أسهل الحلول التي يمكن أن يتخذها مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم اليوم وأكثرها شعبوية هو سحب بعثة المراقبين من العمل في سوريا. واصدار بيان عنتري يحمل الحكومة السورية مسئولية إخفاق البعثة في تحقيق وقف تبادل لإطلاق النار, وابطال عمل آلة القتل التي لاتزال تحصد أرواح المتظاهرين, والتلكؤ في الافراج عن باقي المعتقلين, ليصبح الطريق مفتوحا أمام التدخل العسكري الأجنبي في سوريا, تقدم الجامعة العربية حيثياته المسبقة, كما حدث في ليبيا, رغم المخاطر الضخمة التي ينطوي عليها ردود افعال هذا الخيار التي يمكن ان تتجاوز نطاق سوريا إلي كل منطقة الشرق الأوسط, خاصة إذا لجأت الحكومة السورية إلي الهرب إلي الامام واقدمت علي خطوة مغامرة في الجولان أو لبنان تحت شعار, أنا ومن بعدي الطوفان, وهو احتمال لاينبغي إهداره لأن الرئيس بشار, وبعضا من اعوانه ألمحوا أكثر من مرة إلي هذا الخيار البائس! ولايقل عن ذلك خطورة ان تصر الجامعة العربية علي أن البعثة حققت نجاحا معقولا خلال فترة عملها التي لم تتجاوز عشرة أيام, وتتغاضي عن نقائص عديدة شابت عمل البعثة بسبب نقص خبراتها في المراقبة, وتحكم دمشق في وسائل انتقالها, ومرافقة ضباط الأمن السوريين لزياراتها التي تكمم أفواه المواطنين, ومنع الإعلام العربي والدولي من مرافقة مهامها, فضلا عن قلة أعداد البعثة ونقص امكاناتها الفنية واللوجيستية, وقصور هيكلها الإداري الذي يجعل من رئيس البعثة صاحب القرار والمتحدث الرسمي والمسئول الأوحد في غيبة وجود مداولة صحيحة تضمن أن تكون آراء البعثة انعكاسا لرؤية شاملة, وليست مجرد رأي انطباعي لرئيس البعثة.. وأظن ان الشفافية والعلانية ونشر تقارير البعثة علي الرأي العام الغربي يزيد من فرص نجاحها ويمكنها من تصحيح أعمالها ويضاعف من فرص تواصلها مع الرأي العام السوري. صحيح أن جوهر عمل البعثة هو حماية المدنيين السوريين لكن هذا الهدف لن يتحقق دون مواصلة الضغوط علي الحكومة السورية وإلزامها ببرنامج زمني يحدد توقيتات الأهداف المطلوبة خاصة أن الحكومة السورية تعرف جيدا أن سحب البعثة يعني صب المزيد من الزيت علي النار المشتعلة, وفتح الابواب علي مصاريوها أمام فرص التدخل الخارجي. المزيد من أعمدة مكرم محمد أحمد