يخطئ من يعتقد أن الولاياتالمتحدة قد غيرت موقفها من مصر استنادا إلى إعلان نيتها إطلاق سراح طائرات الآباتشى التى كانت هناك أو الإعفاء الجزئى عن المعونة الأمريكية التى كانت تدفعها لمصر سنويا. فالثابت أن الولاياتالمتحدة علاقتها بمصر مأزومة منذ فترة وتأييدها قديما وحديثا للإخوان ثابت وموثق ودفاع ماكين فى الكونجرس الأمريكى بل وأوباما نفسه عن الرئيس الإخوانى المعزول محمد مرسى ودعوته الدائمة لإطلاق سراحه وإدخال الإخوان «الإرهابيين» ليكونوا شركاء فى الحكم.. أقول إن ذلك لا يحتاج إلى دليل.. فهو ثابت ثبوت الجبال. لكن ما أندهش له بحق هتاف البعض لأمريكا واعتبارها قد غيرت موقفها من مصر.. مع أن هذا لم يحدث وإنما كل علاقة لها جانب ايجابى وآخر سلبى ولأن أمريكا لا تريد أن تكون ظاهرة فى عدائها للثورة المصرية ولخريطة الطريق فمن قبيل توزيع الأدوار فلقد كلفت بعض جمعيات حقوق الإنسان وبعض المنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقى بأن يتحدث بلسان أمريكا ويرى أن ما حدث فى مصر ليس ثورة. وأقول الحق لقد قامت بعض هذه الجمعيات بهذه المهمة كما قام بها الاتحاد الإفريقى وتنكر للمديح الذى أغرقنا فيه السيد عمر كونارى وامتنع الاتحاد الإفريقى عن مراقبة الانتخابات الرئاسية المصرية ومال إلى اعتبار أحداث مصر، كما ترى أمريكا انقلابا وليس ثورة!! أقول إن أمريكا رأت أن يعبر الاتحاد الإفريقى عن رأى أمريكا.. بينما هى تكفلت بالجانب الايجابي. أيا كان الأمر، أن الطريف لتغيير الموقف الأمريكى هو إصدار بيان رسمى تعلن فيه أمريكا بأنها تعترف بأن ما حدث فى مصر هو ثورة استجاب لها الجيش. أما إطلاق سراح طائرات الآباتشى فكان شيئا ضروريا لأن نص عقد البيع يرى أن حجز السلطات الأمريكية لها هو مناف للعقد.. كذلك الاستئناف الجزئى للمعونة الأمريكية فهو منصوص عليه فى بنود اتفاقية كامب ديفيد. باختصار: فإن أمريكا مضطرة أن تفعل ذلك، ناهيك عن انزعاجها من توجه مصر إلى روسيا والسماح للدب الروسى بالإطلال على المياه الدافئة عبر مصر.. وتجديد عقود الصداقة مع روسيا باعتبارها وريثة للاتحاد السوفيتى السابق. وأخيرا: لم تغير أمريكا جلدها.. وليس من أجل سواد عيون الشعب المصرى قد شرعت القيام بما تعتزم القيام به ولكن من أجل مصالحها.. فلا خلافات دائمة ولا عداوات دائمة وإنما المصالح وحدها هى الدائمة.