أقوي المعارك هي التي تنتصر فيها بكشف الحقيقة. هكذا كنت أتذكر وأنا عائد إلي القاهرة بعد أقل من70 ساعة فقط قضيناها في رحلة أشبه بالكابوس سجلت فصلا من أسوأ الفصول في تاريخ المهرجانات السينمائية, فلأول مصر في تاريخهم يتعرض السينمائيون المصريون لحالة اعتداء بدني وتهديد بالقتل ومحاصرتهم داخل دار سينما وهم يؤدون دورهم الثقافي ممثلين لبلادهم في أحد المحافل في بلد اوروبي يفترض انه متحضر. بدأت أولي وقائع القصة بعد قليل من وصولنا لمدينة كوبنهاجن التي تبعد عشرون دقيقة عن مدينة( مالمو) السويدية مقر المهرجان,عندما وصل أفراد الوفد المصري تباعا لقاعة سينما سبيجيلن وكان كاتب السطور ممن وصلوا في البداية ففوجئنا بأنصار جماعة الاخوان الذين يرتدون' تي شيرتات' صفراء ويهتفون' زباين السيسي. جايين تدنسوا مالمو. والله لتتحرقوا بنار جهنم انتوا وأسيادكم'. فجعنا بهذه النبرة العدائية وان هؤلاء من يسموهم متظاهرون يسبوننا رغم وجود اثنان من الشرطة السويدية لكنهم لا يعرفون العربية. وصلت الفنانة عبير صبري ومعها عبد الجليل حسن المستشار الاعلامي للشركة العربية, ودخلوا مرددين( تسلم الأيادي. تسلم يا جيش بلادي), جن جنون أنصار الاخوان ما أن سمعوا ذلك وهتفوا بسباب الشعب والجيش معا, وظهر جليا وجود لهجات غير مصرية في أثناء سبنا والهتاف ضدنا. والفيديوهات المتداولة علي اليوتيوب تسجل الواقعة. دخلت المجموعة صالة العرض. وعند وصول الفنانة لبلبة وقلقها من النزول وسط المتظاهرين بادر المستشار عبد الجليل بإصطحابها من السيارة حتي دار السينما. والصور المنشورة في كبري الصحف السويدية تظهر دخول أنصار الاخوان الي السجادة الحمراء واقترابهم من لبلبة وعبد الجليل وكأنهم سيفترسوهم وهم يمضون الخطي سريعا. رغم ان الموقف شاذ وغريب الا اننا اندمجنا في الحديث والتعارف علي العرب الحضور والسويديين. بعد فيلم الافتتاح ذهبنا لحفل العشاء الذي يليه في احدي المطاعم البعيدة. والغريب انه بعد نصف ساعة من وقائع العشاء وتكريم الفنانة لبلبة وتقديم لجان التحكيم فوجئنا بأنصار الاخوان بملابسهم المميزة يتتبعوننا خارج قاعة العشاء بنفس السخرية والاستهزاء قررنا ألا نلقي بالا لهؤلاء وأيقننا أنهم يحاولون استفزازنا للخروج عن شعورنا والنظرات المليئة بالتوعد. في اليوم التالي بدأنا يومنا في هدوء في جولة للتعرف علي المدينة وما أن عدنا حتي وجدنا الاخوان في انتظارنا في ساحة الفندق, وهذه المرة أكثر استفزازا ورغبة في الاشتباك بعدما تجاهلناهم. نحو الظهيرة كانت الفنانة لبلبة عائدة من ندوة معها بجاعة مالمو ووجدناهم يحتلون باب الفندق بدون اي تواجد لاي عناصر امنية.فاصطحب المرافقون لبلبلة لادخالها من باب جانبي, كل ذلك ونحن نتصور ان الامر كله استفزاز وتطاول.لم نكن نتصور ونحن في طريقنا لمشاهدة فيلم فبرايرالأسود بنفس السينما الوحيدة للمهرجان ان الأمور مقدر لها ان تتطور في اتجاه الهوان والمهانة. كنت انا وعبير صبري في طريقنا للدخول من باب السينما حتي بدأ السباب ثانية للجيش ولقائده وللشعب. وقفنا لنقول لهم ان ذلك عيب. فبدأ يصرخون فينا( أنتم قتلة وايديكم كلها دم). وتلاسن احدهما وهو فلسطيني معي ومع عبير صبري, وفدي المخرج محمد أمين قام المخرج الإماراتي المصري نواف الجناحي وتلقي عنه لكمة. ومنع المعتدون فريق قناة نايل سينما المكون من المخرج والمصور مهاب زنون والمذيعة اسماء يوسف من تصوير اي شيي وأجبروهم علي الدخول للداخل. حاولت الحديث مع قائدهم المسمي الشيخ أبو محمد.فوجدته هو الاخر متبني نهج العنف. قلت له ما علاقة الفنانين داخل السينما بمن ماتوا برابعة. قال الفنانين بيدعموا السيسي اتصلت عبير صبري بالسفير المصري وقالت له أن الوفد المصري محاصر داخل السينما ومهدد بالقتل اذا خرج احدنا. قال السفير أنه سيقوم باللازم. دقائق وارسل لنا شخص يسمي سامي صادق يدعي بأنه رئيس الجالية المصرية بالسويد. لم يكن يعرف أنني من وفد الفنانين فاتجه نحو الشيخ أبو محمد وقال له بالحرف: الكلاب اللي جوه كلموا السفير. اهدوا شوية لغاية لما نشوف هنعمل معاهم ايه. في نفس الاثناء خرج محمد قبلاوي رئيس المهرجان وتحادث مع الشيخ ابو محمد قائد المجموعة المعتدية قائلا: شو احوالك يابو محمد, واعتراضا علي السفير المصري الذي ارسل لنا سامي صادق الذي اتضح انه اخواني واحد مدبري الاعتداء. بالاضافة الي ان السفير لم يحكي الأمر كما ينبغي للشرطة السويدية ان وفد مصري محاصر ومهدد بالقتل داخل السينما, واعتراضا علي موقف الشرطة السويدية التي جاءت ورحلت بدون ان تؤمن خروجنا من السينما حتي الفندق. خاصة ان اغلب ميادين السويد مراقبة بالكاميرات ومن المحتم ان غرفة عمليات مدينة مالمو شاهدت الاعتداء علينا أمام السينما. كان رأينا أننا لا يمكن ان نكمل المهرجان في هذة الظروف التي نسب ونهدد ويسب شعبنا وجيشنا. ويتأمر علينا رئيس المهرجان وتتخاذل السفارة عن نجدتنا. كل ما فعله السفير المصري في السويد أنه استجاب لطلبنا ان يغير تذاكر سفرنا للرحيل اليوم التالي.وقررنا عدم سحب افلامنا لان الجمهور السويدي ليس له ذنب ولكي لا تضار السينما المصرية.