إعانة البطالة التي يطالب بها بعض الكتاب والاقتصاديين والبرلمانيين وأصحاب الرأي في مصر ليست بدعة أو تقليعة جديدة.. فكثير من الحكومات الدولية تمنحها للعاملين فيها وبخاصة الشباب منهم. وعلي قدر أهمية هذه القضية يكون النقاش ضروريا حول مدي إمكانية اقرارها وتحمل ميزانية الدولة لها وتنفيذ مقترحها في ظل الظروف الراهنة. بداية يقر الدكتور رشاد عبده الخبير الاقتصادي الدولي انه يتمني أن تمنح إعانة البطالة للعاطلين فيها من الشباب وغيرهم ممن لم توفر الدولة عملا لهم.. فمن حق الدولة علي المواطن أن توفر له حياة كريمة إما بإيجاد فرصة عمل له وبراتب يكفيه نفقاته ويسمح له بالادخار من راتبه واما بمنحه إعانة بطالة بحيث لا يكون في حاجة إلي مد يديه إلي الآخرين أيا كانوا أفرادا أم مؤسسات أو غير ذلك. وأشار د.عبده إلي أن إعانة البطالة لا تتحقق بالأماني وانما يحتاج الأمر إلي دراسة ومعرفة من أين يأتي تمويل هذا البند في ميزانية الدولة في ظل معاناة الدولة من عجز في موازنتها هذا العام الذي وصل إلي حوالي081 مليار جنيه بالإضافة إلي مديونية تصل إلي أكثر من ألف و300 مليار جنيه من أجل ذلك لابد أن يتم دراسة هذا الأمر وكيفية توفيره من حيث التكلفة والتمويل؟!!. من أجل ذلك أري والكلام مازال ل د.رشاد عبده أن الحكومة في الوقت الراهن لن تكون قادرة علي تنفيذ مثل هذا الاقتراح أو المطلب, وإن كان بعض المرشحين المحتملين للرئاسة طرحوه في برنامجهم طمعا في الحصول علي أصوات الشباب, لكن سرعان ما سوف يلغيها أو يتراجع عنها بمجرد فوزه بكرسي الرئاسة متحججا بعجز وعدم قدرة الميزانية علي الوفاء بإعانة البطالة نظرا لزيادة المديونية والنقص الشديد في الموارد وغير ذلك. ويري د.عبده أن الحل هو أن توفر الحكومة بشكل مباشر أو غير مباشر فرص عمل لابنائها, مباشر بأن تتبني مجموعة من الشركات خلق فرص عمل للعاطلين والتوسع في برامج البنية الأساسية من التعليم والصحة بما يخلق فرص عمل كثيفة لابنائها, وغير المباشر من خلال تهيئة المناخ الاستثماري الجاذب للاستثمارات المحلية والعربية والأجنبية واصدار مجموعة من التشريعات والقوانين الكفيلة والضامنة لذلك وهذا يسمح بإنشاء شركات استثمارية جديدة وتوفير فرص عمل يعمل فيها العاطلون وبذلك لا تكون الدولة مطالبة بمنح إعانة بطالة للشباب أو غيرهم. من جانبها أوضحت الدكتورة مني البرادعي عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة سابقا والمدير التنفيذي للمعهد المصرفي بالبنك المركزي المصري أن الوضع الحالي للدولة وميزانيتها لا يسمح مطلقا بأن نعطي إعانة بطالة للعاطلين عن العمل وانه يجب أن نؤكد علي أمر مهم في هذه القضية وهو أنه لا توجد حكومة من الحكومات تعطي إعانة البطالة بشكل مستمر وانما تمنحها بشكل مؤقت حتي تجعل العاطل يبحث عن فرص عمل مناسبة له من الفرص المتاحة أمامه, أما أن يجلس الشاب أو العاطل عن العمل علي أمل أن تمنحه الدولة إعانة بطالة ليعيش منها فهذا أمر غير مقبول لان ذلك يساعد علي زيادة اعداد العاطلين ويقلل الإنتاج في البلاد!! وقالت د.البرادعي إنها لا ترفض منح إعانة البطالة علي طول الخط وانما ترفض الاستمرار في منحها وانه يجب أن تمنح لمن كان في العمل ثم اضطر إلي ترك العمل لظروف المؤسسة التي كان يعمل بها. فلابد أن من يستحق إعانة البطالة أن يكون عاملا ومنتجا في السابق. وتختتم د.مني البرادعي مؤكدة أنه قبل أن نتحدث عن إعانة البطالة من ميزانية تعاني العجز, علينا أولا أن نصلح الاقتصاد ونحسن أوضاعه التي تسيء يوما بعد يوم فلابد أن نقوي اقتصادنا من خلال زيادة الإنتاج والاجتهاد والاتقان في العمل حتي يتوفر لدي الدولة موارد تصرف منها علي إعانة البطالة أو غيرها.