بدا الأمر للوهلة الأولى بالنسبة لى انها ستكون مجرد ندوة أو ورشة عمل عادية حول اوضاع الصحافة، لامفر من حضورها لكن شعورى اختلف بعد ذلك كثيرا لأسباب عديدة. فى اليوم الأول لورشة العمل التى نظمها المركز المصرى لتطوير الإعلام بالتعاون مع نقابة الصحفيين ومكتب اليونسكو بالقاهرة، تحت عنوان «التنظيم الذاتى للصحافة المصرية»، كان لافتا حضور نخبة متميزة من كبار وشباب الصحفيين، مما يشير إلى ان جهدا قد بذل فى اختيارهم، ولكن ظل مفهوم التنظيم الذاتى للصحافة غامضا إلى حد كبير بالنسبة لي. سرعان مازال الغموض، واتضح المفهوم على يد نخبة اخرى من القائمين على الفكرة، ويمكن القول إن فكرة التنظيم للصحافة او وسائل الاعلام بشكل عام تقوم على اساس ربط صناع الرسالة الإعلامية بالمتلقى سواء كان القارئ أو المشاهد، بهدف معرفة ما يريده هذا الملتقى وآرائه فيما يقدم له، لضمان الارتقاء بالرسالة الإعلامية والتزامها بالمعايير الاخلاقية واستقلاليتها، بما يعود بالنفع على مختلف الأطراف، حيث تتمتع الصحيفة أو القناة التليفزيونية عندئذ بالمصداقية ويزداد جمهورها، كما يضمن هذا الجمهور الحصول على ما يريد من معلومات أو خدمات من صحيفته أو قناته، بشكل اخلاقى ومستقل. وهناك عدة وسائل لتحقيق هذا الغرض، منها ما قد تبادر إليه الصحيفة بذاتها مثل تعيين احد كبار الصحفيين محررا لشكاوى القراء، بحيث تكون مهمته الاطلاع على كل ما يريد للصحيفة من رسائل تطلب تصحيح معلومات معينة، أو تنتقد مواد صحفية تم نشرها لسبب أو لآخر ونشر هذه الرسائل فى الصحيفة ذاتها، وهو ما يعكس مصداقية كبيرة، كما ينعكس على القارئ الذى يشعر عندئذ انه يسهم بنفسه فى تحرير صحيفته ومن المثير ان نعرف ان صحيفة كبرى مثل التايمز الانجليزية تخصص صفحة كاملة للتصويبات. وتشمل الأفكار المطروحة ايضا، تشكيل هيئة تتمتع بالاستقلالية تضم ممثلين عن ملاك الصحف والقنوات، وعن الصحفيين والإعلاميين، وعن القراء والمشاهدين وفيما يتعلق بالمؤسسات الصحفية القومية يمكن ان يمثل رئيس مجلس الإدارة المالك، بحيث تهدف هذه الهيئة إلى الارتقاء بالعملية الإعلامية ككل واستماع القائمين على الرسالة الإعلامية إلى اصوات المتلقين وما يريدونه، مع تحفيز الصحف والقنوات التى تبدى التزاما بتقديم رسالة إعلامية اخلاقية ومستقلة لجمهورها، بمنحها شعارا خاصا تضعه على صفحتها الأولى أو شاشتها، يشير إلى مصداقيتها والتزامها، وهو ما يزيد من جمهورها ويجذب إليها المعلنين فى الوقت نفسه. ولايتسع المقام لكل التفاصيل والمعلومات المفيدة، التى تعرفت عليها فى ورشة العمل، لكن تكفى الاشارة إلى ان افكار التنظيم الذاتى للإعلام قد بدأت فى الغرب، فى اربعينيات وخمسينيات القرن العشرين، ولاشك ان الإعلام فى مصر اليوم يحتاج ربما اكثر من اى وقت مضى إلى ان يضبط الايقاع، بالعودة إلى المبادئ والاخلاق والموضوعية، فهل يمكن ان يقبل الإعلام التطهر؟! لمزيد من مقالات محمد شعير