نصف مساحة أراضي العالم القابلة للزراعة وغير المستغلة توجد فيها و30% من الاحتياطي العالمي للمعادن في باطنها, ومع ذلك تؤوي افريقيا أكثر الشعوب فقرا.. والوطن العربي لديه وفرة من المال ولكن الغالبية العظمي من أراضيه صحراء جدباء لندرة المياه, ويواجه نقصا كبيرا في الغذاء معدله46%, يرتفع الي75% في بعض دوله ويمكن تعويضه بتوجيه جزء من استثماراته الخارجية الضخمة الي القارة السمراء لإنتاج الغذاء واللحوم إذا توافرت الإرادة المشتركة وتهيأت الظروف لذلك. ففي2007 علي سبيل المثال استورد العرب58 مليون طن حبوب واستورد الأفارقة27 مليونا حسب احصائية لمنظمة الفاو, مع أنه لو تمت زراعة10% فقط من400 مليون فدان صالحة للزراعة وغير مستغلة من ساحل غينيا العشبي الممتد من السنغال الي جنوب افريقيا لتم حل أزمة الغذاء التي تعصف بكثير من الدول الإفريقية والعربية وفقا لدراسة للبنك الدولي والفاو. الدراسة قدرت أيضا مساحة الأراضي الصالحة للزراعة بنحو35% من مساحة القارة لا يستغل منها سوي9% في زراعة محاصيل حقلية وشجرية. وبينما تستثمر المصارف العربية ما يتراوح بين200 و300 مليار دولار في السندات الأمريكية وحدها لا يعرف من حجم الاستثمارات العربية بافريقيا سوي12.6 مليار دولار قدمتها مؤسسات التمويل الإنمائي لتمويل1799 مشروعا تنمويا, منها نحو ملياري دولار فقط في الانتاج الزراعي والحيواني. يحتاج العرب لأراضي افريقيا الخصبة ومياهها الوفيرة مثلما يحتاج الأفارقة لأموال العرب وخبرات بعضهم في انتاج الغذاء بما يكفي حاجة الطرفين, لكن لم تلتق بعد الإرادات بالقدر الكافي لتحقيق هذا الهدف رغم تأكيده في القمة العربية الافريقية الأولي بمقر الجامعة العربية بالقاهرة عام1977 والثانية في سرت بليبيا عام2010 لأسباب عديدة. وينعقد الأمل الآن علي القمة الثالثة بالكويت الأسبوع المقبل تحت شعار شركاء في التنمية والاستثمار تأكيدا من أمير الكويت صباح الأحمد علي ضرورة تنحية السياسة جانبا لأنها تفرق بين الشعوب أكثر مما تجمع. ورغبته في أن تكون قمة اقتصادية خالصة من المنتظر أن تركز أكثر علي الاستثمار في الطاقة والنقل والمواصلات وغيرها من متطلبات التنمية الإفريقية وتحقق في الوقت نفسه مصالح الشعوب العربية. السوق الافريقية مازالت بكرا للاستثمار خاصة في الزراعة وتصنيع المنتجات الزراعية ويتكالب عليها المستثمرون الأجانب لتوافر المياه والأراضي الخصبة والعمالة الرخيصة.ففي أوغندا وحدها35 مليون فدان صالحة للزراعة ولدي الكونغو- كينشاسا أكبر مساحة صالحة للزراعة وأضخم احتياطي مياه غير مستغلة في دولة واحدة, فما بالك بالسودان وجنوب السودان وإثيوبيا علي مشارف حدودنا. كما أن70% من الأفارقة في دول جنوب الصحراء محرومون من الكهرباء و90% من أحجار العالم الثمينة و40% من ذهبه و34% من اليورانيوم تنتجه افريقيا ولديها10% من احتياطي البترول والغاز مما يجعل الاستثمار في الطاقة والتعدين مربحا جدا. صحيح أن دولا افريقية كثيرة تعاني ضعف البنية التحتية اللازمة للاستثمار بما فيها قلة الطرق المعبدة التي لا تتجاوز16% منها, ومن الحروب والصراعات العرقية, وضعف الأمن وتفشي الفساد والجريمة وقلة الطاقة,الا أنه مع حلول عام2000 تحسنت أوضاع التنمية في بعضها, حيث أوضح تقرير لصندوق النقد والبنك الدوليين أن25 دولة تضم ثلثي سكان القارة حققت معدل نمو متوسطه6.6% بين عامي1997 و2007 وأجرت28 دولة58 عملية إصلاح خلال عامي2007 و2008, وتم تصنيف السنغال وبوركينا فاسو وبوتسوانا ضمن الدول العشر الأولي في العالم التي أجرت إصلاحات تشجع الاستثمار. لذلك يتعين علي الحكومات العربية أن تشجع القطاع الخاص علي الاستثمار بكثافة في إفريقيا وتقدم للمستثمرين الضمانات التي تحفظ حقوقهم, وأن يقدم هؤلاء علي المخاطرة المحسوبة وألا ينتظروا استتباب الأمور أو استقرار الأوضاع تماما لأنه لن يحدث. وعلي الحكومات الإفريقية الشروع فورا في إزالة العقبات ومخاوف المستثمرين بتعديل القوانين المنظمة للاستثمار لتسهيل انشاء الشركات وكفالة حرية تحويل رؤوس الأموال والأرباح الي الخارج, وسرعة البت في أي خلافات, والحد من الفساد والجريمة والنزاعات العرقية والإقليمية.عند ذلك يجني العرب والأفارقة, ثمارا وفيرة نأمل أن تزرع بذورها قمة الكويت. لمزيد من مقالات عطيه عيسوى