فى بيوت الله عز وجل تتنزل البركات وتخشع القلوب وتطمئن النفوس، يبحث الناس فى رمضان عن الإمام الورع الذى يؤثر فيهم بعلمه وسلوكه، هى مهمة ومسئولية كبيرة يتحملها أئمة ودعاة الأوقاف، تجاه التأثير فى الناس وتشكيل وجدان الشباب، وقطع الطريق على أصحاب الفكر المتشدد، علماء الدين من جانبهم طالبوا الأئمة والدعاة بضرورة تجديد الخطاب الدينى فى رمضان ليوافق الواقع، وطالبوا الأئمة بضرورة توجيه الناس نحو الخير والعطاء ورعاية الفقراء، بدلا من أن يقوم البعض باستغلال الفقراء فى أمور سياسية وحزبية. وشدد الدكتور محمد أبو زيد الأمير عميد كلية الدراسات الإسلامية للبنات بالمنصورة، على ضرورة مراعاة فقه الواقع، وتناول القضايا التى تهم الناس، وخصوصا فى شهر رمضان، لأننا أحيانا نجد البعض يذكر أحكاما، كانت تعتبر تطورا وانجازا فى عصرها، لكنه يترك الأمور المستجدة، ولا يتناولها، وهنا نقول إنه لابد من وجود تواصل بين الإمام ورواد المسجد، وأن يكون الإمام على وعى بالمشكلات التى يعانى منها المجتمع، ويركز فى خطبة الجمعة والدروس الدينية على هذه الأمور، لأن مراعاة فقه الواقع ضرورة، ولا يمكن أن ينفصل الداعية عن الواقع، وهذا يتطلب ثقافة من الداعية، وأن يحرص على الاطلاع بشكل مستمر، وذلك بهدف أن يكون قادرا على الوصول إلى قلوب الناس وعقولهم، وهذا يتحقق من خلال تناول موضوعات حول فضل الصيام، وسيرة الصحابة، وفضل صلة الأرحام، والتكافل الاجتماعي، والبعد عن العنف والعصبية، الحياء، حب الأوطان، عدم الإسراف والتبذير، فضل رعاية الأيتام، وغير ذلك من الموضوعات التى تهم الناس وتؤثر فيهم . قضايا اجتماعية وفى سياق متصل قال الدكتور محمد الدسوقى أستاذ الشريعة الإسلامية جامعة القاهرة، إن الخطاب الدينى يجب أن تكون له منهجية علمية، بهدف أن يكون للخطاب الدينى صوت يعلو، ويؤكد أن الحق هو الذى ينبغى أن نعتصم به جميعا، وصوت الدعاة فى كل وقت وحين يكون خالصا لوجه الله تعالى، مؤكد أننا نريد فقها يعالج مشاكل الأمة الواقعية، ولدينا قضايا اجتماعية وفقهية كثيرة جدا، فلماذا يكون الحديث دائما فى السياسة، وهل لا توجد قضايا أخرى يتحدث فيها الدعاة غير الأمور السياسية، المؤكد أننا فى حاجة إلى تناول القضايا الاجتماعية، وأهمها ما يتعلق ببناء الأسرة المسلمة، وأسباب كثرة الطلاق فى الوقت الحالى ومشاكل التعليم وغير ذلك، والخطاب الدينى لابد أن يركز على الأخطاء التى يقع فيها الصائم، وكيف يمكن الحفاظ على الصيام . وأشار إلى أن الصيام فريضة تجمع المسلمين فى كل أنحاء العالم، وإن اختلفت مطالع الشهر بين بعض الدول، والخطاب الدينى لابد أن يركز على هذا الأمر، لأن الصيام يؤكد وحدة المسلمين، وهو الفريضة التى تجمعهم فى نفس الوقت، ولذلك فالوحدة عماد قوة المسلمين ونهضتهم، وما يعانى منه المجتمع الإسلامى فى كل دولة حاليا، يعد نتيجة للفرقة والخلاف، ولذلك فالخطاب الدينى لابد أن يكون داعما لوحدة الأمة، ويركز على قضايا الوطن. فقه الواقع وأوضح الدكتور محمد نجيب عوضين أستاذ الشريعة الإسلامية جامعة القاهرة، أن رمضان هو شهر العمل والعبادة، وهذا يتطلب من الدعاة ثقافة واطلاعا وخبرة، للقيام بمسئولية الدعوة فى رمضان، لأن هذه المسئولية تختلف فى رمضان عن باقى العام، ولابد أن يعمل الداعية على تطوير نفسه، بهدف أن يكون قادرا على فهم أمور الحياة، حتى يقوم بدوره على أكمل وجه ويخاطب جميع الفئات، ولذلك نطالب الأئمة والدعاة فى هذا الشهر الكريم بالتركيز على فقه الواقع، وتناول الأحداث التى تهم الناس، وكل ذلك بهدف أن يشعر رواد المسجد بأن الإمام يعيش بينهم، ويتناول الأمور والمشكلات التى تخص البيئة والواقع الذى يعيشون فيه، ولابد أن يركز الإمام فى رمضان على تناول موضوعات حول الصيام، ومحاسبة النفس، والبعد عن الغيبة والنميمة، وكيف يحافظ المسلم على الصيام، وقال الشيخ أحمد ترك مدير عام المساجد الكبرى بالأوقاف، إن المساجد الكبرى تشهد الكثير من الندوات والسهرات الرمضانية، وذلك بهدف نشر الثقافة الإسلامية وفق المنهج الأزهرى الوسطي، وقد صدرت توجيهات من وزير الأوقاف بضرورة الاهتمام بهذه الندوات، التى يشارك فيها كبار علماء الأزهر والأوقاف، وذلك فى المساجد الكبرى على مستوى الجمهورية، والهدف من ذلك أن تكون المساجد الكبرى منارة للعلم الشرعي، لأن الأوقاف تعمل بكل جهد لنشر سماحة الإسلام ومواجهة التطرف والتشدد، وهذا يتحقق من خلال الأئمة والعلماء القادرين على حمل لواء الدعوة، كذلك هناك قوافل دعوية من علماء الأزهر والأوقاف سوف تجوب المحافظات فى رمضان، وكل ذلك فى إطار الخطة الدعوية للوزارة، والتى تقوم فى الأساس على الاهتمام بالمسجد والإمام، وكل ذلك لنشر الوسطية والمنهج الأزهرى ومواجهة غير المتخصصين القوافل الدعوية وطالب الدكتور أحمد عمر هاشم بضرورة عودة القوافل الدعوية مرة أخرى فى ثوب جديد حتى تواكب متطلبات المجتمع وتعالج أمراضه وعلله,ويتم طرح جميع الأفكار والرؤى على بساط البحث,والاستماع الى الرأى والرأى الآخر بصدر رحب, من خلال علماء أكفاء تكون مهمتهم الدعوة الخالصة لوجه الله تعالي, ليست لحزب ولا لتيار بعينه, أو مذهب أو طائفة أو لجماعة وحدها, مطالبا بضرورة ان تكون الدعوة الى وحدة الصف ولم الشمل, والى كلمة سواء, دعوة تكون فيها مصلحة الوطن العليا فوق كل المصالح الخاصة ضيقة النظرة الى المستقبل . وفى السياق نفسه يؤكد الدكتور عبد الفتاح إدريس أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، ان الدروس والندوات لها أهمية كبرى بالنسبة للمسلمين, وخاصة فى شهر رمضان, باعتباره شهر التسابق إلى الخيرات, والاجتهاد فى الطاعات, ولما لهذه الدروس والندوات من بث التوعية الدينية لدى الناس, وتبصيرهم بأمور دينهم, وبيان وجه الإسلام الحقيقي, وبث روح الانتماء فى نفوسهم إلى موطنهم . ويوضح أن رسول الله «صلى الله عليه وسلم» يفعل ذلك, فقد كان يعقد حلقات العلم فى مسجده, يبين للناس فيها أحكام الشرع, والتخلق بأخلاق الإسلام, يدل على هذا أحاديث كثيرة, تفيد عقده صلى الله عليه وسلم هذه الحلقات بصفة منتظمة.