بعد أن باتت الفوضي والبلطجة عنوانا للشارع المصري، وفاحت الجريمة في الطرقات، وسالت دماء الأبرياء علي ذرات الثري لتدهسها الأقدام، وسكن الخوف والفزع قلوب ملايين المواطنين، وتاه الأمان في بلد الأمن.. استيقظت الأجهزة الأمنية بعد السبات في نوم عميق استمر أكثر من ثلاث سنوات، وقررت إعلان الحرب علي البلطجة، والضرب بيد من نار علي المجرمين، ليحتل رجل الشرطة مكانته التي تركها ورحل منذ أعوام، ليتربع علي العرش المسجلون خطر واللصوص وسافكو الدماء. واستعادت الوزارة العريقة عافيتها بعد وعكة دامت سنوات طوالا، وأقسم رجالها أن أهالي مصر لابد أن يدخلوها بسلام آمنين كما وعدهم أبوالأنبياء سيدنا إبراهيم (عليه الصلاة والسلام)، وكانت البداية قوات الانتشار السريع، ثم عسكري الدرك، الذي اعتاد رؤيته أباؤنا وأجدادنا قديما، وكان يرهب القاصي والداني حتي لو تراءي لأي شخص علي بعد مئات الأمتار. وحتي لا تكون تصريحات الوزارة مجرد حبر علي ورق، أو مسكنات لإزالة الوجع والخوف من البلطجة.. طرقنا باب اللواء خالد خيري المسئول عن الإدارة العامة لقوات أمن القاهرة، فقال: إنه تم نشر قوات الانتشار السريع علي جميع المحاور والطرق الرئيسية الطويلة بمحافظة القاهرة، وهذه القوات عبارة عن ضابط وأمين شرطة وثلاثة جنود مسلحين بأحدث ما وصل إليه جهاز الشرطة من أسلحة وبنادق آلية لها مميزات خاصة جدا، حيث يسهل التعامل بها داخل المناطق السكنية المزدحمة، حيث تصل للهدف بسرعة دون تحقيق خسائر بشرية عالية، فهي تختلف عن البنادق الآلية التي تحصد العديد من الأرواح حتي نصل للهدف. بالإضافة إلي أن الضباط المسئولين عن هذه القوات مزودون بتجهيزات فنية عالية للدفاع عن أنفسهم في حالات الاعتداء عليهم من دروع شخصية وقيود حديدية وتسليح شخصي عال، وكذلك تزويد أفراد القوة من الضباط والجنود بزي ولون مختلف عن ضباط الشرطة، حيث يرتدي أفراد القوات بدلا باللون الكحلي مزودة بسترات واقية من الرصاص وخوذ صلبة ضد الرصاص ونظارات لها خاصية »البلورويد«، وهي عدسات ضد الطلقات والخرطوش، بالإضافة إلي تزويد أفراد القوة بسيارات فارهة فائقة السرعة. وأضاف أن كل محور في القاهرة تسير عليه سيارتان من قوات الانتشار السريع تسيران معا لتحقيق الحماية أولا، ومواجهة أي تعامل أو تعد بسرعة وسهولة. وأضاف اللواء خالد خيري أن دور قوات الانتشار السريع مواجهة المواقف الأمنية الصعبة علي الطرق الطويلة والمحاور الرئيسية، والتعامل مع الأحداث في الشارع، وردع أي شخص يحاول التعدي علي منشأة، ومنع السطو المسلح علي البنوك والهيئات الكبري، حيث يتم الدفع بهذه القوات إلي أماكن السطو أو غيرها، وتتعامل في الحال مع المجرمين. ويضيف أ ن الهدف من قوات الانتشار السريع، هو تحقيق الردع المادي والمعنوي في الشارع، ومن واجباتها أيضا الوقوف بجوار المواطن في الشارع، فمثلا لو تعرض شخص للسرقة بالإكراه في الشارع، فعليه أن يبلغ تلك القوات ويرشدهم علي الطريق الذي سلكه المجرم، وبسرعة البرق يتمكنون من الوصول إليه وضبطه. ويضيف أن هذه القوات أيضا تتلقي إرشارات من شرطة النجدة بسرعة التوجه إلي أماكن تتعرض للسطو المسلح والنهب، أو أشخاص يتعرضون للسرقة بالإكراه، حيث تتوجه القوات بسرعة لمكان البلاغ، وتتعامل مع المتهمين لضبطهم. ويؤكد أن قوات الانتشار السريع تختلف عن شرطة النجدة وقوات الشرطة، حيث يستعان بها في الأحداث التي تفوق قدرة النجدة، وذلك لأن هذه القوات مدربة جيدا وخفيفة الحركة ومزودة بأسلحة حديثة. ويضيف أن قوات الانتشار السريع تعمل خلال ساعات الصباح حتي وقت الظهيرة، ويزداد عملها في الفترات الليلية حيث تزداد الجريمة. ويفجر اللواء خالد خيري مفاجأة تبث الطمأنينة في نفوس المواطنين، وتعيد للأذهان صورة إسماعيل ياسين في فيلم »إسماعيل ياسين في البوليس«، عندما كان يتجول في الشوارع ويتفحص الفيلات والمنازل، ويصيح بأعلي صوته: «ها.. مين هناك»، حيث قال: إن عسكري الدرك سوف يعود خلال الأيام القليلة المقبلة لتحقيق الأمن في الشارع، وعودة الهيبة لرجال الشرطة، وتخويف المجرمين، حيث تم الانتهاء من دراسة عودة عسكري الدرك للشارع المصري، واتخاذ القرار بعودته، وسوف تكون البداية بمنطقة الزمالك، وبعدها مصر الجديدة، ثم مدينة نصر، ثم المعادي. موضحا أن بداية التجربة ستكون في المناطق الراقية، وإذا أتت ثمارها وحققت الهدف منها، سوف تطبق علي الأماكن الشعبية. وأكد أنه تمت الاستعانة بالمجندين الحاصلين علي مؤهلات دراسية سواء الشهادة الإعدادية أو الدبلومات الفنية، وإعطاؤهم برامج ودورات تثقيفية في كيفية التعامل مع المواطنين، وتزويدهم بزي مميز عبارة عن قميص رمادي اللون وبنطلون أسود وكاب. وأضاف أنه بسبب الانفلات الأمني، وزيادة البلطجة في الشارع.. فقد تقرر أن يسير اثنان من عساكر الدرك يحملان عصا «تونفا» ومعهم أمين شرطة مسلح، وجميعهم مزودون بقيود حديدية، وتكون المساحة التي يتحركون بداخلها لا تزيد علي 250 مترا، ومهمتهم مراقبة المنازل والمحال التجارية، والتحقق من هوية أي شخص يسير في تلك المنطقة ليلا، وضبط المشتبه فيه وتسليمه لأقرب نقطة شرطة. وأضاف أن عسكري الدرك سوف يبدأ عمله عقب عيدالفطر مباشرة، ويكون انطلاقه من منطقة الزمالك، وبعدها سوف ينتشر في جميع أحياء القاهرة والجيزة.