البطش الأمريكي في زمن أوباما لاحدود له, فهي في سوريا متعجرفة تتوعد النظام وتدفعه نحو التنحي سواء من خلال المعارضة أو من خلال دعوات بعض النظم العربية التي تدعو الرئيس السوري إلي الرحيل وليس خافيا علي احد أن أمريكا التي تقول عن نفسها إنها حامية حمي حقوق الإنسان هي التي تقف وراء ذلك. ثم هي التي تحرك دولة عربية مثل قطر أن وعدتها أن الربيع العربي سوف يتوقف في الدول العربية التي تريدها أمريكا لكنها ستظل في مأمن من هذه الفوضي الخلاقة. والشيء نفسه حدث في ليبيا عندما وافقت مع الدول الغربية علي أن يقوم حلف الناتو بدور أساسي في تغيير النظام وهو ماحدث بالفعل وطوي الحلف صفحة سيئة في تاريخ الشعب الليبي. وفي مصر حاولت أمريكا في البداية تأكيد ان الحكومة السابقة قوية وأن شيئا لم يحدث.. لكن عندما تنحي رئيس النظام السياسي السابق وتدهورت كل اركانه, وجدنا أمريكا تتحدث حديث التغيير..أي أن الشعب المصري اجبرها علي تغيير موقفها لكنها في ذاتها لم تكن تريد تغييرا, فإسرائيل ربيبتها في المنطقة هانئة به وصفقات الغاز, والاستيطان, والسور الثعباني ناجزة بالاتفاق مع النظام المصري السابق, فلماذا إذن التغيير؟! ولكي تبدو أنها ليست ضدإرادة الشعب المصري فلقد وعدت مع الواعدين بأنها سوف تعطي الثورة المصرية والتونسية مايقرب من03 مليارا من الدولارات لكنها لم تفعل, كما وعدت الدول العربية بتقديم نحو عشرة مليارات لكنها حنثت بوعدها.. وهكذا وجدت الثورة المصرية نفسها أمام وعود لا أساس لها.. والأصل ان أمريكا لم تكن تريد هذه الثورة, لكنها من خلال اعوانها, وهم كثر, تحاول تثبيط همم الثوار. لكن هيهات!! وبناء علي رغبة أمريكا خمدت الثورة في البحرين.. وتحول الربيع العربي إلي خريف عربي, لأنها لا تريد في البحرين تغييرا.. وكلنا يعلم أن أمريكا لم تتورع عن مساندة الدول العربية الأكثر استبدادا وتقف معها ووراءها.. وتاريخ الاستبداد حافل بالعون الأمريكي من ناحية وتجبر الحكام العرب إياهم من ناحية أخري, والنعرات الأمريكية الكاذبة والخاصة بحقوق الإنسان وإرادة الشعوب ملء السمع والبصر! وموقف أمريكا الهادف في اليمن يعرفه القاصي والداني فأنت إذا بحثت عن هذه الدولة لم تجدها, لكن إذا توغلت في جملة المواقف والحسابات وجدت ان أمريكا فرضت وصايتها علي المنطقة.. وإلا بالله عليك إذا كان الربيع العربي قد فعل فعله في إسرائيل وروسيا وخرج الآلاف من المعارضين لنتيجة الانتخابات الروسية ومورست ضدهم ابشع ألوان الجبروت.. لكن أمريكا لم تحرك ساكنا! أريد أن أقول ان زمن الوصاية الأمريكية قد انتهي أو كاد والسبب هو يقظة الشعوب العربية ولامعني لمساعدة المعارضة في جانب وعدم الاستماع إليها في جانب آخر اللهم إلا إذا كانت مصالحها هي الفيصل, فالدرس الأول الذي تفهمه أمريكا في العلاقات الدولية أنه لاصداقات دائمة ولاعداوات دائمة, وإنما المصالح هي الدائمة, ومصالح أمريكا في تهييج الشعوب في بعض الدول والركون إلي الراحة بل الوقوف ضد المعارضة في دول أخري. لكن مثلما ان سجن أبو غريب في العراق والممارسات الأمريكية البشعة فيه قد كشف زيف دعاوي أمريكا لحقوق الأنسان. فكذلك مساندتها لبعض المعارضة السورية, والإيرانية قد كشفت زيف دعاواها المؤيدة لحركة الشعوب, فالشيء الثابت هو أن أمريكا لا تبحث