى قصة نصر لأكبر جيوش المنطقة ، وماذا يعنى بقوة الردع الوطنية الكامنة فى الشخصية المصرية و استعراض القوة ، ولماذا يثق أن اسرائيل لن تحاول اقتحام سيناء من جديد وما حقيقة تشكيل جيش عربى موحد و رسالة "مسافة السكة "التى أرسلها السيسى لتأمين دول الخليج ..ما هى الحرب السوداء التى نتعرض لها وكيف نسلح شبابنا ضد الشائعات.

عندما نقول نصر أكتوبر العظيم ، أين يكمن الاعجاز وسر التفوق؟
يقول اللواء خلف بداية الحكاية قاعدة استراتيجية بسيطة ، "ادرس أسباب فشلك لتتمكن من النجاح"، وهذا ما حدث بعد هزيمة 1967 ، فحين اجتمع الرئيس جمال عبد الناصر فى القاعدة الجوية بألماظة بضباطه فى أغسطس بعد مرور شهر واحد على النكسة ، وطلب أن يكون من ضمن الحضور عدد من الضباط الأصاغر الذين شهدوا الانسحاب من سيناء ، وخلال اللقاء حضرت كملازم محمود خلف ضمن 200 من الضباط وجلس ليرى عبد الناصر المبهر الأسطورى ، لأول مرة مباشرة عن قرب ، وقال كلمات ظلت تتردد على مسامعى لليوم "أعرف أنكم دافعتم عن تراب الوطن وأعرف أنكم لم تخوضوا الاختبار العملى للحرب ستثبتون للعدو من أنتم ، قولوا لزمايلكم سنعود وسنرجع لسيناء وما استرد بالقوة لا يسترجع الا بالقوة ."
وكانت هذه هى الاشكالية التى تدور بداخلى وحلها عبد الناصر ببساطة، فقد كنت فى مايو 67 عائدا للتو من حرب خمس سنوات فى حرب اليمن فى العشرينات من عمرى ، وكنا نتخيل اننا ذاهبون لنزهة فى سيناء ، كنت عند طابا وجاءت لنا أوامر لنتحرك اول يونية لكن خلال 5أيام كنا فى فوضى عارمة ورأيت الجيش يتداخل فى بعضه ،عدنا عشرين فرد من كتيبة تقدر ب500 فرد ، رأينا طلبة كلية الطيران الاسرائيلى يطلقون علينا النيران ، وعندما وصلت يوم 10 يونية الى جسر الفرسان كان خلفى 270 كيلومتر هم عمق سيناء قد تلاشوا ، ورأيت لأول مرة العلم الاسرائيلى على الضفة الشرقية للقناة .
هذا المشهد أعاد لى صورة العلم البريطانى الذى صدمت به على نفس النقطة فى طفولتى ، حيث أخذنى والدى فى رحلة مقصودة منه، تسببت فى اصرارى ان أكون ضابطا فى الجيش المصرى لأحرر وطنى ، ذهبنا فى زيارة لعمى فى الأدبية بالسويس وكان عمرى لم يتجاوز السادسة ومن طنطا انطلقنا ، لنمر على معسكرات الانجليز ونذوق مرارة الاهانة من تفتيش اللجان الانجليزية ولأصطدم بعلم غير العلم المصرى الأخضر على شط القناة ، عند نقطة شرطة كسفريت التى رأيتها مرة اخرى عند انسحابنا شراذم فى 67 ، ثم لأعود اليها بعد نصر أكتوبر بسنوات رئيسا لأركان الجيش الثانى ، شريط الذكريات الذى أعاده لى كان الاحتفال الأسطورى للاعلان عن قناة السويس الجديدة التى شؤرفت بدعوة كريمة من الرئاسى لحضورها..فى هذا اليوم حققنا نصر جديد ، الطائرات مزينة بأعلام القوةات المسلحة بأسلحتها المختلفة ، أصوات الغناء تعلو ، البوارج تطلق صافراتها ابتهاجا ، لم أتخيل أن أعيش هذا اليوم الكرنفالى على شط القناة لتدشين مشروع عملاق ، وهذا ما يجعلنى أقول أن السيسى هو محمد على الجديد...
