انظروا حولكم لتتأكدوا من المخطط الرهيب الذي يستهدف تفتيت مصر والمنطقة فالاستفتاء الذي يطالب به حاليا الأكراد ما هو في واقع الأمر إلا بداية كارثية لتقسيم العراق إلى دويلات متناحرة تبدأ بدولة كردية تتسع بعد ذلك لتشمل أراضي في سوريا يعيش عليها الأكراد وأخرى في الأردن يعيش عليها نفس أبناء العرق» . هذه الكلمات للرئيس عبد الفتاح السيسى خلال لقاءاته مع رؤساء تحرير الصحف. واستشهد الرئيس في ذلك بما يتداول في الغرب بتقادم معاهدة «سايكس بيكو» لمرور 100 عام على تنفيذها وضرورة استبدالها بسايكس بيكو جديدة يتم من خلالها تقسيم المنطقة بشكل مختلف يقوم على أسس دينية وعقائدية وعرقية. وأوضح أن المخطط الجديد كان يستهدف إخضاع مصر لسلطة « داعش » ، وأنه حذر الولاياتالمتحدة وأوروبا من تقديم أى دعم لهم، مؤكدا على أن هذه الجماعات المسلحة المرتزقة ستخرج من سوريا لتستهدف العراق ثم الأردن ثم السعودية . وعاد الرئيس ليؤكد منذ عدة أيام خلال لقائه برؤساء الكنائس على أن حرية العقيدة والعبادة مكفولة لجميع أبناء الوطن. وأن ما يمر به محيطنا الإقليمى يعد دليلا دامغا على ضرورة أن نحصن أنفسنا كمصريين ببناء مادى ومعنوى وإنسانى فى غاية القوة، ليحمى مجتمعنا من أى محاولات لتقسيمه والتفريق بين أبنائه الذين عاشوا جميعا كوحدة واحدة لآلاف السنين. وأن مصر كانت وستظل واحة أمان واستقرار ومحبة لجميع الأديان السماوية. ومع التجدد المستمر للمشاريع الغربية لتفكيك المنطقة باستهداف الأقليات لتنفيذ هذا المخطط أصبح المسيحيون فى الدول العربية خاصة العراقوسوريا فى بؤرة الخطريتعرضون للتهجير على يد مجموعات متطرفة تدعى الانتماء للدين، بينما هى فى الواقع تخدم أجندات معادية للأمة العربية التى كان يكمن سر قوتها وجمالها فى التعايش والإخاء الدينى القائم منذ عقود بين المسيحيين والمسلمين. فعندما نذكر التاريخ المسيحى يتداعى إلى مخيلتنا فورا صورة المشرق العربى «الأرض المقدسة»، لأن المسيحية لم تأتنا من روما أو القسطنطينية، وإنما انطلقت من فلسطين ومصر وسورياوالعراق. وكما يرى عدد كبير من المحللين الغربيين إن “سايكس بيكو جديدة” فى الشرق الأوسط هى الحل الذى سينقذ أمريكا من ورطتها المتفاقمة في العراق وترددها في سوريا. ورسمَ ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية الأمريكى صورة للعراق المفكك قائلا: إن إيران ستهيمن على محافظات الجنوب، ومنطقة كردية مستقلة في الشمال، والتنافس على مدن الشمال الغربي وبغداد سيكون بين المتشددين السنة “داعش” وقوى أخرى. وان تقسيم سوريا سيكون هو أيضا الحل لإنهاء تردد أمريكا حيال الوضع هناك. وكما يقول هاس: مع مرور الأيام تقلصت قدرة المعتدلين على الصمود وتزايد نفوذ المتطرفين ، إلى أن وصلت خريطة توازنات القوى في العراق وبلاد الشام إلى ما نراه اليوم، ووصل الشرق الأوسط إلى النقطة المعتمة التي يعيشها، منذ قرار الولاياتالمتحدة احتلال العراق وإسقاط نظام الرئيس صدام حسين، وما تلاه من سياسات عززت الطائفية بدلا من الهوية الوطنية، وترك إيران تدير الميليشيات الطائفية في العراق دون أى قيود. ويحمل الجميع الولاياتالمتحدة وحلفاءها المسئولية المباشرة عن تهجير المسيحيين، فمن أين يأتى الدعم والتمويل الذى تتلقاه هذه الجماعات المتطرفة؟والهدف من «داعش» وغيرها من المنظمات الإرهابية المتطرفة التى تدعى أنها تمثل الإسلام، هو تشويه صورته وأرسلت إلى المنطقة العربية لهذا الغرض، ولكى يتخلص من الغرب من المتطرفين لديه بإرسال هؤلاء للقتال فى الدول العربية ، مما يدفع المسيحيين فى الشرق إلى الهجرة غربا. ومع استمرار تغذية الخلافات والاقتتال بين باقى العرقيات والطوائف يعاد تقسيم المنطقة وتتحول إلى كيانات صغيرة هشة قائمة على أساس عرقى مما يسهل السيطرة عليها ويضمن سلامة إسرائيل وحماية المصالح الأمريكية فى المنطقة. ولكن مصر ستظل دائما نموذجا متفردا للتعايش وجاء تدخل الجيش يوم 30 يونيو 2013 ليحمى مصر من أى مخططات خارجية لتقسيمها ويحافظ على نسيجها الوطنى وتعدديتها التى ميزتها على مدى التاريخ .