مع سبق الإصرار والترصد يرتكب كثير من مقدمي برامج التوك شو جريمة( نفسية) يوميا ضد المشاهدين, عندما يغيب عنهم الحرص علي التوازن في عرض الأخبار السيئة والجيدة, ويقرر كل منهم التركيز علي اختيار( كوكتيل) خاص من الأحداث السوداء الكئيبة, وتحليلها لتصبح أكثر سوادا, بما ينتج عنه تحميل المشاهدين بما لا يحتملون من ضغط عصبي متواصل يهدد حرصهم علي استمرار متابعة هذه البرامج, وقبل أن يستقر في الوعي الجماهيري أنها مصدر للتشاؤم, يطرح التساؤل نفسه: هل غياب التوازن في عرض الأخبار السيئة والجيدة يهدد إقبال المشاهدين علي التوك شو؟ تجيب د.هويدا مصطفي رئيس قسم الإذاعة والتليفزيون بكلية الإعلام جامعة القاهرة وتقول: إن برامج التوك شو في الفضائيات الخاصة تعتمد بشكل أساسي منذ انطلاقها علي تقديم الأخبار السلبية والتركيز علي أزمات المجتمع التي كانت تتجنبها القنوات الرسمية, ولأن المشاهد كان يبحث عن المعالجة المختلفة لقضاياه, فقد أقبل علي متابعة برامج التوك شو التي تهتم بالمشكلات فقط وكشف المسكوت عنه, وفي ظل التنافس بينها لجذب المزيد من المشاهدين, قرر المسئولين عنها تجنب الإيجابيات والاكتفاء فقط بالسلبيات, بما يخالف الإلتزام بالقواعد المهنية للعمل الإعلامي, التي تفرض التوازن في عرضها, مع أهمية النقد بدافع البناء وليس الهدم, وجعل الأولوية للتصدي لهموم المواطن البسيط ومساعدته لمواجهة معاناته اليومية, وبغير ذلك يشعر المشاهد باليأس والإحباط من صورة متشائمة تحيط به يحدد ملامحها كثير من مقدمي برامج التوك شو التي يتوقف تدريجيا عن متابعتها هربا من مرارتها. ويؤكد د.ممتاز عبدالوهاب أستاذ الطب النفسي بكلية طب قصرالعيني جامعة القاهرة علي أن وسائل الإعلام تؤثر بشدة علي مشاعر الناس, وبصفة خاصة الفضائيات التي تعرض برامج التوك شو بما تحتويه من مبالغة في جرعة الأحداث السيئة, ويضيف: تكشف الأرقام المتزايدة لمرضي التوتر العصبي والقلق النفسي عن تأثر المشاهدين بما يتابعونه يوميا علي الفضائيات في برامج التوك شو التي تخصصت فقط في تقديم أخبار ولقطات تؤدي أيضا للإصابة بالإكتئاب واضطراب النوم والصداع ولا تعقبها بما يمكن أن يغرس الأمل في نفوس المشاهدين الذي يجعلهم ينتظرون الغد الأفضل, و قد ثبت أن عرض ما يثير القلق يتسبب في الشعور بالخوف وعدم الرغبة في تحمل المسئولية والإنتاج, بينما تساعد الأخبار ذات الطابع المتفائل بالمستقبل الأفضل علي الإحساس الإيجابي الذي يتحول إلي حافز للعمل وبذل الجهد والولاء للوطن, وتبعا للتكوين النفسي للإنسان, فإنه بلا تردد سيرفض كل شئ ينتج عنه الضرر, ولذلك من الضروري أن يعرف المسئولين عن برامج التوك شو تأثير ما يقدمونه من خلالها, والذي يفرض عليهم التوازن في عرض السلبيات والإيجابيات معا, حتي لا ينقطع تواصل الناس معهم بشكل لا إرادي في حالة الإستمرار في عرض الأخبار السيئة فقط.