من نفس المنظور كيف رأيت قرار بناء قناة جديدة كبداية لمشروع تنمية قناة السويس؟
هدف انشاء قناة السويس الجديدة و خلال عام واحد ، تحدى من الرئيس ليس هدفه اقتصادى فى المقام الأول ، لكن رسالة للشباب المصرى ، نحن نستطيع أن نفعل أى شئ بالارادة الوطنية ، التصميم مصرى والتنفيذ مصرى والتمويل مصرى مائة فى المائة ، اذن لا شئ مستحيل ولن يقف شئ أمامنا ..وكل شئ ممكن اذا اجتمعت الا رادة المصرية، يكون كل شئ ممكن، تنمية سيناء ، استصلاح أراضى ، انشاء محافظات جديدة وامتداد بحرى للمحافظات القديمة.
هذه هى قوة المصريين وسلاحهم الحقيقى فى ارادتهم الوطنية ، هى التى انتصرنا بها فى أكتوبر وهى التى خلصتنا من حكم الاخوان بعد عام واحد وهى الآن من تطلق قوافل التنمية والعمران .
لكن هناك من يرى أن قرار توسيع الحيز الجغرافى للمحافظات القديمة للساحل سينقل العشوائية للمدن الساحلية ؟
لا ليس صحيح ، فهذا القرار طالبت به منذ أن كنت محافظا للأقصر عام 92 ، فمن غير المعقول ان نعيش على نفس مساحة الرقعة التى عاش عليها الفراعنة بما لا يتجاوز 8% من مساحة مصر ، وما دامت الدولة ستقيم الطرق وتحدد مسارات ادارية سنجد ان القطاع الخاص والمستثمرين هم من سيقبلوا على انشاء المدن ويعملوا على اعمار والاستفادة من الطرق الجديدة وخلق فرص عمل .
هل اعادك مشهد انشاء القناة لمشهد العبورفى حرب اكتوبر ؟
طبعا هذا هو العبور الجديد لمصر الحديثة ، نفس مفاجأة حرب أكتوبر ، ونفس الاعداد التخطيط ونفس الانجاز ، فى 73 كنا قد وصلنا بالتدريب "لحالة المقاتل المتكامل" ،عزفنا أروع السيمفونيات خلال حرب الاستنزاف التى تدرس فى كافة أكاديميات العالم ،الآن نحن من ندرس لهم الخطط والاستراتيجيات ، وكانت الاعداد الحقيقى لمعرفة كل كبيرة وصغيرة عن العدو ونقاط ضعفه التى اكتشفنا انها كثيرة، ولنقاط قوتنا التى بدات تزداد.. الحالة التى استمرت داخل كل فرد من الجيش المصرى للأن ، انعدم الفاصل بين الحياة والموت ، كلنا على استعداد للموت فى أى لحظة ،الانفجار فقط يهزك لكنه لا يخيفك ،المهم "تراب الوطن" ، قضينا على الخوف من الموت فى العقلية العسكرية ، وهو ما نراه اليوم من الجندى والضابط والصف يرفضون النقل من وحداتهم عند حدوث اصابة او استشهاد لزملاؤهم ويفضلون الثأر للوطن.
كيف نجحت خطة الخداع والاستفادة من الحرب النفسية فى أكتوبر ؟
استطاعت القوات المسلحة والقيادة السياسية اقناع اليهود اقناعا تاما بأن الجيش المصرى هو جيش من الريفين البسطاء ليس فى استطاعته أو بمقدوره شن حرب شاملة لتحرير سيناء، ولكنه يمكن أن يقوم بمناوشات للتأثير على المعنويات فقط، وأعطت القوات المسلحة للعدو من المظاهر التى تؤكد له صحة التقارير بان مصر لن تحارب قبل 30 عاما، حيث قامت القوات المسلحه بتنفيذ مشروع تدريب 5 مرات تم خلالها استدعاء قوات الاحتياط لمدة 3 أسابيع ثم يتم اعادتها، حتى كانت اسرائيل على قناعه تامه بأن كلام الرئيس السادات عن الحرب مجرد تهريج ورفع لمعنويات الشعب المصرى، وكان الجنود يقومون بصيد الأسماك على الشواطئ ووصل هذا الى مداه حتى أن عددا كبيرا من الجنود كانوا يمارسون الرياضة والألعاب على الجبهة حتى قبل قيام الحرب ب90 دقيقة، حتى الساعة الثانية عشرة ظهرا كنت اعد نفسى لجازة وفجاة تسلمت الأعلام التى سأعبر بها ، لأن القوات المسلحة وصلت الى قناعة بأن تحقيق عنصر المفاجأة سوف يشل تفكير العدو ويفقده القدرة على المواجهة.
