لن يكون هناك كأس دون أصابع المسيح ، هكذا قالت ديلما روسيف رئيسة البرازيل ، كانت تتحدث إلى فريق من أمهر مرممى الآثار فى العالم تم اختيارهم بعناية لعلاج ما حدث لأسطورة البرازيل وإحدى العجائب السبع الحديثة ، فقد هبتْ صاعقة قوية ومدوية أطاحت بنصف إبهام اليد اليُمنى من تمثال «المسيح الفادى» . لم تكن ديلما روسيف تبالغ أو تهدد وهى تؤكد استحالة إقامة كأس العالم والحال كذلك، فالتمثال الذى تقصده جزء من التكوين الثقافى لمعظم البرازايليين الذين تناقلوا عن الأجداد قصة تشييده حينما خرجوا منتصف عام 1922 فى مسيرات أطلقوا عليها «أسبوع النصب» استمرت أعواماً لجمع التبرعات والتوقيعات لدعم بناء التمثال ، والتمثال الذى يعد إلى جانب كل ما سبق رمزاً للسعادة والإيمان والسلام لملايين المسيحيين فى العالم الذين يتباركون به ويطموحون دوماً لإقامة حفلات زفافهم بالقرب من ذراعيه المفتوحتين بالمحبة للجميع. الصاعقة التى أضاءت سماء «ريودى جانيرو» وأطاحت بإبهام التمثال أثارت فزع البرازيليين واعتبروها نذير شؤم خاصة قبل أهم حدث تنتظره البلاد، واللقاء الذى عقدته ديلما روسيف بنفسها مع فريق الإنقاذ أو الترميم كان ترجمة لهذا الهلع، ومن فبراير الماضى وحتى أسابيع مضت لم تتوقف ابتهالات الشعب البرازيلى حتى تكتمل فرحتهم بكأس العالم التى تستضيفها بلادهم، وحشدت الدولة جنودها وشعبها كى تكتمل البركة بانتهاء ترميم التمثال. البرازيليون سيشعرون فى هذا المكان بالسعادة والحزن أيضًا، لأنه ليس من الممكن الفوز دائمًا، ولكنهم يشهدون الآن أول انتصار بتسليم الملعب فى الموعد المحدد.. وبعودة ابتسامة القديس بيدرو، هكذا قالت ديلما روسيف منذ أيام وهى تفتتح ملعب «أرينا فونتى نوفا» الذى ستقام عليه 6 مباريات فى المونديال، أما القديس «بيدرو» الذى تقصده فهو القس الكاثوليكى الذى تحكى الأسطورة أنه توسل عام 1850 إلى الأميرة إيزابيلا لتمويل بناء نصب تذكارى دينى يكون مزاراً للمسيحيين فى العالم ، لكنها لم تهتم، ومات الرجل وظلت الفكرة حلما يراود البرازيليين حتى عام 1922 ووافقت الكنيسة الكاثوليكية التى أرادت أن تحيى الذكرى المئوية لاستقلال البرازيل عن البرتغال بهذا الحدث الكبير ،وانطلقت حملات جمع التبرعات حتى اكتمل بناء تمثال «المسيح الفادى». تسع سنوات كاملة استغرقها الفنان البرازيلى هيتور سيلفا كوستا فى تصميم التمثال الذى يزن ألف طن من الخرسانة المسلحة، فيما قام بنحته الفنان الفرنسى من أصل بولندى باول لاندويسكى، وفى أكتوبر عام 1931 انتصب التمثال فاتحاً ذراعيه بالسلام للعالم فى مشهد ساحر كما يصفه الكاتب والمترجم عماد السليمانى، فعندما تدخل مدينة «ريودى جانيرو» من المستحيل أن تميل عينك عن رؤية التمثال الشامخ الذى يبلغ ارتفاعه 38 متر، وينتصب فوق جبل «كوركوفادو»، الذى يعلو البحر ب710 أمتار، فيما يشرف على الحديقة القومية لغابة «تيجوكا» الأكبر فى العالم، ومُطلا على شاطئ المدينة الذهبى، لذلك تم التفكير فى تأسيس الكنيسة الرومانية الكاثوليكية أسفل قاعدة التمثال وافتتاح عدد من القاعات الكبرى لإقامة الاحتفالات والمناسبات الدينية ، وتستقبل مدينة ريودى جانير ( شهر يناير ) 700 ألف زائر سنوياً من محبى المسيح الفادى. وبينما يعيش البرازيليون فرحة اكتمال عودة «بركة» المسيح، كان المعهد الوطنى لأبحاث الفضاء قد توصل إلى أن العاصفة التى أطاحت بإبهام التمثال تضمنت 40 ألف برق أضاءت سماء المدينة واستمرت ثلاث ساعات وأدت إلى اقتلاع عشرات الأشجار وفيضانات فى شوارع عدة، وقال المعهد فى كلمة مختصرة وخفيفة الظل إن جهود الباحثين خلال تلك الفترة ستكون مخصصة لابتكار مصدات هوائية تحمى التمثال بشرط أن يبتكر اللاعبون مهارات جديدة فى التهديف وصعق شباك الخصوم لنرقص السامبا فى الشوارع.