حق التقاضي من الحقوق السياسية التي كفلتها كل الدساتير المصرية, لكن ما يحدث في قاعات المحاكم الآن من دعاوي غريبة, يؤدي إلي زيادة الأعباء علي القضاة وتراكم القضايا, لأن البعض يسيء استخدام حق التقاضي دون أن يجد ما يردعه. وأمس فقط كانت المحكمة الإدارية العليا تجتمع بكامل هيئتها في مجلس الدولة, لتنظر دعوي رفعها أحد المحامين يطالب فيها بإعلان وفاة الرئيس الأسبق حسني مبارك, وهي دعوي رفضها القاضي الإداري من قبل, فلم ييأس المحامي ولجأ إلي الإدارية العليا, إلي جانب عشرات الدعاوي أمام القضاء الإداري التي يطالب أصحابها بسحب الجنسية المصرية من بعض الشخصيات المنتمية لتيارات سياسية معارضة, وأخري تطالب بغلق أو إعادة فتح فضائيات معينة, والدعاوي السياسية ضد بعض الحركات والأحزاب.. وغيرها. والحقيقة أن النظام القضائي المصري يجرم إساءة استخدام حق التقاضي, وسبق أن أوضحت محكمة النقض أن حق الالتجاء إلي القضاء وإن كان من الحقوق العامة التي تثبت للكافة, إلا أنه لا يسوغ لمن يباشر هذا الحق الانحراف به عما شرع له, واستعماله استعمالا كيديا ابتغاء مرضاة الغير, وإلا حقت مساءلته عن تعويض الأضرار التي تلحق بالغير بسبب إساءة استعمال هذا الحق. لكن مع ذلك لا يوجد ردع حقيقي لإساءة استخدام حق التقاضي, لأن هناك مبدأ آخر ينص عليه القانون المدني, وهو أن من استعمل حقه استعمالا مشروعا لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر. وهو ما يشجع كثيرا من الأشخاص علي إقامة دعاوي للشهرة أو الكيد السياسي أو الإضرار بالغير, وتزداد عدد الدعاوي المنظورة أمام المحاكم دون مبرر, وفي النهاية نشكو من بطء العدالة وتكدس المحاكم وزيادة الأعباء علي القضاة. فهل نحتاج إلي تعديل تشريعي جديد للقضاء علي هذه الظاهرة؟! لمزيد من مقالات فتحي محمود