فى هذا اليوم كنت مكلفا بالعبور بقوات الصاعقة عند شمال الاسماعيلية ، نفس النقطة التى حدثتك عنها وتكرار مشهد العلم الانجليزى ثم الاسرائيلى ، المهمة اختراق خط بارليف والعبور لعمق 15 كيلومتر لتدمير الدبابات حتى لا تصل للقناة، للاستفادة قدر الامكان من المفاجاة قبل وصول الاحتياطى الاسرائيلى ، نجحنا بصورة مبهرة، لم نترك فى اللواء المدرع الاسرائيلى صامولة واحدة، كان نجاح باهر..لم نشعر بانفسنا الا الحادية عشرة مساءا عندما وصل لنا التعيين بالافطار ظللنا صائمين حتى منتصف الليل ولا نشعر ...وكان أحلى افطار .
كان انهيار خط بارليف بداية انهيار الجيش الذى لا يقهر .. حدثنا عن عبقرية العسكرية المصرية امام أكبر ساتر ترابى صناعى فى تاريخ الحروب؟
خط بارليف المنيع الذى يعد أكبر ساتر ترابى صناعى فى التاريخ الذى تكلف انشاؤه 5 مليارات دولار بأسعار ذلك الزمان انهار فى 6 ساعات فقط، وهذا يمثل اعجازا وانجازا حققه الجيش المصرى فى زمن قياسى، وهذا لم يكن ليتم الا بالعمل والترتيب الدقيق لنحو نصف مليون مقاتل يعملون فى تناغم منتظم ، حيث استطاعت عبقرية سلاح المهندسين العسكريين التفوق على القوة الغاشمة للعدو، فأغقلت فتحات «النبالم» قبل الحرب مباشرة واستخدمت المياه فى مواجهة الخط الذى انهار أمام العبقرية المصرية، وللحقيقة فقد حققت الضربة الجوية نتائج مذهلة حيث دمرت خطوط الدفاع الأمامية للعدو وحققت إنجازًا كبيرًا تمثل فى تدمير شبكات الاتصال للعدو، وبالتالى أصبحت اسرائيل لا تعرف ماذا يحدث فى سيناء وعلى الجبهة الشرقية للقناة وظلت لمدة 24 ساعة لا تعرف ماذا حدث، لدرجة ان موشى ديان كان موجود على الجبهة صباح يوم 6 اكتوبر وزار النقاط وانصرف معتقداً أن كل شئ على ما يرام ومصر لن تحارب كالعادة، وبعد 24 ساعة كان يصرخ بعد أن علم بحجم الخسائر فى صفوف الجيش الإسرائيلى
حدثتنا ان السيسى تحدى بعام واحد لافتتاح القناة ، فحدثنا عن أهمية عامل الوقت فى نصر أكتوبر؟
فى تمام الساعة ال8 من مساء يوم 6 أكتوبر كانت الدبابات تعبر القناة واندفعت القوات نحو الجبهة الشرقية لتحرير سيناء، وكان عامل الوقت مهمًا للغاية وحاسم فى المعركة لأننا كنا على يقين بأن الولايات المتحدة سوف تدعم الجيش الإسرائيلى، وهذا ما حدث بالفعل فى يوم 12 اكتوبر، وعلينا أن نراجع مذكرات قادة الجيش الإسرائيلى لنعرف ما حدث فى حرب أكتوبر، وعلينا ألا ننشغل ببعض التفاصيل التى لن تقدم جديداً فالحرب بها كل شئ وكل طرف يخطط، ومصر عندما قامت بالحرب لم تكن تريد مواجهة الولايات المتحدة ولكن لإعادة الأرض، فمثلا كسنجر قال خلال لقائه يوم 4 اكتوبر مع أحد القادة العسكريين المصريين أنتم المهزمون والمهزوم لا يفاوض بمنطق القوة، ولكن عنصر المفاجأة أذهل الجميع بمن فيهم الأمريكان والغرب، لدرجة أن كيسنجر استيقظ من نومه على خبر قيام الحرب وعبور القوات المصرية الجبهة الشرقية للقناة...مثلما استيقظ أوباما على قرار 30 يونية وثورة شعبية عظيمة بحماية جيش وطنى قوى ..دمر أحلام الأمريكان فى ولاية اخوانية تنفذ خططهم.
