يبدو جليا تراجع وضعية المرأة ومستقبلها التشريعي والسياسي بعد الثورة المصرية والانتخابات البرلمانية 2011, والتي أسفرت في جولتيها الأولي والثانية عن فوز سبع نساء فقط من إجمالي 367 مرشحة. والأرجح أن هذا الوضع يضرب سيرة ومسيرة المرأة المصرية, ويعود بها خطوات للخلف بعد نضال أكثر من تسعة عقود بدأت في العام 1925, كما عقد أول مؤتمر نسائي عربي في القاهرة عام 1938 وشهدت الأربعينات والخمسينيات تأسيس العديد من الجمعيات النسائية التي تدافع وتطالب بمشاركة المرأة في الحياة السياسية, إلي أن تمكنت بموجب دستور 1956 من الحصول علي حقوقها السياسية كاملة بما فيها حقا التصويت والترشيح. وشكلت البنية التشريعية والقانونية في المرحلة الساداتية ومن خلفها نظام مبارك أطرا جوهرية في مسيرة العمل السياسي للمرأة المصرية, حيث خصص الأول ثلاثين مقعدا للنساء بموجب تعديل قانون الانتخابات رقم 38 لسنة 1972 بالقانون رقم 21 لسنة 1979, بينما أصدر الثاني القانون رقم 149 لسنة 2009 والمعروف ب(كوتة المرأة) والخاص بزيادة عدد الدوائر البرلمانية وتخصيص 64 مقعدا للمرأة, ومع الابقاء علي إمكانية ترشحها للمقاعد العامة في خطوة كانت ضرورية لتأمين مشروع الوريث, وإذا كانت الكوتة سقطت بالغاء الدستور جنبا إلي جنب تصدر جماعات وأحزاب وتيارات إسلامية وليبرالية المشهد الجديد في مصر الجديدة, فالمثير أن هذه الأحزاب وغيرها من القوي السياسية, ما زالت تضع المرأة خلف الكواليس, ناهيك عن دعاوي قضائية تطالب بإعادة النظر في سلسلة الحقوق والامتيازات التي حازتها المرأة طوال العقود الثلاثة التي خلت, وإذا كانت القوي السياسية الجديدة تتحمل بدورها جزءا عما يئول إليه حال المرأة المصرية, فالأرجح أن هذه الوضعية لاتعود إلي صعود تيارات محافظة, بل إلي طبيعة المجتمع والمزاج المحافظ السائد لدي معظم فئاته وشرائحه ومناطقه الجغرافية التي ما زالت محكومة بأطر العصبية والقبلية ذكورية الطابع بالأساس, وبالتالي يبقي تفسير البعض في الأوساط الغربية لهذا الأمر باعتباره نتيجة لتصدر الاسلاميين المشهد, واتجاههم إلي تقييد بعض الحقوق والحريات, وفي مقدمتها ما يتعلق بالمرأة خاطئا, ومحاولة للقفز وتشويه صورة تيارات عانت الأمرين من النظام السابق.