لأن العشوائيات هى المصدر الرئيسى للكثير من المشكلات التى يعانى منها المجتمع المصرى فهى تعد بيئة خصبة لتفشى الأمراض والأوبئة بل قاعدة انطلاق للعناصر الإجرامية والإرهابية وهو ما يجعل إيجاد حلول جذرية لهذه المشكلة ضرورة ملحة. وقد جاء استحداث وزارة للتخطيط الحضارى والعشوائيات فى التشكيل الحكومى الأخير، ليؤكد أن الدولة باتت تنظر بجدية أكبر لمشكلة العشوائيات ولكن ماهى الإجراءات التى يجب أن تتبناها الوزارة الجديدة وفقا لما يراه الخبراء والمتخصصون؟ . يؤكد اللواء محسن النعمانى، وزير التنمية المحلية الأسبق أنه تقع على عاتق الوزارة الجديدة مسئولية كبيرة للغاية حيث سيكون دور الوزارة بالأساس هو التنسيق والتخطيط بين الوزارات المختلفة نظرا لأن الوزارة الجديدة ستكون بحاجة للتعاون مع وزارات أخرى سواء خدمية أو اقتصادية كالإسكان ، التعاون الدولى ، الكهرباء والتضامن الاجتماعى . وشدد النعمانى على ضرورة ترتيب الأولويات للوزارة الجديدة بحيث يتم التحرك سريعا لتلافى أخطار العشوائيات، التى تشكل تهديدا حقيقيا لحياة قاطنيها بسبب عدم توافر الشروط الهندسية الضرورية لسلامة المبانى أو المرافق ، وأوضح النعمانى أن القضاء على العشوائيات لا يكمن فى تطوير المبانى وبناء الشقق السكنية الجديدة فقط بل يجب أن يشمل أيضا تطوير نمط الحياة فى المنطقة التى توجد بها العشوائيات والتخطيط لإنشاء مجتمعات عمرانية متكاملة توفر فرص العمل للقاطنين بها . من جانبها ، أكدت الدكتورة منى زكريا استشارى صندوق دعم مصر لتطوير منطقة العسال أنه يجب إعطاء الفرصة كاملة للوزارة الجديدة نظرا لأن العشوائيات هى نتاج للكثير من المشكلات مثل تناقض التشريعات و فساد المجتمع و فساد المحليات وشددت على أنه من الضرورى وضع تشريعات جديدة تساعد على تنمية الإنسان. وأضافت أن الجزء التشريعى يجب أن يتم تنظيمه سريعا لانه من غير المعروف ما هى الجهة المسئولة عن تطوير حياة سكان العشوائيات ، وأشارت إلى أنه من الخطأ اختزال قضية العشوائيات فى تطوير العقارات والوحدات السكنية فقط بل إن الأمر أشمل من ذلك بكثير ويمتد إلى توفير التعليم المناسب لسكان العشوائيات وتقديم خدمات صحية لهم ونشر الوعى بينهم وخاصة أن العشوائيات هى بيئة خصبة لأمراض وأوبئة كفيروس سى والفشل الكلوى وهى أمراض تكلف خزانة الدولة الكثير من أجل علاج المرضى و يمكن توفير هذه المبالغ عندما يكون لدى سكان العشوائيات الوعى الكافى للوقاية منها . وفى سياق متصل ، شدد الخبير الاقتصادى الدكتور صلاح جودة على أن تعريف السكن العشوائى هو نمو مجتمعات وإنشاء مبان ومناطق لا تتماشى مع النسيج العمرانى للمجتمعات التى تنمو بداخلها أو حولها ومتعارضة مع الاتجاهات الطبيعية للنمو والامتداد وهى مخالفة للقوانين المنظمة للعمران . وأضاف جودة أن عوامل ظهور العشوائيات هى زيادة معدلات النمو السكانى و تدفق الهجرة من الريف للحضر و عدم استعداد المدن لاستقبال العمالة الوافدة من الريف و النقص فى عدد الوحدات السكنية وزيادة الطلب عليها نتيجة الهجرة السريعة من الريف إلى المدينة، بالإضافة إلى تمركز الخدمات فى المدن وضعف الاستثمارات الحكومية والقطاع الخاص فى مجال الإسكان المنخفض التكاليف والتهاون مع منتهكى القوانين ومغتصبى الأراضى من قبل الجهات الرسمية نتيجة لعدم توافر بدائل أخرى مناسبة. وطالب جودة بضرورة أن تعلن وزارة التخطيط الحضارى والعشوائيات عن معايير المناطق العشوائية وكيف يمكن تصنيف منطقة بعينها بأنها عشوائية خاصة أنه توجد بعض المناطق التى توصف بأنها راقية فى حين أنها وفقا لمعايير التنسيق الحضارى هى مناطق عشوائية لضيق شوارعها وعدم توافر أماكن لانتظار السيارات بها. وأكد جودة أيضا ضرورة تحديد المناطق العشوائية والسبل الأفضل لعلاج المشاكل بها إما بإزالتها وإما بتطويرها أو حتى تغيير هويتها من حضرية إلى ريفية ، هذا بالإضافة إلى تخليص بعض المناطق من الأسواق العشوائية التى توجد بها ، وشدد جودة على ضرورة إعلان ميزانية الوزارة ومصادر إيراداتها لضمان استمراريتها . من جانبه ، أكد عاطف أمين منسق التحالف المصرى لتطوير العشوائيات أن إنشاء وزارة التطوير الحضارى والعشوائيات كان مطلبا ملحا بهدف وضع برنامج زمنى محدد لإيجاد حلول للمشكلة ، وأعرب عن أمله فى أن تعقد الوزارة الجديدة مشاورات مع جمعيات ومنظمات المجتمع المدنى المهتمة بملف العشوائيات وخاصة أن غالبيتها على اتصال مباشر بالمواطنين وسكان المناطق العشوائية . وأشار أمين إلى وجود نحو 81 منطقة عشوائية فى القاهرة وحدها ونحو 1221 منطقة عشوائية فى محافظات الجمهورية ال27 ، وأضاف أمين أن المناطق العشوائية فى مصر تنقسم بين مناطق آمنة وغير آمنة ، مطالبا بتطبيق مشروع تطوير حدائق زينهم فى المناطق العشوائية الأخري، مشيرا إلى أنه تم نقل سكان المنطقة إلى مساكن مؤقتة لحين تطوير المنطقة بالكامل ليتم نقلهم بعدها مرة أخرى إلى منازلهم الجديدة . وأشار إلى ضرورة وضع خطة تطبق خلال السنوات العشر المقبلة للقضاء على العشوائيات وتطوير المناطق العشوائية وتخصيص ميزانية محددة سنويا من أجل مجابهة هذه المشكلة التى تصدر مخاطر أخرى للمجتمع كالإرهاب والأمراض وغيرها .