منذ ثورة25 يناير وحتي تولي الرئيس المعزول محمد مرسي الحكم قبل عام تقريبا وحركة حماس الفلسطينية تلعب أدوارا مريبة داخل الدولة المصرية بحكم ارتباطها بالإخوان المسلمين في مصر , حيث يطلق عليها إخوان فلسطين فما هي هذه الأدوار؟ وما مدي تأثيرها علي المجتمع المصري واستقراره؟ وهل هذا الدور انتهي بعزل محمد مرسي أم مازال موجودا؟ الإجابة في هذا التحقيق. فيشير د.سمير غطاس رئيس منتدي الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية والخبير في الشأن الفلسطيني بأن حركة حماس( المقاومة الإسلامية) هي فرع من فروع الإخوان المسلمين وكانت تسمي إخوان مسلمين غزة, وأنشئت بحكم الترابط بين البلدين, وفي عام1948 حيث ذهب عدد من المتطوعين من الإخوان إلي قطاع غزة بشكل تمثيلي ونسبي وكان عددهم أقل بكثير جدا مما وعد الإخوان بدفعهم في القتال, وتأثر الفلسطينيون في البداية بهذه المجموعات التي ظهرت ومن هنا أنشأ الإخوان المسلمون فرعا لهم في قطاع غزة وكان من بينهم قادة من حركة فتح منهم أبو إياد وأبو جهاد, ولكنهم اكتشفوا في عام1954 أن وجهة الإخوان المسلمين ليست تجاه تحرير فلسطين وأن وجهتهم الحقيقية كانت الصدام مع عبد الناصر والاستيلاء علي الحكم, فانفضوا عنها وخرجوا منها, ثم بدأت حركة الإخوان تتراجع في الشارع الفلسطيني تدريجيا و تراجع تماما نفوذ الإخوان في قطاعي غزة والضفة الغربية(الأردن سابقا) لرفض الحركة القيام بأعمال فدائية وفي المقابل نمت شعبية كل الفصائل المقاومة الفلسطينية خاصة حركة فتح والجبهة الشعبية لدرجة أن شارون وكان قائد كتيبة(101) وكان منوطا به ضرب المقاومة وتصفيتها حيث يقول إننا نحكم قطاع غزة صباحا فقط أما بالليل فيحكمها الفدائيون. وخلال عامي(1977-1978) بدأت المفاوضات بين مصر وإسرائيل, وفي تلك الفترة رفضت منظمة التحرير والفصائل الفلسطينية المختلفة اتفاقية كامب ديفيد وشرعت إسرائيل في تلك الفترة في إيجاد بديل أو قوة محلية تستطيع أن تواجه بها صعود حركة فتح والمقاومة الفلسطينية بشكل عام ووقع اختيارها علي الشيخ أحمد ياسين الذي أسس ما يسمي بالمجمع الإسلامي, فإسرائيل وجدت في أحمد ياسين والذي كان يعارض المقاومة المسلحة ويدعو بأن القاتل والمقتول كلاهما في النار, وقال إن المقاومة لا تجوز إلا بفتوي شرعية من أمير المؤمنين ولم تقم بعد دوله الخلافة ويجب أن تقام أولا دولة الخلافة ويأمر أمير المؤمنين بالجهاد ويكون الجهاد ضد الاحتلال, وخلال تلك الفترة شهد خروج عدد من قيادات الإخوان المسلمين إلي أفغانستان للقتال ضد الحكم الشيوعي, ووجدت إسرائيل ضالتها فيما يسمي بالمجمع الإسلامي, واجتمع الحاكم العسكري بغزة مع الشيخ أحمد ياسين واتفق علي ما يسمي المجمع الإسلامي وتم افتتاح(13 جمعية خيرية) باسمها, وفي نفس الفترة التي أقامت فيها إسرائيل ما يسمي بالمجمع الإسلامي الذي هو إخوان مسلمون في صورة جديدة وسينتقل لاحقا إلي حركة حماس, حيث كان الهدف الأساسي منه تدمير منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وأن تحل محلها مع تشويه صورة المقاومة الفلسطينية. وكانت إسرائيل تعرف أكثر من العرب بأن أحد شروط انتصار النضال الفلسطيني يتمثل في إقامة ممثل شرعي ووحيد كما حدث في كل من الجزائر وفيتنام وكل حركات التحرر في العالم, ولذلك كانت مهمة حماس ولا تزال مستمرة حتي الآن وهي