من المعروف أن أنواعا كثيرة من الميكروبات تسبب الإصابة بأمراض معدية في الإنسان أو الحيوان، وعلي الجانب الآخر هناك نوع من البكتيريا يعيش في الأمعاء، وبخاصة القولون. وهي بكتيريا لا تسبب المرض ولكن لها صفة وقائية ضد الأمراض، ويبلغ عددها مائة تريليون خلية بكتيرية، وهذا العدد يعادل عشرة أضعاف خلايا الجسم، ونظرا لأن لهذه البكتيريا فوائد عديدة منها مقاومة الأمراض، فقد أطلق عليها اسم »الميكروبات الصديقة« ومن فوائدها مقاومة الميكروبات التي تغزو الجهاز الهضمي وتسبب عدوي ميكروبية تؤدي إلي اضطرابات في هذا الجهاز، مثل التهاب القولون وآلام البطن،كما تسبب الإصابة بالحمي. وتعتبر الميكروبات الصديقة مصنعا لإنتاج عدد من الفيتامينات الضرورية للجسم، مثل فيتامينات ب1، ب6، ب21 وحمض الفوليك، بالإضافة إلي فيتامين ك الذي يساعد في التئام الجروح ومنع النزف الدموي، وتساعد هذه الميكروبات في رفع مستوي الاستروجين «هرمون الأنوثة» في النساء، وتقوية مفعول حبوب منع الحمل وتنشيط مناعة الجهاز الهضمي ضد الميكروبات المسببة للأمراض، وتفيد أيضا في مقاومة الجسم للسرطان، ويفقد الجسم هذه المزايا العديدة بسبب تناول نوعيات من المضادات الحيوية أو الكورتيزون أو مشتقاته لمدة طويلة، حيث يؤدي هذا التناول إلي تدمير الميكروبات الصديقة تدميرا يترتب عليه انعدام وظيفتها الحيوية، وتعتبر الأعراض الجانبية للمضادات الحيوية الناتجة عن تدميرها من أخطر ما يترتب علي استخدام هذه المضادات، حيث تشتمل الأعراض علي إسهال وتنشيط نمو وتكاثر بكتيريا وخمائر شديدة الشراسة، إذ تسبب حمي ومتاعب في الجهاز الهضمي، مثل الإسهال والتهاب القولون وآلام البطن، بالإضافة إلي حدوث نقص في فيتامين ك قد تترتب عليه عرقلة التئام الجروح واحتمال حدوث نزف دموي وزيادة سمية الأدوية المضادة للجلطة، وتتمثل في حدوث نزف دموي، كما أن تدمير الميكروبات الصديقة يقلل فاعلية بعض الأدوية، مثل حبوب منع الحمل، ومستحضرات الاستروجين التي تستخدم في علاج هشاشة العظام في مرحلة سن اليأس. ولكي نتغلب علي الأعراض الجانبية للمضاد الحيوي الناتجة عن تدمير الميكروبات الصديقة ينصح بتناول الزبادي الذي يحتوي علي بكتيريا اللبن التي تعوض نقص البكتيريا الصديقة، وبالتالي منع أضرار المضاد الحيوي، ويعتبر الزبادي من أهم مصادر الفيتامينات والبروتينات والكالسيوم ومضادات الأكسدة التي تساعد في مقاومة الأمراض. وتشهد بداية القرن الحادي والعشرين اكتشافا لعالم روسي حصل علي جائزة نوبل هذا العام اعتبر الزبادي أكسير الحياة، وأنه يساعد في مقاومة سموم تنتجها بكتيريا ضارة تعيش في الأمعاء الغليظة وتسبب الإصابة بأمراض الجهاز الهضمي، كما استنتج أن الزبادي ومنتجات الألبان الأخري، مثل الجبن واللبن الرايب، تحتوي علي بكتيريا تفيد في مقاومة الأمراض، وهي بكتيريا شبيهة بالميكروبات الصديقة التي تعيش في الأمعاء، ولقد اطلق علي البكتيريا التي فصلت من منتجات الألبان المصطلح اليوناني (Probiotics) الذي يعني «من أجل الحياة». ولقد أنتجت في أمريكا وآسيا وبعض دول أوروبا مستحضرات صيدلية تحمل هذا الاسم، وذلك بعد إجراء بحوث عديدة عليها أكدت أهمية استخدامها كبديل للميكروبات الصديقة التي تعيش في الأمعاء، ومن فوائد هذه المستحضرات الحيوية أنها تمد الجسم بعدد من الفيتامينات الضرورية، كما تعتبر مصنع إنتاج لمواد مضادة للميكروبات المسببة للأمراض، وتتميز أيضا بقدرتها علي مقاومة السرطان، وتحسين كفاءة الجهاز الهضمي، وتنشيط المناعة، وتخفيض كولسترول الدم، والوقاية من أضرار المواد المشعة، وملوثات البيئة، وعلاج هشاشة العظام في مرحلة سن اليأس، والإسهال الذي تسببه البكتيريا والفيروسات في الأطفال، وبعض أمراض الجهاز الهضمي ومنع الإسهال الناتج عن استخدام نوعيات من المضادات الحيوية والتغلب علي بعض الأمراض البكتيرية والفطرية التى تسبب أمراضا في الجهاز التناسلي للمرأة. د. عز الدين الدنشارى