رغم اختلاف الآراء حول طبيعة التغييرات في الحكم, فإنني مثل كثيرين من أعضاء هيئات التدريس بالجامعات استبشرنا خيرا بتعيين د. حسام عيسي وزيرا للتعليم العالي. فالرجل, ومن متابعة مواقفه, قوي وواضح في مواقفه, ولا تخضع للمواءمات السياسية. ومن ثم انتظرنا منه قرارات قوية تصلح حال الجامعات المتدهور خاصة أن المشكلات معروفة, وقتلت بحثا وتحتاج فقط إلي جراءة التنفيذ, وهو ما اعتقدناه في الوزير الجديد, ولكن هاهو العام الدراسي علي وشك البداية ولم يتخذ الوزير أية إجراءات لبدء التصحيح وليس التغيير, بل إنني بدأت أشعر بخيبة الأمل وأنه لا جديد في القائمين علي الحكم, فنسمع ما يعطينا أملا في التغيير ثم مع تولي السلطة تبدأ التبريرات وهذه بعض أسباب خيبة الأمل في الوزير: 1 - من الغريب أن الوزير الثوري تكون أول قراراته للجامعات الموافقة علي الضبطية القضائية لبعض مسئولي الأمن بالجامعات, مبررا ذلك بمواجهة الأعمال التخريبية,وهو يدرك أن أقصي ما يمكن حدوثه هو التظاهر فهل هذا من الأعمال التخريبية, وهل لا يدرك الوزير ومجلسه الأعلي أن القبض علي بعض الطلاب خاصة من موظف يريد أن يؤمن وظيفته قد يشعل الأوضاع في الجامعات بدلا من اعتقادهم أن هذه الضبطية ستجعل الطلاب يخافون,ومما يزيد الأوضاع تدهورا أن تستخدم هذه الضبطية للقبض علي أعضاء هيئة التدريس المعارضين للحكم الحالي, وهكذا بدلا من المعالجة السياسية تكون القبضة الأمنية مما يزيد الأوضاع تدهورا في الجامعات. 2 - نشرت الصحف أن وزير الداخلية قد اجتمع مع اتحادات الطلاب بالجامعات للبحث في الأحوال الجامعية قبل بداية الدراسة, ومن المفهوم أن وزير الداخلية أعطي توجيهاته لمنع المظاهرات في الجامعات, فكيف يوافق وزير التعليم العالي علي أن يقوم وزير الداخلية باستدعاء الطلاب ومناقشة الأوضاع في الجامعات وهذا من صميم اختصاص وزير التعليم العالي ورؤساء الجامعات, كيف يوافق علي هذا التدخل العلني لوزير الداخلية في شئون الجامعات, وكيف يعرض طلابه لهذا الموقف, هل هذه هي الدولة المدنية التي نادي بها الوزير, أم أنها شكل من أشكال الدولة البوليسية. وبعد أن أعلن وزير التعليم أنه سيحل مشكلة جامعة النيل وبعد اجتماعه بالأطراف المختلفة, أعلن عدم قدرته علي حل المشكلة, فمن يحلها إذن وهل يتركها الوزير لإطالة المنازعات القضائية, لماذا لا يعود الوزير لأصل المشكلة فهذه الأراضي ملك للدولة, فلماذا لا يتخذ موقفا جريئا بإعادة تخصيص توزيع الأراضي علي الجهتين وفقا لاحتياجاتهم الفعلية بدلا من استمرار تصاعد المشكلة 3- أعلن الوزير أنه طلب من رؤساء الجامعات الخاصة خفض المصروفات وأنهم رفضوا ذلك, ثم صرح الوزير بأن 95% من الجامعات الخاصة لا تصلح واكتفي بالتصريحات وكأنه ما زال في المعارضة, أليس من واجبه بعدما اكتشف سلبيات التعليم الخاص أن يعمل علي إصلاحه, ويستطيع التغيير السريع للقوانين المنظمة لذلك, وصرح الوزير بأنه اكتشف العديد من قضايا الفساد في الوزارة وانه سيحيلها إلي القضاء وبعد مرور أكثر من شهرين لم يتم ما وعد به الوزير, فهل ألتف حوله أصحاب المصالح, وبدأت معزوفة أن الأحوال العامة في البلاد لا تسمح بذلك ومن ثم يستمر الحال بفساده علي ما هو عليه. أيضا من تصريحات الوزير المبشرة أنه سيتصدي لمشكلة الكتاب الجامعي, وهي من أكثر المشكلات في الجامعات والسبب الرئيسي لتدهور المستوي التعليمي للخريجين, واقترح ما اسماه الكتاب العمدة الذي يلتزم بتدريسه أعضاء كل قسم, وهو اقتراح بالطبع قابل للمناقشة, ولكن ما حدث أن الوزير نسي هذا التصريح ولم يتقدم خطوة واحدة في هذا المجال 4- حسام عيسي ليس فقط وزيرا للتعليم العالي بل نائبا لرئيس الوزراء للعدالة الاجتماعية ويهتم بتحديد الحدين الأدني والأقصي للأجور, وكنت أتوقع أن يجعل من وزارته ميدانا لتجربة البدائل المختلفة لإصلاح الأجور, فلديه مشكلة رواتب ودخول أعضاء هيئات التدريس, حيث يطالبون بالمرحلة الثانية لجدول تعديل الرواتب, وهناك الإداريون الذين يهددون بعدم العمل إلا مع تحسين دخولهم ولمحاولة إرضائهم تم الاتفاق علي زيادة رواتبهم من خلال حصص مالية تؤخذ من الصناديق الخاصة وهو ما فشل تنفيذه, وهو ما يتطلب من الوزير الاهتمام بهذه المشكلة بدلا من تفاقمها. أليس فيما سبق سببا في خيبة الأمل فيما توقعته أن هذا الوزير سيفعل ما لم يفعله السابقون, ولقد كنت أتوقع أن يبدأ الوزير مواجهة بعضا من المشاكل المزمنة في الجامعات, مثل انتشار الغش في الامتحانات ومشكلات التعليم المفتوح وأقسام اللغات والبرامج الخاصة التي تزايدت للحصول علي إيرادات مالية بينما التعليم بها متدن ومشكلات المستوي التعليمي المتدهور لأعضاء الهيئة المعاونة وكلها مشكلات تحتاج فقط إلي الجرأة في التنفيذ, فمن أين نجئ بها ؟ لمزيد من مقالات د. محمد صفوت قابل