تدمير منظمة التحرير والتي تضم كافة الفصائل الفلسطينية في جبهة واحدة وتكون بديلا لها وتقسم الشعب الفلسطيني, وفي عام(1987)أعلنت الحركة تبنيها الكفاح المسلح وذلك علي غير الأسس التي أقيمت علي تأسيسها وذلك لانضمام كثير من شبابها إلي حركات المقاومة الأخري مثل( فتح, الشعبية,والديمقراطية,غيرها), وتزامن تأسيس حركة حماس مع انطلاق الانتفاضة الأولي والتي شكلت من جميع الفصائل الفلسطينية أو ما يسمي( الجبهة الوطنية المشتركة), وطلبوا من الإخوة في حركة حماس الانضمام إلي الجبهة ليكونوا ممثلين في هذه اللجان الوطنية فرفضوا تماما كجزء من مشروعهم الأصيل, وللعلم الإخوان المسلمون لا يقبلون إلا ذليلا لهم وكما فعل الإخوان المسلمون في مصر عندما طرحوا أنفسهم في الانتخابات وقالوا وقتها حوالي(30-35%) وكذبت مقولتهم, وعندما نجحوا في مجلس الشعب قالوا مشاركة لا مبالغة وأخذوا(11) لجنة من(15) لجنة في الرئاسة وقال مرشدهم محمد بديع إننا لن نرشح أحدا من الإخوان أو من المحسوبين علي الإخوان من التيار الإسلامي بشكل عام ثم اكتشفنا أنه تم إنزال اثنين(أساسي واحتياطي),وفي عام2007 قامت حماس بعد رجوعها من قمة مكةالمكرمة وبعد فشل المصالحة الوطنية بينها وبين فتح بانقلاب دموي حيث قتلت(600) فرد في يوم واحد غير آلاف الجرحي, وعلي أثره انسحب الاتحاد الاوروبي من معبر رفح وقامت إسرائيل بإغلاق المعبر, ومن هنا نشأت مشكلة حصار قطاع غزة وبدأت ظاهرة الأنفاق وكانت بعلم المخابرات المصرية وإشرافها, ويرجع ذلك لأنه عند توقيع اتفاقية أوسلو بين الفلسطينيين وإسرائيل قامت الأخيرة بفتح سبع ممثليات في الدول العربية بمثابة سفارات في دول الخليج منها( قطر الإمارات وعمان والكويت والمغرب وتونس) ورأي حسني مبارك أنه لابد من أن يلعب بالورقة الفلسطينية باعتبارها الورقة الوحيدة لديه خاصة بعد توقيع اتفاقية السلام وفتح سبع ممثليات لها, فأراد أن يعطل التواجد الاسرائيلي في الدول العربية فقام بفتح الأنفاق, وكان يتغاضي عن تهريب الأسلحة وكانت هذه هي الإستراتيجية المصرية التي سمحت بغض النظر عن الأنفاق وتهريب الأسلحة, وللعلم حسني مبارك رفض غلق الأنفاق أكثر من مرة وطلبت منه تسييفي ليفني وزيرة الخارجية شخصيا غلق الأنفاق فقال لها أغلقيها من ناحيتكم وأشارت إلي أنه يتم تهريب الأسلحة منها فقال لها لا وأنه يتم من البحر فذهبت إلي أمريكا واستعانت بضغط الايباك علي الكونجرس الإمريكي والذي خصم(200) مليون دولار من المعونة الأمريكية لمصر لرفض غلق الإنفاق, ومع كل هذا لا ننسي العداء إعلاميا خلال حصار وحرب(2009,2008) حيث بدأت في حشد المواطنين في القطاع بأن مصر هي التي تحاصر القطاع ولم توجه وحتي الآن مظاهرة واحدة تجاه إسرائيل, وللعلم الأمن في حماس يمنع أي مظاهرة تتوجه نحو الحدود الإسرائيلية بالقوة, وقد ارتبط وجود الأنفاق بخلق مافيا علي الجانبين للمساهمة علي التهريب وظهر في القطاع مجموعة من التنظيمات الجهادية السلفية ومتماثلة مع تنظيم القاعدة أهمها تنظيم جيش الإسلام يقوده ممتاز دغمش وهو متورط في عده قضايا بمصر منها كنيسة القديسين وتفجير الأزهر وعمليات بسيناء وهو الجناح العسكري للتوحيد والجهاد وهو نفس التنظيم الموجود بسيناء, وبالنسبة لثورة(25 يناير) فحماس كان لها دور رئيسي في القيام بمهاجمة وتدمير(42) قسم شرطة في وقت واحد والهجوم علي