لقوات المسلحة المصرية تحظى باحترام جميع دول العالم لما حققته فى حرب اكتوبر، فالجميع بما فيها الدول الكبرى تعرف وتقدر حجم وقدرات القوات المسلحة المصرية، وعندما صنفت القوات المسلحة المصرية فى المرتبة الثالثة عشر لأقوى جيش فى العالم ليس من فراغ ولكن لأن القوات المسلحة تصنف كأكبر قوة مسلحة فى الشرق الوسط وبأقل ميزانية تقدر الآن بنحو 4.4 مليار ،بينما فى البرازيل الدولة التى تلينا فى الترتيب العسكرى ميزانية الجيش فيها 30 مليار ، فى اسرائيل ميزانية الجيش 18 مليار ..لذلك نقول أن قواتنا المسلحة فخر بلادنا.
يدور حديث الآن عن تكتلات وحروب جديدة فى المنطقة لمحاربة داعش او غيره ماذا عن أهمية الدور العربى فى حرب 73 وهل نستطيع الآن أن نكرره و نتحدث عن جيش عربى موحد او كيان دفاعى مشترك؟
الدور العربى فى 73 باهر، ولا يستطيع أحد إنكار هذا الدور سواء فى الدعم العسكرى أو المساندة السياسة، لأن حصيلة النصر العسكرى كان يمكن أن تضيع اذا لم يكن لديك تفاوض سياسى بضغوط ودعم متميز، لأن الحرب تبدأ بالسياسة وتنتهى بالسياسة وميدان الدبلوماسية لعبة أطراف، والدور السعودى والإماراتى ودول الخليج كان دوراً هاماً للغاية فى مسار الحرب والتفاوض سياسيا واقتصاديا ، وفى 30 يونيه ظهر الدور العربى فى دعم مصر من السعودية والامارات والكويت ودول الخليج وكل التحية والتقدير للعرب ..لكنى لا أستطيع أن أتحدث عن مشاركة عسكرية فى حرب أكتوبر لأنها كانت رمزية سواء من الجزائر أو ليبيا ..لكن الحديث عن جيش عربى موحد امر غير وارد ..أصلا البعد الجغرافى يجعل التهديدات على كل منطقة مختلفة ، ولكن من الممكن أن تكون هناك تحالفات محدودة لدول متجاورة ، والتعاون العسكرى والتدريبى ورفع الكفاءة القتالية للجيوش العربية بالاستفادة من خبرات متبادلة فى مجالات الأمن والدفاع وهذا الشكل من التعاون موجود وقائم وستتزايد خلال المرحلة المقبلة.
ووجودنا فى أى محفل لمحاربة الارهاب أو فى أى دولة حتى لو لم نتفق معها فى الخطط أمر هام لننا دولة كبرى وهامة فى المنطقة ويجب أن نظل على اطلاع بكل الأحداث ونكون فاعلين فيها .
لكن القوات المسلحة أنشات قوات للتدخل السريع المحمولة جوا ، والسيسى قال اذا حدث تهديد لأى دولة عربية "مسافة السكة "..فكيف يمكن تطبيق ذلك؟
لنفهمها يجب أن نحلل بصورة استراتيجية علمية ، عندما تحدد الخليج يعتبر استراتيجيا "مغريا للعدوان" خاصة من قبل إيران، وأى عمل عسكرى يحسب من جانب المكسب والخسارة ، نفترض نظريا أننى سأنفق 100 مليون سأحقق مكاسب 10 مليار مثلا.
