لقد افترقت الطرق بيننا وبين جماعات الموت, فلم تعد هناك خرافة تسكن عقولنا بشأن الذين حملوا إلينا الموت والخراب والدمار باسم الدين, ولم تبق في النفوس سوي حسرة الندم, وفي العقول إلا أسئلة تبدد الخرافة التي انتشرت منذ زمن طويل بأن جماعات الإسلام السياسي تحمل الخير وترجو وحدة الأمة, وهي رصيد لها لا عليها, وأخيرا أنها ترغب في الانخراط في العملية السياسية السلمية, وانها لن ترفع السلاح في حالة الخلاف السياسي, وستقبل التداول السلمي للسلطة, إلا أن هذه جميعا ثبت أنها محض خرافات في عقول الغالبية من المصريين. ففي الآونة الأخيرة تبددت أكذوبة السلمية والإيمان بالديمقراطية وتداول السلطة وظهرت عملية الاستقواء بالخارج, بل واستدعاء الجيوش الأجنبية, كما غمر مصر والمصريين الخير الذين يحملونه لمصر في شكل حرق مصر واعتداءات بالأسلحة الرشاشة علي المواطنين الآمنين في شرفات منازلهم, وحرق الكنائس وتدمير المحال, والآن جاء الدور علي توزيع القنابل والسيارات المفخخة, ولقد صدق محمود غزلان المتحدث باسم جماعة الإخوان عندما هدد الشعب المصري بأكمله بأنه سيأتي زاحفا يطالب بالعفو! وبعدها بساعات بدأت عملية ترويع الشعب وتأديبه لأنه تجرأ وعزل الرئيس مرسي وجماعته من حكم مصر, واذا لم تكن عمليات التحريض والقتل والقنابل والسيارات المفخخة تورطا مباشرا وسافرا فهل يمكن أن نتهمهم مثلما سبق لهم اتهام جبهة الإنقاذ بتوفير الغطاء السياسي للعنف والخراب الذي يضرب مصر بأيدي الأهل والعشيرة, وأنصارهم.. أم أن كل ما نراه الآن هو بأيدي جماعات الذين هبطوا من السماء, أو محض خيال من أعمال المخرج خالد يوسف! وبالطبع سارعت الجماعة وأخواتها لتعلن عدم مسئوليتها عن محاولة أغتيال وزير الداخلية, والمدهش أن الجماعة الإسلامية التي روعت المصريين بكل أشكال العنف من قبل كانت الأسرع هي وذراعها السياسية حزب البناء والتنمية في الإدانة, وقالت ان التفجيرات فضلا عن انها قد تؤدي إلي اراقة دماء لايصح شرعا إراقتها, فإنها ستفتح بابا من الصراع الدموي بين أبناء الوطن الواحد قد لاينغلق قريبا, وهو ما يجب أن تتكاتف جميع الجهود لمنع حدوثه, وهنا لابد من الإشارة إلي ان جماعة الاخوان هي أول من أهدي لنا الاغتيالات السياسية والتنظيمات السرية المسلحة, كما أن الجماعة الإسلامية هي أول من اغتال رئيس الدولة المصرية في العهد الحديث, ومنذ هذه السنة غير الحميدة ومازال باب الدماء مفتوحا. ومن المثير للتساؤل هذه الجملة التي وردت في بيان الادانة, وشددت الجماعة علي اختلافها الكلي مع السياسات الأمنية المتبعة إلا انها ترفض في الوقت نفسه حل اي خلاف سياسي إلا عن طريق المعارضة السلمية واحسب ان الجملة ملغومة ومتفجرة لانها وضعت سلطة البلاد الشرعية, علي ذات المستوي الاخلاقي مع من يقومون بالتفجيرات! وهذه إن لم تكن الغطاء السياسي للعنف فماذا تكون؟! ولعل ما يدعم تفسيرنا هو قول الجماعة ان الحادث يزداد خطورة اذا كان هذا التفجير يقف وراءه من يريد قطع الطريق امام اي مصالحة بين ابناء الوطن وايجاد ذريعة لممارسة المزيد من الإجراءات القمعية ضد المعارضين بدعوي مواجهة الإرهاب! ومرة أخري فأن مثل هذه البيانات تفتح الباب لمزيد من الإرهاب بدعوي المظلومية ودعوي وجود مؤامرة, والغريب أن في كل مرة يحدث خلاف سياسي فإن هذه الجماعات تسارع بالقتل والدمار والاغتيالات والآن السيارات المفخخة, ويتناسي هؤلاء أن الابرياء هم من يدفعون الثمن, وان بضاعتهم المسمومة والقاتلة لم تحل أي نزاع! ويبقي أن الشعب في غالبيته قد لفظ جماعات الموت هذه, ويأمل في ان يعود الذين ضللوا إلي حضنه قريبا, ولهؤلاء الذين لم تزل قلوبهم زائغة نسوق إليهم رأي د. ناجح ابراهيم الذي عاد إلي الحق, فهو يقول اننا نعلم ابناءنا دائما فقه الموت لنحكم الناس بالدين من خلال السلطة, فنحصل علي الموت ويضيع الدين, ولاتأتي السلطة ابدا. ويختتم بالقول لابد ان نعلم الأجيال القادمة فقه الحياة.. وانه من الجبن والحمق أن تموت الآلاف دون أن تقدم لاسلامها ولا اوطانها ولا أسرها شيئا نافعا في الدين أو الدنيا أو ان تموت دون جدوي. نعم انها جماعات بضاعتها الموت فقط! لمزيد من مقالات محمد صابرين