السجون وتحرير(34) من الإخوان المسلمين وأشهرهم محمد مرسي العياط بالإضافة إلي أيمن نوفل وسامي شهاب ومحمد عبد الهادي من حركة حماس وحزب الله, وهناك مندوب سام لحركة حماس بمصر يدعي موسي أبومرزوق نائب رئيس المكتب السياسي وكان رئيس المكتب قبل ذلك ولكن أزاحه الملك حسين وصعد مكانة خالد مشعل, وتدخل أكثر من مرة في الشئون الداخلية وكان أكثرها عندما حدثت عملية اغتيال الجنود في رمضان وأصدر الجيش وقتها بيانا قال فية إن هناك قذائف هاون ألقيت من داخل غزة أثناء تنفيذ العملية لتغطيتها وصعد موسي أبومرزوق وقال لم تطلق قذائف من غزة فأهان الجيش, أيضا حادثة خطف الضباط الثلاثة وأمين الشرطة في مساء(10 فبراير2011) حيث قال إنهم اختطفوا في سيناء وقتلوا ودفنوا فيها لينفي وجودهم إطلاقا بغزة وهل لدية جهاز مخابرات خاصة داخل الدولة يستعين به أم أن له علاقة مع الخاطفين, وسوف تكشف الأيام القادمة سبب اختطافهم وذلك لأنهم وراء أشياء يجب ان يختفوا بسببها. وكان المجلس العسكري قد أصدر تصريحا بأنه سوف يثأر للجنود الذين قتلوا من خلال إغلاق الأنفاق وسيجتث الإرهاب من سيناء, ثم فوجئنا بالمتحدث الرئاسي ياسر علي يشير إلي انه لا يوجد قرار بإغلاق الأنفاق, وبالفعل بدأ الجيش خلافا لإرادة محمد مرسي في غلق الانفاق لوصول بعض الوثائق منها وثيقة من رئيس وزراء القطري يقدم(250 مليون دولار)لخالد مشعل لجلب أشخاص من حماس تساعد الإخوان إذا حدثت اضطرابات في مصر أثناء الذكري الثانية من الثورة, أيضا هناك وثيقة خرجت من قطاع غزة تطلب تجهيز(500 مقاتل) من قوات القسام لكي يستعدوا للخروج, فباتت الأنفاق تمثل تهديدا علي الأمن القومي المصري ومن هنا بدأ غلق الأنفاق, ولم يقدم رئيس خدمة لأمن إسرائيل مثلما فعل محمد مرسي خلال سنة واحدة وذلك لعدة أشياء منها أن حماس فرع من فروع الإخوان المسلمين, وبالتالي ما كان لا يستطيع أن يفعله أي نظام سابق مع حماس يستطيع أن يفعله مكتب الإرشاد باعتباره القيادة العليا, وهذا ترجم علي أي أساس حدث العدوان علي قطاع غزة وكان جس النبض وكشف عن موقف الإخوان بعد أن تولوا السلطة وراح ضحيته أحمد الجعبري القائد العسكري لحماس, حيث أرسل رسالة إلي الكيان الاسرائيلي مفادها أننا سوف نضبط الوضع ولن يتم إطلاق صواريخ تجاه إسرائيل, ولكن تحالف قطر والإخوان وحماس يريد أن يتم عمل علاقة مع إسرائيل فكان يجب التخلص منه بأي شكل لأنه يميل تجاه إيران وسافر إلي لبنان بجواز سفر إيراني والتقي بحسن نصر الله, وكان يجب إزاحته لان الإخوان أوهموا حماس بأنه عندما توافق علي نبذ العنف ووقف العمليات العسكرية سوف تدخلها العملية السياسية مع أمريكا, وعند حدوث عدوان غزة(2012) تم الاتفاق علي حدوث تهدئة, ولأول مرة في تاريخ اتفاقات التهدئة وافقت حماس بدعم من الإخوان وبرعاية محمد مرسي أن يكتب في الاتفاقية أنه يوقف الجانب الفلسطيني أعماله العدائية ضد إسرائيل أي لا توجد مقاومة وثانيا تضمن مصر تنفيذ الاتفاق وعدم القيام بأي عمليات عسكرية من غزة وعدم تهريب أسلحة وأفراد إلي سيناء والاسوأ من ذلك وضع مجسات علي الحدود المصرية الإسرائيلية وهو ما كان لا يقبله الرئيس السابق حسني مبارك, والأخطر إقامة منطقة تجارة حرة علي الحدود المشتركة بين مصر وفلسطين بمساحة(750) كيلومترا من سيناء لتفريغ أهالي قطاع غزة ووضعهم مكانها. وللعلم كل ما