شاء القدر أن أكون شاهدا على تغطية فعاليات القمة الأفريقية لدول القارة السمراء المنعقدة حاليا فى أديس أبابا، تلك القمة التي تعقب ثورات شعبية انتفضت ضد الطغيان والحكم الاستبدادي فى مصر وتونس وليبيا، وهى الدول الأعضاء فى الاتحاد الأفريقي. بالقطع لقد سيطرت هذه الثورات وما أحدثته داخل هذه البلدان على المناقشات الوزارية بالمجلس التنفيذى للاتحاد وكذلك على مستوى الرؤساء. ولم يخف كثير من المسئولين ارتياحهم لغياب الزعيم الراحل معمر القذافى الذى كان حضوره القمة على مدى السنوات الماضية وتصميمه على تحويل الاتحاد إلى حكومة الاتحاد الأفريقي وهو الموضوع الذي كان يفرض على جدول الأعمال رغم التحفظ عليه ورفضه من جانب الكثير من الدول الأعضاء لأنه كان يتطلع إلى زعامة القارة وتحويلها إلى الولاياتالمتحدة الأفريقية على غرار الولاياتالمتحدةالأمريكية يكون لها وزير خارجية واحد وسياسة خارجية موحدة إلى غير ذلك من الأمور التي استغرقت جل وقت القمم الأفريقية السابقة ولم تصل إلى شئ يعظم فرص التنمية فى هذه الدول على الأرض. القمة الحالية يبدو أنها فطنت إلى هذه الحقيقة واختارت لقمتها الحالية شعارا يعنى بتعزيز التجارة البينية بين الدول الإفريقية.. محمد عمرو وزير الخارجية يؤكد أن القمة الإفريقية الحالية تكتسب أهمية كبيرة خاصة مع الذكرى السنوية الأولى لثورة 25 يناير وبعد التحولات الكبيرة فى ليبيا ومنطقة الربيع العربي وأضاف ان البعد الافريقى فى سياسة مصر الخارجية دائما موجود ولم يختفي بالمرة وإن كان التركيز فى الفترة الأخيرة ليس على المستوى المطلوب فيما يتعلق بلقاءات القمم الإفريقية.. ونحن نسعى إلى أن نعيد ذلك خلال الفترة المقبلة.. وأشار وزير الخارجية إلى أن موضوع القمة الحالية "تعزيز التجارة البينية بين الدول الإفريقية" وهو بالنسبة لمصر موضوع مهم جداً ونحن نرى أن هناك الكثير لدى مصر يمكن أن تقوم به في التجارة البينية الإفريقية مشيراً إلى الجولة الإفريقية الأخيرة في 6 دول من حوض النيل كان موضوع التجارة البينية يحتل جزءاً كبيراً على أجندات الاجتماعات مع مسئولي هذه الدول وهذا أنعكس بوجود عدد من شباب رجال الإعمال المصريين خلال الجولة فى كينيا وتنزانيا وكان لهم نتائج إيجابية مع مسئولي الدولتين. الوزير أوضح ان التجارة البينية بين الدول الإفريقية تمثل نسبة صغيرة جداً من تجارتهم العالمية وهذا الأمر يحتاج إلى التصحيح وزيادتها خلال الفترة المقبلة لان هناك الكثير مما يمكن ان تقدمه الدول الإفريقية لبعضها البعض وأفضل مثال على ذلك الاستثمارات المصرية فى أثيوبيا ودول أفريقية أخرى . وزير الخارجية الذى شارك أيضا فى قمة النيباد وهى المبادرة الأفريقية للتنمية مازال لها دور مهمة فى دعم عمليات التنمية فى إفريقيا ولكنها تحتاج الى إعادة تفعيل ومصر سيكون لها دور كبير فى ذلك. الوزير حدد فى عبارات صريحة على أن رسالة مصر الى القمة الافريقية ستركز على عدة نقاط اولها ان أفريقيا بالنسبة لمصر على قائمة إهتماماتها. وشرح التطورات التى حدثت فى مصر خلال الفترة الأخيرة وعملية التحول الديمقراطي وسنقوم بوضعهم فى الصورة لما يحدث فى مصر الان.. ثالثا موضوع القمة الخاص بالتجارة البينية والتعاون الاقتصادي بين مصر والدول الإفريقية مهم جداً بالنسبة لمصر ولابد من تحقيق التكامل الاقتصادي معنا . يبقى أن نقول أن القارة السمراء مازالت تواجه العديد من التحديات التى تتطلب تكاتف الدول الأعضاء وإرساء مبدأ الديمقراطية والحكم الرشيد بعيدا عن مجاملة الرؤساء الأفارقة فى بعض الدول الذين يلتصقون بعروش الحكم إلى الأبد ويتصورون أنهم الزعماء الملهمين . لقد كنت شاهد عيان على الاستقبال الحافل الذى كان يجرى لهؤلاء الزعماء الأفارقة خلال مشاركتهم فى القمم والتصفيق العاصف الذى كانوا يحظون به من جانب الحضور على الرغم من أن هؤلاء الزعماء كانوا يمثلون ديكتاتوريات كريهة فى بلدانهم أدت إلى اقتلاعهم من على مقاعدهم بواسطة ثورات شعبية عظيمة فى مصر وتونس وليبيا. الاتحاد الأفريقي مطالب بالتضامن مع شعوبه الأفريقية وليس مع الحكام الطغاة من أجل أن تتحقق التنمية وتزدهر التجارة البينة وتتجاوز كل الصعاب. المزيد من مقالات محمود النوبى