اتخذ الرئيس الأمريكى باراك أوباما قرارا بزيادة الوجود العسكرى الأمريكى فى أوغندا إحدى أبرز دول منابع النيل الإستوائية. وكانت الولاياتالمتحدة قد أظهرت منذ سنوات إهتمامها بنشر أعداد محدودة من قواتها فى أنحاء القارة الإفريقية. وقد تزايد الوجود والتدخل العسكرى الأمريكى فى الأعوام الثلاثة الأخيرة انطلاقا من عدة قواعد منتشرة فى النصف الشمالى من القارة الأفريقية. وتحت غطاء مطاردة جوزيف كونى أحد أمراء الحرب البارزين فى القارة الإفريقية اتخذ الرئيس الأمريكى باراك أوباما قراره بنشر طائرات عسكرية و150 من قوات العمليات الخاصة فى أوغندا. وكانت وسائل الإعلام الروسية قد نقلت عن نظيرتها الأمريكية نبأ قيام الإدارة الأمريكية بإعلام الكونجرس باتخاذ قرار نشر قوات أمريكية إضافية فى الأراضى الأوغندية بداية من يوم الأحد 23 مارس 2014. وتعد تلك الخطوة أول مهمة رسمية للطائرات العسكرية الأمريكية فوق الأراضى الأوغندية فى إطار عمليات مطاردة أمير الحرب جوزيف كونى المطلوب للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية لاتهامه بارتكاب جرائم حرب. ووفق القرار الذى إتخذه أوباما سيتم إرسال 4 طائرات طراز «سى فى 22 أوسبرى» بالإضافة إلى 150 من قوات العمليات الخاصة التابعة للقوات الجوية وطيارين وقوات دفاعية. وستتلخص مهام القوات فى تقديم المعلومات والخبرات والمساعدة لقوات الاتحاد الافريقى التى تقوم بالبحث عن كونى وبقايا «جيش الرب للمقاومة» الذى يتزعمه فى المنطقة. وستكون القوات الأمريكية مجهزة بأسلحة قتالية ولكن سيحظر عليها الدخول فى قتال مباشر مع قوات «جيش الرب» إلا فى حالات الدفاع عن النفس. وستتولى الطائرات مهام نقل القوات بين مناطق العمليات. ويعد القرار الأخير زيادة القوات الأمريكية العاملة بأوغندا مكملا للقرار الذى إتخذه أوباما فى أكتوبر عام 2011 بإرسال 100 من العسكريين الأمريكيين فى أوغندا للمشاركة فى مطاردة كونى. وفيما يتعلق بأوغندا، التى بدأ الوجود العسكرى الأمريكى «العلنى» بها فى عام 2011، فقد تمت الإشارة إلى أن الوجود «الفعلى» هناك بدأ قبل ذلك بعامين فى عام 2009. فمنذ ذلك الوقت تعاقد الجيش الأمريكى مع شركات أمن خاصة للقيام بإدارة وتنفيذ طلعات جوية إستطلاعية بواسطة الطائرات الأمريكية دون طيار طراز «بى سى 12» انطلاقا من الأراضى الأوغندية. وكان ذلك البرنامج السرى معروفا باسم «توسكر ساند» ويشمل القيام بعمليات الاستطلاع الجوى فى المجال الجوى وفوق أراضى كل من أوغندا والكونغو وجنوب السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى. وقبل شهور من اتخاذ أوباما قراره بإرسال قوات أمريكية إلى أوغندا بشكل رسمى علنى تم تقديم عدد من الطائرات الصغيرة دون طيار لكل من أوغندا وبوروندى. كونى الخفى وكان جوزيف كونى قد ظهر فى غابات أوغندا خلال ثمانينيات القرن الماضى حيث أسس وقاد «جيش الرب للمقاومة» بهدف الاستيلاء على السلطة فى البلاد وحكمها على أساس دينى متطرف يرتكز على ما جاء بالوصايا العشر التى نزلت من السماء على نبى الله موسى عليه السلام. وعلى الرغم من الغطاء الدينى الذى استخدمه كونى فإن الأساليب والتكتيكات الوحشية التى اتسمت بها ممارساته ضد الخصوم، مثل إختطاف واستعباد الفتيات الصغيرات لأغراض لا أخلاقية واستخدام الأطفال كمقاتلين وبتر أطراف الأسرى والخصوم، أدت إلى اتهامه بارتكاب جرائم حرب. وكانت تلك الممارسات الوحشية مبررا كافيا لأن يناشد الرئيس الأمريكى أوباما أعضاء الكونجرس الموافقة على التدخل العسكرى "العلنى" وإرسال قوات إلى أوغندا فى شهر أكتوبر عام 2011حماية "للأمن الإقليمى" على حد قوله. وحتى الآن مازال كونى مختفيا فى رقعة من الأدغال الممتدة فى كل من جمهورية وسط إفريقيا وجنوب السودان والكونغو الديمقراطية. وتقوم قوات من الإتحاد الإفريقى (5 ألاف مقاتل) بتعقبه منذ عدة سنوات دون جدوى. ولكن بدا من الواضح أن قوة كونى قد تراجعت وانخفض معدل الهجمات التى يقوم بها «جيش الرب» بمقدار 75% منذ عام 2010. إستراتيجية إفريقية ووفقا لتصريحات رصدها التليفزيون الروسى وأدلى بها الميجور جنرال ديفيد هوج قائد ما يعرف ب «الجيش الأمريكى إفريقيا» لصحيفة "ذا أرمى تايمز" الأمريكية فى شهر يونيو عام 2012 فإن الجيش الأمريكى قد أعطى الضوء الأخضر لنشر قوات أمريكية فى أنحاء متفرقة من إفريقيا. وتستهدف واشنطن من نشر قواتها فى أنحاء مدن القارة لمدد تتراوح بين عدة أسابيع وعدة شهور تعريف مقاتليها بالثقافات الإفريقية المختلفة وإجراء تدريبات على مواجهة التهديدات وتنفيذ العمليات فى القارة. وتحظى القوات الأمريكية بوجود عسكرى واضح ومتنام فى القارة الإفريقية منذ عام 2011. ونوه الخبراء إلى أن الأهداف الإنسانية ومكافحة الإرهاب ليست دافعا وحيدا للتواجد والانتشار العسكرى فى إفريقيا بل توجد دوافع أخرى أشد قوة وأهمية مثل التخوف الأمريكى من الانتشار والتوغل الصينى فى أفريقيا بوجه عام وفى منطقة وسط أفريقيا على وجه الخصوص. كما تنامى تخوف واشنطن من النشاطات الروسية والتركية والجنوب إفريقية فى المنطقة. وهكذا أصبح من الواضح أن الوجود الأمريكى فى كل من ليبيا ومنطقة حوض النيل وشرق إفريقيا (إثيوبيا وجيبوتى وكينيا) ومنطقة الساحل والصحراء يأتى فى إطار إدراك لعملية تحول هائلة فى إستراتيجيات التوازن والقوة فى منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص والقارة الإفريقية والعالم أجمع بوجه عام.