لطمه بعد أن انفلت في ثورة من أيديهم.. نجحوا مرة أخري في الإمساك به.. صرخ انه قاتل.. مجرم لفته نظرات الإعجاب والخوف من كل جانب بينما أخذ البعض يهدئون من ثائرته. كان البعض لايزال يحاول الخروج جاهدا ملطخا بالطين والأوساخ حين بدا طرف ثوب مزين بزهور رقيقة متدليا من أحد النوافذ, خف الرجال الصغار لإنقاذ صاحبة الثوب طرحوها فوق العشب فاقدة الوعي ارتعشت جفونها قبل ان تفتح عينيها صرخت الطفل شخصت الأنظار إلي الترعة كانت المياه الوئيدة الحركة تدفع الطفل تجاه الشاطئ الآخر, اندفع الشاب يصفع السائق في غضب, وضع السائق المتأنق يده في حركة آلية فوق قفاه أخذ يهمهم في غيظ بكلمات غير مفهومة لم تلبث أن تحولت إلي نهنهة مصطنعة انشغل الركاب عنه بمحاولة سحب الأتوبيس, التفت الشاب الثائر ناحية السائق المتباعد يسأله عن حبل, برقت عيناه الغائمتان بالغباء دون أن يرد, كرر الشاب سؤاله, أجفل, حاصره الجميع بالسؤال, الطنين يخترق طبلتي أذنيه يشير في بلاهة إلي الأتوبيس, شاب رشيق يقفز في حذر إلي الأتوبيس المعلق فوق الشاطئ تغوص مؤخرته في مياه الترعة المتسعة, عاد بحبل طويل ربطوه بمقدمة الأتوبيس, البعض يجذبه للأمام الآخرون تعلقوا بالمؤخرة, اعتدل الأتوبيس استوت بسمة واهنة فوق ثغر السائق المكتنز, حاولوا دفعه إلي الطريق استعصي علي الحركة, سأل الشاب السائق لوح بكفه ينفي علمه بالسبب ولم يتحرك. اهي فرامل اليد؟ سأله راكب مهندس, مط شفتيه في بلادة, نظر إليه الجميع في عجب, أسرع المهندس إلي عجلة القيادة أخيرا تحرك الأتوبيس ليستقر علي الطريق. مشي السائق في هدوء ليثب إلي مكانه, اعترضه الشاب الأسمر, أخذ ماذا هنالك؟ لا تقد الأتوبيس؟ لماذا؟ كفانا ما حدث, سنلقي حتفنا معك. أتستثمر ما حدث للنكاية في؟ ... أنا لا أعرف حتي اسمك لكنك لا تجيد القيادة, ازدرد ريقه دون أن يتفوه, تلاحقت الدوامات البشرية, تعالت الكلمات. دعها لله دعه يارجل حتي محطة الوصول تحت تأثير الكلمات المتلاحقة تنحي الشاب, الأتوبيس يسرع في وثبات مرتبكة أو يتمهل في قفزات مفاجئة يسير بخط متعرج فيجنح إلي أقصي اليمين ثم لا يلبث ان يجنح ناحية اليسار, جحظت العيون تنتظر في رعب المصير المحتوم, تتصادم النظرات المتوجسة لتصب في دفقة واحدة تجاه الأم الثكلي المنكبة فوق رضيعها الميت. وثب الشاب يمرق بين المقاعد متفاديا السقوط اقترب من السائق المنتشي كثور هائج طلب منه ان يوقف السيارة, مد إليه السائق نظرة وقحة ولم يرد, أمره في حزم ان يتخلي عن عجلة القيادة للمهندس. قهقه في سخرية: ستقع كارثة جديدة تقولون دائما بالشر فيقع. صرخ الشاب في غضب: أنسيت الترعة؟ جلستم جميعا في جانب واحد فاختل توازن الأتوبيس وسقط. تفادي السائق الاصطدام بشجرة ضخمة بينما كان يطلق تنهيدة تشف, هاج الجميع مطالبين بوقوف السيارة, اطلق النفير المتواصل وأدار أغنية سوقية لتغطي علي أصواتهم, لم تمر إلا لحظات قصار حتي كان الموتور يصدر اصواتا كالحشرجة قفز الأتوبيس بعدها قفزتين هينتين, توقف بعدها عن الحركة, نزل السائق في تؤدة استند بظهره إلي الأتوبيس, أشعل سيجارة أخذ يمتص دخانها في متعة وتوهجت عيناه بسعادة غريبة, تحلق الركاب حوله, تكالبت عليه الأسئلة, اشتكي البعض الجوع, آخرون اشتكوا البرد وأعرب الجميع عن خوفهم في هذا المكان المهجور الموحش اجاب بلهجة ظفر سأتدبر الأمر. طلب ان يصطحب عدة أشخاص علي ان يكون بينهم الشاب الثائر وافقوا بلا استفسار بعد مسيرة قصيرة في الخلاء داهم أعينهم مبني لا يفصح شكله عن شيء. كان الليل قد ألقي بأستاره السوداء فوق صفحة الكون عندما أصبحوا في مواجهة المبني ذي الضوء الشحيح. هرول من داخله رجل نظيف الهيئة دائم الالتفات عانق السائق في حرارة مهللا في صخب: مرحبا بأعظم سائق في الدنيا ياأهلا ياباشمهندس رمي السائق بنظرة تشف للشاب الذي كان يرقب الموقف في دهشة, مر وقت طويل, صعد السائق خلاله مرات ومرات يحاول إدارة السيارة بناء علي أمر الميكانيكي لكن الموتور أبدا لايئز, حاول المهندس الاقتراب لكن السائق نهره فابتعد, طالت محاولات الميكانيكي قبل ان يعلن أن الأتوبيس يحتاج إلي موتور جديد, لمحه الشاب يدس في خفة شيئا في يد السائق قبيل ان يوقع له ورقة ويختفيا معا. سرت حيرة هائلة بين الركاب فلم يكن احد يعي ما يمكن عمله, ألح الشاب علي المهندس أن يفحص السيارة علي مضض, بدأ المهندس الفحص, علي الفور أعلن في وهن عن سلك مقطوع في صوت واحد لعنوا السائق والميكانيكي قبل أن ينتهي المهندس من إصلاح العطل, عاد السائق وكأن الأرض قد انشقت عنه ليظهر فجأة, سخر منه الشاب متسائلا عما أعطاه الميكانيكي, انفلت السائق بلا اكتراث ليجلس إلي عجلة القيادة, قبض الشاب علي ملابسه يجذبه بعيدا عنها انبثق الذعر في عينيه, شارك الركاب في مطالبته بالتخلي عن القيادة, تمنع السائق محاولا اثارة الشفقة. ما تريدونه افعله لكن دعوني أنا في خدمتكم ياأسيادنا. واصل الشاب محاولة إبعاده بينما ظل السائق يتشبث بعجلة القيادة يستعطف الركاب. وسط الهرج وتحفز الجميع تساءل راكب يضع علي عينيه نظارة سميكة هل يمتلك المهندس رخصة قيادة مهنية صمتوا أجاب المهندس بالنفي. دعوا السائق أذن يقود السيارة علي ان يرقبه المهندس حتي نصل, ثأثأ وابالموافقة رفع الشاب عقيرته بالاحتجاج ستقع الكارثة ضاع صوته في جلبة الاصوات الجانبية. السيارة تسير في قفزات تجنح إلي اليمين ثم لا تلبث أن تجنح إلي اليسار كان الشجر علي جانبي الطريق كثيفا, الظلام يخيم علي المكان, كل يضع يده علي قلبه في خوف قاتل, الوجوم يظلل الوجوه بينما ظل الشاب ينتقل من مقعد لآخر يحاول اقناع الركاب بأن يتولي المهندس القيادة.