احتفال المرأة المصرية بيومها هذا العام لم يكن ككل احتفال.. فقد سطرت خلال ال360 يوما الأخيرة انجازت أذهلت العالم ليقف مبهورا بقدرة هذه المرأة التى عندما نهضت غيرت نظاما يزعم ارتباطه بالدين وهى المرأة المؤمنة التى عرفت التوحيد قبل نزول الديانات السماوية، لأنه عمل على تهميشها فى كل المجالات... حتى المرأة القعيدة نزلت ب"كنبتها" لتملأ ربوع وشوارع مصر معلنة رفضها وليشهد التاريخ بأن 30يونيو 2013 سجل أعلى رقم لمظاهرة سيطرت عليها النساء، لتنجح فى تصحيح مسار ثورة 25يناير 2011 وتسترجع بعض حقوقها المسلوبة وتؤكد للعالم أنها قادرة على مواجهة أي تحديات تعوق مسيرتها فى التقدم والعطاء، فحققت العديد من الانجازات منها خروج دستور 2014 بانتصار لحقها فى المواطنة الكاملة ومنح جنسيها لأبنائها، كما أولى الدستور عناية خاصة بالفقيرة والمهمشة، بالإضافة إلى النص على الحد من مختلف أشكال العنف ضد المرأة ولا سيما الزواج المبكر والتزام الدولة بالاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وتدعيم حق مشاركة المرأة بنسبة 25% فى المحليات... كانت المرأة البطل الحقيقى لمشهد الاستفتاء على الدستور ملبية نداء الوطن.. لم تبخل عليه بصوتها الحر رغم وقوفها فى الطوابير ساعات طويلة ممتدة.. وبهذا استطاعت أن تحقق المصرية العديد من الإنجازات والجوائز فى المجالات الاقتصادية والثقافية والعلمية والاجتماعية، ومنها- على سبيل الذكر وليس الحصر- تعيين "عزة أحمد" بمنصب رئيسة حى الدقى بمحافظة الجيزة، وهو ما يعد سابقة أولى من نوعها، كما حصلت اللواء عزة الجمل على منصب أول لواء شرطة فى مصر، ولأول مرة يسمح لامرأة مصرية أن تحصل على هذا المنصب. وإضافة لهذه الانجازات فازت هالة شكر الله بمنصب أول رئيسة لحزب سياسى وهو حزب "الدستور الجديد" كما كرمت مجلة "آرابيان بيزنيس" 12 امرأة مصرية بعد فوزهن ضمن قائمة أقوى 100 امرأة عربية لعام 2014 وهن: مرفت تلاوى رئيس المجلس القومى للمرأة التى جاءت فى المركز 15، والمستشارة تهانى الجبالى فى المركز 23، ود.نوال السعداوى فى المركز 26، والفنانة يسرا فى المركز 29، والإعلاميات لميس الحديدى فى المركز 31، وحنان سليمان فى المركز 37، وهدى قطب فى المركز 60، ود.غادة عامر نائب رئيس المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا فى المركز 66 والإعلامية منى الطحاوى فى المركز 68، والناشطة داليا مجاهد فى المركز 90، وأنيسة حسونة المدير التنفيذى لمؤسسة د.مجدى يعقوب والتى تعمل فى مجال الثقافة والمجتمع بالمركز 94، وسحر السلاب التى تعمل في مجال البنوك والتمويل بالمركز 97. كانت مصر تحتفل فى 16 مارس من كل عام "بيوم المرأة المصرية" والذى يواكب ذكرى ثورة المرأة المصرية ضد الاستعمار ونضالها من أجل الاستقلال بعد استشهاد حميدة خليل أول شهيدة مصرية من أجل الوطن. إذا كانت هذه بعض انجازات المرأة خلال المرحلة الماضية فمن حقها وهى تحتفل بعيدها- الذى يواكب