إلا عن مصالحها, وهذه المصالح لاتعرف أوباما أو جورج دبليو بوش, فكلاهما امتداد للآخر. وثيقة الأزهر الشريف: أصدر الأزهر أخيرا وثيقة الحريات التي تصلح ان تكون أساسا لدساتير العالم الإسلامي.. ولقد اثبت شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب أنه قريب من الناس, يتحدث عما يجول بخاطرهم, ولاشك ان الناس في مصر وخارجها سعداء بهذا الدور الذي يقوم به الأزهر في هذه الأيام فهو يحث قادة الدول الإسلامية علي حقن الدماء في سوريا.. وقبل أيام تحدث عما يحدث في الصومال.. وتونس واليمن.. بمعني آخر لقد عاد الأزهر إلي سيرته الأولي وهي ان يكون شريكا للناس في همومهم الحياتية.. أما علي مستوي التنظير فالأزهر استطاع في وقت قصير أن يعيد اللحمة بين طرفي الأمة مسلمين ومسيحيين وأن يصدر وثيقة الحريات بعد أن نجحت وثيقته الأولي. وأن يدلي بدلوه في الاحداث الجسام التي تعيشها الأمة الإسلامية والفضل أولا وأخيرا يعود لهذا الأمام المستنير الدكتور أحمد الطيب الذي حاول البعض التعتيم عليه لكن هيهات,فالله شاء أن يتم نوره.. وقد كان ثم ان الرجل بصوفيته المعروفة ونزاهته المعهودة جعل القلوب تلتف حوله كذلك وقعت وثيقته الثانية موقعا طيبا لدي جمهرة الناس في الدول الإسلامية التي عاد فيها للأزهر رونقه وبهاؤه وهذه شهادة يجب ان اعترف بها, وكان الأزهر قبل من موضع انتقاداتي فإذا به مع الجهد الجهيد الذي يقوم به شيخ الأزهر يستحق الاشادة.. والحمد والثناء لله. الثورة بعد غد تمر الذكري الأولي لثورة الشعب المصري في25 يناير وهي ثورة مجيدة بكل المقاييس لأنها امتداد لثورة أحمد عرابي في1882 وثورة سعد زغلول في1919 وثورة الضباط الأحرار في.1952 ولاننكر أن الشباب هو الذي فجرها في البداية لكن التفت حوله جميع طوائف الشعب المصري, فأصبحت ثورة شعب. ولا ننكر ان تونس وشعبها العظيم كانت صاحبة قصب السبق في هذه الثورات التي اطلقت عليها مجموعة الدول الثماني الصناعية اسم الربيع العربي عندما انتقلت منها هذه الشرارة وحطت رحالها في مصر وليبيا واليمن وبقية انحاء الوطن العربي, نريد من هذه الثورة في عيدها الأول ان تطالب بحق الشهداء.. وبالعدالة الاجتماعية التي كانت مفقودة ومبدأ تكافؤ الفرص الذي كان غائبا تماما طول سنوات وسنوات..ان مراجعة لهذه الثورة باتت واجبة في عيدها الأول, أما الاحتفال بتجديد الحرق والمظاهرات الصاخبة فهو أبعد ما يكون عن أذهان الكثيرين أو هكذا ينبغي أن يكون.. لقد كان الكثيرون يشعرون بتكلس النظام وتصلب شرايينه, لذلك ابتعدوا عن أمور السياسة, فغاب الانتماء لمصر لدي عدد كبير من الشعب المصري, وكنا نشكو ذلك, ونعاني منه, خصوصا اذا تحدثنا عن المصريين المغتربين, لكن بالثورة عاد الانتماء ساخنا في العروق, وعادت مبادئ وشعارات نسيناها منذ زمن وعاد الإيمان بالشباب صانع المعجزات.. فقط علينا ان يكون هناك تظاهر لكن ليس من أجل التذمر والعنف ولكن من أجل العمل, وعلي كل مصري ان يعطي الرسالة وهي أن المصري انسان متحضر ويكره العنف وينبذه, كما ثبت ان العمل والعمل وحده هو الذي يصنع الحضارات والنهضات لذلك يجب ان نتظاهر من أجل العمل واليد الواحدة.. وعشرات الآلاف سوف ينادون بهذا الشيء لأن مصر الوطن الكبير لايحتاج منا سوي ذلك.. المزيد من مقالات د. سعيد اللاوندي