لكن عندما يقول السيسى مسافة السكة، فى اشارة لتأمين دول الخليج تصبح مصر طرفا فى المعادلة وتصبح دول الخليج ليست هدفا مغريا للعدوان ،بل على العكس مكلفا ، يكون القرار بعدم العدوان لأن مصر أقوى من ايران بعشر مراحل ، استراتيجيا السيسى يقول رسائل لرفع تكلفة العدوان حتى لا يحدث تفكير فيه.
ماذا عن اسرائيل أليست تهديدا محتملا لمصر ؟
الاجابة واضحة ، لا يمكن ان تفكر اسرائيل حاليا فى الهجوم على مصر لسبب واضح، فنحن نعرف أنها لا تحترم اى اتفاق دولى الا مع مصر لأنها تعرف تكلفة عدم الالتزام به ويسمى "العقاب الجسيم" ، هى رسائل تبعثها القوات المسلحة المصرية وهو مفهوم "الردع " اننا لن نسكت على من تسول له نفسه أن يفكر فى الاعتداء على حبة رمل من أرضنا ،وليس اسرائيل فقط اى بلد لا تستطيع لأننا فى ذلك الوقت لن نتوقف عند مجرد رد العدوان ولكن سيكون ردنا أقوى وأخطر على القوة المهددة لنا ونستطيع ..ونقوم بعمل مناورات وتدريبات يتم متابعتها من الدول المختلفة وتصلها تلك الرسالة، نعم نحن نحترم المواثيق والاتفاقات الدولية بيننا وبين اسرائيل ولكن أى خرق من الدولة الأخرى سيكلفها غاليا ....
لكننا نتعرض لتساؤلات لا نجد اجابات عنها والشعب من حقه أن يعرف مثلا حقيقة الموقف فى سيناء لنحافظ عليها ولا تتعرض للضياع بصورة مختلفة؟
رسالتى اننا يجب ألا ننساق وراء الحروب النفسية التى توجه ضد شبابنا ، الوطن يرتفع بسواعد الشرفاء من أبنائه الشجعان وليس الخائفين الذين يتأثرون بالشائعات . وأطالبه بعدم القلق على سيناء لأن القوات المسلحة لن تفرط فى سيناء ولن تقبل بوجود ارهابى واحد على أرضها، لكن الجيش كعادته يعمل فى صمت ولا يتحدث إلا بعد تنفيذ المهام، ويحافظ على السرية لنجاح المهام.
والقوات المسلحة تتواجد على ارض سيناء بقوة ليست مسبوقة منذ حرب 73، عندنا نحو 25 ألف من القوات وعربات ومدرعات بل وطائرات فى المنطقة "ج "، والمشكله الحقيقية فى ان الشعب يريد معرفة ما يحدث أولاً بأول ولكن القوات المسلحة تخوض حرباً ضد الإرهاب بتفويض شعبى وسوف تحقق الانتصار خلال فترة وجيزه ولكنها تراعى الحفاظ على الأرواح وإنجاز المهام بأقل الخسائر وفى سرية تحافظ على نجاح عمليات القبض على الارهابيين والقضاء علي الرؤوس المدبرة .
ويجب أن يدركوا أن الكلمة هى السلاح الرئيسى فى الحرب النفسية .. بهدف التشويش لاضعاف القدرة على الحكم الصحيح على الاشياء .. فيعد اهم تكتيكات تلك "الحرب السوداء" هو التضليل باستخدام المعلومات المغلوطةDisinformation -هو اصطلاح يستخدم فى الحرب النفسية وفنون خداع الرأى العام .. مع هذا الفيضان المغرق فى المعلومات واستخدام سحر الكلمة المطبوعة والصورة المنتجة لتثبيت او طرد فكرة .. وعدم التركيز للمتلقى او عدم علمة بتقنية التضليل..( راجع مثال فكرة الاعلانات التجارية حيث المنتجعات على البحار وهى ليست موجودة اصلا )..ونقع جميعا فى مصيدة التضليل .ونروج لها دون ان ندرى .. وتزداد المشكلة حينما تظهر معلومة مغلوطة عكس المعلومة الاولى يساهم فيها بقصد او دون قصد المنافسة الاعلامية .واسياسية . وبقصد تحقيق منافع متعددة ..نقع فى الاسواء وهو” شرك الانقسام” مابين مؤيد ومعارض دون ان يتبينوا ان كلاهما على خطأ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.