بين جهات مسئولة تخلت عن دورها الرقابي.. وتجار أغواهم الشيطان للمتاجرة بآلام البشر.. وقع مرضي فيروسات الكبد والسرطان فريسة لمعدومي الضمير, الذين لا يهمهم صحة الناس بقدر ما يسعون وراء الربح السريع, فجلبوا منتجا ألمانيا من الطحالب, وروجوا له عبر الفضائيات والمواقع الالكترونية, علي أنه علاج فعال لأمراض الكبد والأورام السرطانية, دون الحصول علي موافقة وزارة الصحة. المصادفة وحدها قادتنا لاكتشاف أخطر عملية للتربح من جيوب المرضي, بغض النظر عن ظروفهم المادية أو الصحية, من خلال الترويج لمكمل غذائي يزعمون أنه يمثل علاجا ناجعا وفعالا لمرضي فيروس الكبد والسرطان, فعلي إحدي الفضائيات, يستضيف مقدم البرنامج أحد الضيوف, ويتلقي خلال الحلقة العديد من المداخلات الهاتفية, لترويج المنتج- الذي لا يزيد علي كونه مكملا غذائيا- علي أنه يمثل أملا جديدا لمرضي الكبد والسرطان.. والحقيقة أن الأطباء الذين لجأنا إليهم نفوا ذلك علي الإطلاق!! وبعد انتهاء الحلقة, أجرينا اتصالا هاتفيا بالشركة المنتجة للاستعلام عن الدواء المزعوم, وداربيني وبين مندوب الشركة حوار لعدة دقائق, قال لنا المندوب: المنتج متوافر, وفعال في علاج فيروسات الكبد والسرطان, فسألته: هل تم تسجيله كدواء في وزارة الصحة؟ قال: لا, لكنه معتمد في المانيا, وهيئة الغذاء والدواء الأمريكية.. وعندما سألته عن سعرالعلبة, فأرشدني للاتصال بإدارة المبيعات, وأعطاني رقم الموبايل الخاص بالإدارة, وفور الاتصال رد أحد موظفيها, سألته عن السعر, فقال: العلبة تباع بسعر830 جنيها, وبها90 كبسولة, تكفي لمدة شهر, مشيرا إلي أن الشركة تتعامل مع مجموعة من الأطباء, بحيث يمكن فحص المريض, وتقرير العلاج بالمنتج المزعوم, وأرشدني إلي إحدي الصيدليات بشارع الهرم, للحصول عليه, وأعطاني رقم الهاتف الخاص بالصيدلية, واسم الصيدلانية, للاتصال بها, والحصول علي المنتج!! وهكذا, يجري بيع المكمل الغذائي, وتسويقه للمرضي, بالرغم من عدم اعتماده من وزارة الصحة, وعدم إجراء الأبحاث العلمية اللازمة للتأكد من فعاليته في علاج فيروسات الكبد والسرطان!! ولأننا لسنا متخصصين, فقد لجأنا لكبار اساتذة الجهاز الهضمي والكبد والأورام, لنتحري الحقيقة حول المنتج, فبادرنا بالاتصال بالدكتور إبراهيم عبد النبي رئيس وحدة مناظير الجهاز الهضمي والكبد بكلية طب عين شمس, والذي أكد لنا أنه لم يسمع عن هذا الدواء من قبل.. وإذا بإحدي المريضات وتدعي عواطف أمين, والتي تعاني من تليف في الكبد بعد إصابتها بفيروس سي, تدخل عليه عيادته الخاصة, وبصحبتها المنتج المزعوم, وقد انفقت آلاف الجنيهات, دون أن يقدم لها نفعا ولا ضررا علي حد قول الطبيب إبراهيم عبد النبي, ولم يطرأ أي تحسن علي حالتها الصحية, مؤكدا عدم وجود أي مرجع أو دراسة علمية تؤكد أن المنتج يفيد في علاج أمراض الجهاز الهضمي والكبد.. المنتج المزعوم- كما يقول الدكتور رضا الوكيل أستاذ أمراض الكبد بكلية طب