تخوض الأمة العربية فى هذه المرحلة معركة لا مناص من أن ننتصر فيها، ولا خيار فيها سوى تعبئة طاقاتها كافة، مادية وبشرية، وفى هذا الإطار الجمعى للمعركة وتحدياتها تتضح الأبعاد السياسية لقضية المرأة العربية فى السنوات القادمة، وهذه المعركة ذات أبعاد حضارية، بها تتأكد الأصالة وتترسخ الشخصية القومية لتواصل دورها الحضارى التاريخى، ونضالية بها تكتمل الحرية، ومشاركة سياسية بها يتحقق التقدم المطرد والمتسارع والعادل، فقضية المرأة جزء لا يتجزأ من قضية المجتمع كله، وإن إهمال أو تهميش نصف الهيئة المجتمعية التى تنقسم بين الرجل والمرأة لن يعبر عن نظام سياسى واضح المعالم والرؤى أو يؤدى إلى تنمية وتقدم. وقد خاضت المرأة العربية - وما زالت - نضالاً كبيراً من أجل الحصول على مكتسبات المرأة من هذا العصر وخاصة فيما يتعلق بالمشاركة السياسية والتى يأتى القلب فيها المشاركة البرلمانية، حيث حققت المرأة تنوعاً متبايناً فى خريطة طريق نحو إدراك المرأة لمشاركتها الحقيقية التى تتناسب مع قوتها وقدراتها خاصة فى عالم قرب الأبعاد بين أطرافه حتى غدا كوكب الأرض إقليماً صغيراً من أقاليم الفضاء وفجر حصون الذرات وتعامل مع أحشائها العجيبة، وفوق هذا فقد أطلق المرأة وفك قيودها حيث كانت من قبل لعبة الرجل فى البيت وبعض أشيائه ومقتضياته وأصرت ونجحت المرأة كثيراً عندما تضمنت القوانين نظام «الكوتة» الذى يعطى المرأة بعضاً من حقوقها مثل الاردن الذى خصص 6 مقاعد للنساء بموجب قانون الانتخاب 11 لسنة 2003، والعراق الذى ينص القانون فيه على حصول المرأة على 25% من عدد الأعضاء البالغ 275 والمغرب 30 مقعداً من أصل 325، والمرأة الفلسطينية والسودانية ويأتى هذا المؤتمر وقد وافق مجلس الشعب المصرى على تخصيص 64 مقعداً بحد ادنى للمرأة فى مجلس الشعب.. الامر الذى يجعلنا نقدم هذه الورقة عن المشاركة السياسية حالة مصر«كنموذج لنضال المرأة العربية للمشاركة السياسية الفاعلة ونشدد على ما قاله المفكر ماكس مولر» ليس ثمة شعب قديم أو حديث رفع مكانة المرأة مثلما رفعها سكان وادى النيل، ولكن المرأة هى التى فرطت فى قدراتها وإمكاناتها وانسحبت من الحلبة تاركة الرجل هو الذى يقرر ويحدد وينفذ، فعادت المرأة ومنذ بدايات القرن المنصرم لتطالب بعودتها للحلبة لتواصل رحلتها من اجل هذا العالم، لكن ما أسباب التراجع وماهى عوامل المشروع النهضوى للمرأة مع تأكيد ذلك على حالة المرأة فى مصر. يشغل موضوع المشاركة السياسية للمرأة كل المتهمين بقضاياها وكذلك العديد من الدول المختلفة، وفى مصر لجأ المشرع إلى حيلة تشريعية تضفى إلى المرأة مساحات أوسع فى المشاركة السياسية بتكوين كوتا نسائية فى البرلمان المصرى بجعل حصة مقاعد المرأة فى البرلمان المصرى على الأقل 65 مقعدا ولم تكن هذه المحاولة الأولى للمشرع المصرى فقد عمد من قبل بمقتضى القانون رقم 21 لسنة 1976 الذى سمح بتخصيص ثلاثين مقعداً للنساء كحد أدنى وبواقع مقعد على الأقل فى كل محافظة. ويقصد بالمشاركة السياسية للمرأة دور الفاعل فى صنع القرار على مستوى مؤسسات الدولة المختلفة التشريعية والنيابة وكذلك المجالس المحلية، كما تشمل المشاركة السياسية للمرأة دورها كناخبة، ففى بعض الدول المتقدمة والديمقراطية نجد أن عدد الناخبات يفوق عدد الناخبين مثل فنلندا، وإذا كان هناك بصفة عامة نوع من التقارب فى نسب المشاركة السياسية بين الرجل والمرأة كناخبين فهناك فجوة كبيرة فى نسب تمثيل المرأة كمرشحة وكعضو فى البرلمان، وتوضح قاعدة البيانات الخاصة بالاتحاد البرلمانى الدولى ترتيب الدول حسب نسبة تمثيل المرأة فى البرلمان وتشتمل هذه القاعدة على (135) دولة وهى الدول الأعضاء فى الاتحاد البرلمانى - الدول من (1) إلى (120) هى دول بها تمثيل للمرأة فى البرلمان حيث تأتى رواندا على رأس القائمة بنسبة 48.8% تليها الدول الاسكندنافية مثل السويد والنرويج والدنمارك وهولندا بنسب تمثيل تتراوح بين 36% و45% بينما يأتى ترتيب مصر فى ذيل القائمة، حيث تحتل المركز 116 إذ تبلغ نسبة تمثيل المرأة فى مجلس الشعب 2.4% فقط. أما باقى الدول الخمسة عشر فهى الدول التى لا تمثيل للمرأة فيها مثل السعودية والنيجر، كما توضح قاعدة البيانات بعض الدول فى نسب تمثيل المرأة فى برلماناتها مثل تمثيل المرأة فى الأمريكتين 18.6% وفى آسيا 15.1% وفى إفريقيا 14.6% وفى الدول العربية 4.8% (تقرير التنمية البشرية عام 2007).