وهل هي اشياء عادية حقا- ام غير عادية؟ سؤال لم يفارقني طيلة قراءة هذا النص الروائي الاخير للسيد نجم( اشياء عادية في الميدان).. فعلي الرغم من ان موجات الثورة صعدت من ميدان التحرير الي كل ميادين مصربين في موجاتها المتوالية2011-2013 فإن استعادة مثال واحد لها كميدان التحرير- يظل مجازا دالا علي طبيعة الغضب الذي بدا غضبا غير عادي يصنف في التفسير المباشربانه اقرب الي الاشياء غير العادية بينما يتحدد في السياق الاخير الواقعي اقرب الي وصف التكوين المصري وعبقريته.. نحن امام نص يسعي الي اكتشاف الشخصية المصرية عبر ثلاثة مشاهد( الفصل الأخير-الفصل الاول..الثامن الفصل قبل الاخير), وهو يحاول عبر فصول عدة استعادة احداث ثورة يناير تحديدا خلال احد المشاركين حمدي عبد العليم وهو مشارك ينتمي الي الجيل الثاني الذي عرف احداث ثورة1952 وويلات فترة الانفتاح في السبعينيات ثم نكسات عصر مبارك الذي شهدت فيه البلاد قرابة نصف قرن من الفساد والافساد; ومن هنا يركز الروائي الذي ينتمي للجيل الثاني- وهو جيلنا- علي الحراك الثوري النبيل للجيل الثالث; هذا الجيل الذي عرفه ميدان التحرير(رمز مصر); وحاول فيه ان يغضب ويثور علي الخلل البنيوي المريع في شتي الميادين في الفترة السابقة للثورة: غياب الديمقراطية وتآكل البنية الاقتصادية وماتبعه من ظواهر يعرفها كل من عرف الحقبة الاخيرة منتآكل الثروات وتراجع ارادة التغيير, وتزايد الفروق الطبقية الهائلة بين ابناء الوطن وتهاوي النظام التعليمي وتزايد الديون وانتشار الفساد ونزوح الرأسمال الوطني ورحيل العقول فضلا عن الفشل في إخراج المنطقة العربية- التي نحن جزء حيوي منها- من كبوتها من التبعية للامبريالية الامريكية ومواجهة إسرائيل الي جانب غياب الاستغلال الوطني للثروات كالسياحة والنفط.. والكثير من هذه الكوارث التي وضعت مصر وشبابها خاصة في هذه الحالة التي كان لابد من الخروج منها, وكان لابد ان نراهن علي هذا الجيل الاخير الذي سعي للتغيير بوسائله وامكاناته.. لقد استطاع الروائي هنا طرح ردود الافعال الايجابية لشباب ثورة يناير مستفيدا من كثير من الرموز الميثولوجية ومستعيدا العديد من الشعارات الميدانية.. لقد كان علي الجيل الثاني ان يعبر حرب الاستنزاف ومعارك العبورفي السبعينيات الي جيل الفيس بوك الإس إم إس التويتر والبلوتوث وخالد سعيد ثم شعارات الميدان لاتوريث ولا ملكية ولا احتكار للسلطة..ولا احتكار للمال..ولالقانون الطواريء.. الي آخر هذه السلبيات التي حاول الجيل الأخير الخلاص منها. نحن امام نص يحاول السيد نجم فيه ان يكون راويا علي وجع الخصوص وشاهدا علي وجه اخص عبر تلمس اللغة واستعادة الشعارات والافادة من الاساطير وقبل هذا وبعده السعي للمشاركة( انا وبقية الشباب وقفنا في الصف الاول متكاتفين نصيح ان لاتراجع ولا هروب في أي حال من الأحوال) الي آخرهذه المشاهد النبيلة التي عرفها شباب ميدان التحرير(الميدان) او ساحات مصر كلها( الرمز) في ثورة يناير2011 ومازالت تتواصل في موجتها الثورية التالية يونيو..2013 ما حدث في ثورة يناير2011 ومازال يحدث اذن هي( اشياء عادية) في الميدان, وهي اشياء غير عادية يقوم بها الشعب المصري دائما..أليس كذلك؟