مع تغير السلطة الحاكمة بعد3 يوليو والقضاء علي حكم الإخوان, وكعادتنا مع سقوط الحاكم تتكاثر السكاكين للنهش منه, ورغم أن هناك قناعة بفشل الإخوان في إدارتهم للحكم ومع التسليم بضرورة مكافحة كل صور الفساد وخاصة ممن يتولون الحكم وقيامهم باستغلال مواقعهم في تحقيق مكاسب خاصة, رغم ذلك ولأن حكم الإخوان لم يستغرق سوي عام فعلينا ألا تشغلنا حملات الإعلام ضد الإخوان والبحث عن فسادهم لتبرير إقصائهم عن الحياة السياسة, حيث أن جزءا من التركيز علي البحث عن الأخونة وتطهير المؤسسات والوزارات من كل الإخوان هو نوع من إشغال الناس بالإخوان لكي ينسوا ما فعله نظام مبارك الذي قام علي مدار ثلاثين عاما بزرع أنصاره في كل المواقع دون كفاءة, والدليل هذا الفساد وعدم الكفاءة في إدارة غالبية المؤسسات, وبعد أن كان المجتمع مشغولا قبل ذلك بالبحث عن تجاوزات وفساد نظام مبارك, أصبحنا نقرأ يوميا عن الأسئلة للوزراء والمحافظين عن كيفية القضاء علي الأخونة وهل استطاع الإخوان التسلل للمواقع المهمة وكيف نقصيهم منها ونتيجة ذلك هو توقف الحديث عن فساد نظام مبارك وعدم ملاحقة هذا الفساد, والدليل علي ذلك ما يلي: 1- توقف الحديث عن فساد عصر مبارك واستبدلناه بفساد حكم الإخوان, فلماذا لا تهتم السلطة الجديدة بالملفين معا, وعلي الحكام الجدد أن يوضحوا للشعب ماذا حدث في تسوية حسين سالم والذي كان سيتنازل فيها عن75% من ممتلكاته مقابل عدم ملاحقته قضائيا, ومدي صحة ما يتردد أن محادثات التسوية قد توقفت وقد نجد بعد فترة أن حسين سالم يطالب بتعويض من الشعب المصري ويسترد ممتلكاته في مصر, ثم ماذا حدث في مطالبة رجال أعمال مبارك برد ما لم يدفعوه من ضرائب وفروق أسعار الأراضي التي دفعوا ثمنها علي أساس الزراعة ثم حولوها إلي منتجعات, هل سيتم التغاضي عن كل ذلك ووضع الملفات في الأدراج العميقة وسرعان ما ننسي فإننا شعب سريع النسيان. 2- أيضا من الموضوعات التي لم نعد نسمع عنها شيئا البحث عن الأموال المهربة للخارج والتي تم تشكيل عدة لجان للبحث عنها واستعادتها لدرجة أن الحكومة البريطانية أعلنت أنها ستخصص مسئولا في سفارتها بالقاهرة لمساعدة الحكومة المصرية لتوفير المستندات المطلوبة لاسترجاع هذه الأموال, أليس من حقنا أن نعرف لماذا السكوت عن كل ذلك, بل إن محامي مبارك بعث بمذكرة إلي وزارة الداخلية السويسرية يطالب فيها بإلغاء التعاون القضائي مع مصر في قضية أموال مبارك وقال إن مصر تعمها الفوضي مما يلزم رفع التجميد المفروض علي هذه الأموال, أليس في ذلك دليل علي تواطؤ واستمرار رجال مبارك في الإفساد. 3- مما يثير القلق ما بدأ بعض الصحفيين في كتابته عن رد الجميل للدول الخليجية التي سارعت بإرسال منح وقروض مالية للحكومة الجديدة وان ذلك يكون بإنهاء كل مشاكلهم الاستثمارية, فإذا عرفنا أن مشاكلهم كلها تتعلق بالاستحواذ علي مساحات شاسعة من الأراضي وبأسعار متدنية وان المطلوب منهم فروق الأسعار التي قد تكون أكثر من القروض والودائع التي حصلنا عليها, هل المطلوب الآن مثلا بالنسبة للشركة الكويتية التي حصلت علي آلاف الأفدنة عند العياط للزراعة وحولتها إلي استثمار عقاري أن تتنازل الحكومة عن هذه المليارات كرد جميل, أليست هذه جريمة تبديد لأصول الدولة؟ 4- نشر في إحدي الصحف أن هناك تقريرا سريا يتهم هيئة المجتمعات بالتخاذل في تحصيل مستحقاتها عن بيع أرض الدولة, ومثال علي ذلك حالة شركة لأحد رجال مبارك امتنعت عن سداد فروق الأسعار المستحقة عن تعديل الاشتراطات البنائية واستعمالات مشروعها الضخم في الساحل الشمالي, فلماذا استمرار السكوت عن هذه المخالفات رغم أن هذه المليارات المطلوبة من المؤكد أنها ستسهم في سد جزء من عجز الموازنة دون استجداء التبرعات من رجال الأعمال تليفزيونيا. كذلك أصدر وزير الزراعة أيمن أبو حديد قرارا وزاريا بتشكيل لجنة قضائية لمراجعة عقود الأراضي الزراعية التي تم تنفيذها لصالح المستثمرين مع وزارة الزراعة, وهذا قرار سليم ولكن ما يثير الريبة هو اقتصاره علي الفترة ما بعد ثورة يناير..2011 والسؤال وماذا عن فترة ما قبل الثورة هل سيتم التغاضي عن المخالفات التي حصلت فيها لأن النظام الجديد يبحث عن مخالفات الإخوان أما مخالفات عصر مبارك فلقد تم التغاضي عنها. 5- كانت حكومة الإخوان قد استردت1,7 مليار جنيه من عائلة ساويرس بعد كشف التحايل في عدم دفع الضرائب عن صفقة بيع مصنع الأسمنت بمليارات الدولارات, ولكن نشرت الأهرام في13 سبتمبر تصريحا لرئيس مصلحة الضرائب أنه تم تحصيل5,2 مليار جنيه وان الملف الضريبي الخاص بهذا الموضوع ما زال مفتوحا حيث إن النيابة لم تخطر الضرائب بإنهاء هذا الموضوع, فهل هذا بداية للتراجع عن دفع مستحقات الدولة والحجة أن الإخوان كانوا يضطهدون عائلة ساويرس وطبعا لن يقول أحد أن هذه مستحقات للدولة بعد كشف التهرب الضريبي. الازدواجية في المعايير والتصرفات لا تبني بلدا وقد يأتي يوم يتغير فيه من يمسك بالسلطة لتبدأ السلطة الجديدة في حساب والكشف عن تجاوزات من سبقوهم, فهل نظل ندور في هذه الحلقة من التخلف, الصواب البحث عن مخالفات كل العهود فهل تدركون ذلك, أم ننتظر بعد سنة أو أكثر أن نري نفس العناوين من جديد. لمزيد من مقالات د. محمد صفوت قابل