ذكرى سقوط أول شهيدة فى أول مظاهرة نسائية ضد الاستعمار عام 1919أن تذكر مجددا بمطالبها التى تبنتها المنظمات والحركات النسائية المصرية وأعلنت أنها فى حالة انعقاد دائم للنظر فى القضايا العاجلة التى تهم المرأة المصرية ومتابعتها، وأنها تعمل على بلورة وثيقة بمطالب نساء مصر لتقديمها إلى الرئيس المنتخب الجديد لضمان تحقيق الأهداف العامة الكبرى تمشيا مع الحركة المدنية المصرية. تلك المطالب كانت نتيجة جهود المهتمين بقضايا المرأة، فقد تم التوافق بمقر الاتحاد النوعى لنساء مصر الذى حضرته سكينة فؤاد مستشارة الرئيس لشئون المرأة، والسفيرة مرفت تلاوى رئيس المجلس القومى للمرأة، ود.هدى بدران رئيسة الاتحاد وعدد من ممثلات الأحزاب والمنظمات النسائية على: ضرورة تمثيل المرأة مناصفة فى لجنة صياغة قانون انتخابات مجلس النواب، وأن يطبق نفس هذا التمثيل بالنصف فى تشكيل أى لجان أخرى تتخذ قرارات أو سياسات عامة، وتطبيق ما ينص عليه الدستور فى أحقية المرأة كقاضية بمجلس الدولة طبقا لنص المادة (11) بالدستور وكافة حقوقها. وطالبت أيضا العديد من مؤسسات العمل الأهلى ومنها جمعية نهوض وتنمية المرأة كافة أجهزة الدولة ومؤسساتها بالعمل سوياً على تحقيق مشاركة فعالة ومؤثرة للمرأة على مختلف الأصعدة عن طريق تمثيل المرأة تمثيلاً نيابياً عادلاً فى ظل إلغاء كوتة المرأة بالدستور، ومناهضة العنف بكافة أشكاله ووضع استراتيجية عمل للحد من هذه الظاهرة، وضمان تمثيل المرأة في الوظائف العامة فى كافة الأجهزة التنفيذية والقضائية مساواة بالرجل. من جهة أخرى ترى بعض هذه المنظمات أنه تم إقصاء للمرأة مما يعد انتهاكا واضحا للمادة(11) من الدستور، حيث جاء تشكيل الوزارة الجديدة لا يشمل سوى 4 وزيرات فقط منهن اثنتان كانتا فى الحكومة السابقة وهما د.درية شرف الدين ود.ليلى اسكندر، واثنتان لأول مرة وهما ناهد عشرى وزيرة القوى العاملة والهجرة ود.غادة والى وزيرة التضامن الاجتماعى، ليصبح نصيب المرأة 12 % فقط بعد ثورتين شاركت فيهما النساء، وهى نسبة لا تتلاءم مع نسبة السكان أو إسهام المرأة فى النشاط الاقتصادى والتى تصل إلى 30% فى القطاع الرسمى وما يقرب من 70% من القطاع غير الرسمى. كما تعد هذه النسبة إصرارا على تعامى الحكومات عن الخبرات النسائية المتوافرة بل وتجاهل تقارير التنمية الاقتصادية التى تؤكد أن مشاركة المرأة فى صناعة القرار تحد من الفساد وتسهم فى الاستثمار الأمثل للموارد، لذا يرى المركز المصرى لحقوق المرأة أن هذه النسبة تعد مؤشرا خطيرا على طريق التحول للمسار الديمقراطى السليم وبناء دولة ديمقراطية تقوم على أسس المواطنة والمساواة. لذا يطالب المركز بتطبيق الكوتة النسائية فى كافة المناصب الحكومية والوزارية لتفعيل مشاركة المرأة المصرية. فهل يمكن أن يأتى عام جديد على المرأة تحتفل فيه بيومها وهى ممثلة فى كافة المناصب القيادية العليا والمحلية، وأن تأخذ حقوقها الاقتصادية والثقافية والاجتماعية كاملةً.