عين شمس- هو نوع من الطحالب الخضراء المزرقة, ويسمي الزهرة الحية غير المرئية في الماء, ويعتبر مكملا غذائيا وليس دواء, وبالرغم من الفوائد المذكورة لبعض الأنواع من الطحالب في تحسين بعض وظائف الجسم, فإنه لم يثبت علميا تأثيرها المباشرعلي فيروس سي, حيث لم يتم إجراء أية أبحاث علمية تؤكد استخدامه للقضاء علي فيروسات الكبد بأنواعها المختلفة, ولا أي نوع من أنواع الفيروسات الأخري, ولم يتم تسجيله في وزارة الصحة, ومن ثم فإن ترويجه علي أنه علاج لفيروسات الكبد أو اي فيروسات أخري يمثل خرقا واضحا للقوانين, ومخالفة النظام الصحي في مصر, الأمر كذلك, بالنسبة للدكتور حسين خالد أستاذ الأمراض الباطنة والأورام, وعميد المعهد القومي للأورام سابقا, حيث أكد لنا أنه لم يسمع عن هذا الدواء من قبل, بالرغم من مشاركته الدائمة في كل المؤتمرات العلمية الدولية بالخارج, والتي تعني بتقديم الجديد في مجال علاج جميع السرطان, وكذلك بالرغم من إطلاعه المستمر علي كل الدوريات والأبحاث العلمية المعروفة عالميا, وبعد رحلة من البحث في المراجع والأبحاث والدوريات العلمية, وفي العديد من مواقع الانترنت, توصل الدكتور حسين خالد إلي أن المنتج المزعوم يجري انتاجه في المانيا, وأنه مكمل غذائي يحتوي علي بروتينات, وفيتامينات, مؤكدا أنه ترويجه باعتباره علاجا فعالا لمرض السرطان, هو محض افتراء, حيث لم يتم فعاليته في علاج المرض. المادة المزعومة التي يروجون لها علي أنها علاج أمراض وفيروسات الكبد والسرطانات,- والتي لا تستند إلي أي أساس علمي والكلام للدكتور عز الدين الدنشاري أستاذ الفاماكولوجي والسموم بكلية الصيدلة جامعة القاهرة- هي مادة طبيعية يتم استخراجها من الطحالب بحرية, حيث تقوم الشركة المروجة له بالحصول علي خلاصة الطحلب, ويتم تعبئتها في صورة كبسولات, فيما لم تجر عليها أية أبحاث أو دراسات علمية, ولم تمر بالمراحل التي تمر بها عملية إنتاج أي دواء جديد, كما أن المراجع التي تناولت هذه المادة هزيلة, ومغمورة وغير معترف بها عالميا كما ذكرت, ولا اثق بها من الناحية العلمية, هو في النهاية منتج تجاري يهدف مروجوه إلي تحقيق الأرباح فقط, مستغلين ظروف المرضي, وحاجتهم الملحة للشفاء من المرض. وتكمن خطورة هذا المنتج- كما يقول د. الدنشاري- في أن مريض السرطان أو الكبد قد يلجأ إليه بسبب الدعاية الكاذبة له علي بعض الفضائيات, ويترك علاجه الأساسي, فينتشر المرض في جسده, ويفتك به, كما أنه يمكن أن يعتمد عليه مرضي فيروسات الكبد الذين يعالجون بالانترفيرون, فيتخلون عنه, ويعتمدون علي هذا المنتج المزعوم- الذي لا يزيد عن كونه مكملا غذائيا- فتتدهور حالتهم الصحية! وهكذا, فإن المادة المزعومة, والتي يجري الترويح لها بالباطل, بهدف الربح فقط, لم تحصل علي موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية, ولم تقر أية مراجع أو دوريات علمية باستخدامها في علاج فيروسات الكبد أو السرطان.