حدث منذ قيام الثورة وحتي ما قبل محمد مرسي كان ينسب إلي الطرف الثالث وفجأة توقف الطرف الثالث بعد تولي مرسي الحكم, ولكنه عاد مرة أخري كما حدث في تفجير أنابيب الغاز وقنص جنودنا في سيناء بالإضافة إلي تصريح محمد البلتاجي عندما أشار إلي أنه في اللحظة التي يخرج محمد مرسي من محبسه فسوف تتوقف العمليات, ولذلك هناك مغزي بأن هذه الجماعات مرتبطة بالإخوان ارتباطا عضويا و يعملون بمخطط مشترك يديره التنظيم العالمي للإخوان المسلمين. حيث يشير د.ياسر عبدالعزيز الخبير الاعلامي إلي أنه لا يمكن النظر إلي ادوار حماس حيال الواقع المصري باعتبارها أدوارا منفصلة عن مصلحة جماعة الإخوان المسلمين وارادتها وسياستها فحماس بشكل أو بآخر جزء من جماعة الإخوان المسلمين وأداة من أدواتها وتعمل علي تطبيق استراتيجيها وما حدث حيال حماس منذ اندلاع الثورة هو اتساع دورها وزيادة درجة تأثيرها في الواقع بعد تزعزع قبضة الدولة وما تلاها من وصول الإخوان المسلمين إلي الحكم كما تصدر أحكام باتة في اتهامات وجرائم منسوبة لحماس لكن قطاعا كبيرا من المصريين بات يدرك ان حماس نسقت مع الإخوان في عملية اقتحام السجون التي جرت في أعقاب ثورة25 يناير, كما اعترفت حماس نفسها بأنها فعلت ذلك أو حررت معتقلين وسجناء لها علي الأقل ومن يحلل قيادات حماس منذ اندلاع الثورة حتي الآن يجد اعترافا واضحا بل وتأكيدات بأن حماس لن تسمح بغلق الأنفاق وأنها تستخدمها في تهريب السلاح وأنها قامت بتحرير سجناء لها وأنها تحذر الدولة المصرية من الحفاظ علي أمنها القومي وغلق الأنفاق. في حين يشير د.أحمد زايد أستاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة القاهرة إلي أنها جماعة منغلقة علي نفسها وتنظرإلي نفسها بأفضلية عن الآخرين, وأن رأيها هو الأصوب بغض النظر عن مدي صحته او عدم صحته, بل أن هذا النوع من الفكر المتطرف لا ينظر لأفكاره علي أنها خطأ, ولذلك ينظر إلي الآخرين نظرة فيها قدر من الدونية والاحتقار وعدم الثقة, ماداموا أنهم لا يتفقون معهم في الرأي وفي ضوء هذه الخصائص نجد أن هذه الجماعات المتطرفة تسعي لتحقيق مصالحها بأي شكل كان حتي وإن كان علي تقسيم الوطن نفسه وهذا ما حدث مع حركة حماس والإخوان المسلمين, فحماس سببت الانقسام الفلسطيني بل إنها تصر عليه لانها تحاول إفشال المفاوضات الفلسطينية- الفلسطينية لتحقيق نوع من الوئام الوطني بنفس الطريقة التي حاول بها الإخوان المسلمون تقسيم مصر إلي فرق متناحرة وتفكيك أجهزة الدولة( كالقضاء والإعلام والشرطة و أخيرا الجيش وكان مستهدفا), كما أن مثل هذه الجماعات المتطرفة يسعون إلي تحقيق أهدافهم السياسية بوسائل براجماتية أي عملية لا علاقة بها بالدين حيث يرفعون شعارا فتجدهم يغيرون من سياستهم ويقولون أقوالا تتعارض كثيرا مع ما يفعلون وتحالفات فيها قدر كبير من المصلحة التي لا تراعي في معظم الأحيان مصلحة الوطن دون إدراك لأي متغيرات سواء عالمية او إقليمية أو محلية, ونتيجة لذلك نجد أن حماس تقف ضد إسرائيل وترفع فكرة الكفاح المسلح وتطلق علي إسرائيل بعض الصواريخ بين الحين والآخر بل إن سلوكياتها الإستراتيجية وأفعالها السياسية تؤدي في النهاية الي تقوية إسرائيل وإلي تزايد النفوذ الأمريكي, وينطبق هذا المبدأ علي الإخوان وبالرغم من أنهم يرفعون شعارات مقاومة الاستعمار وإسرائيل والجهاد في بعض الأحيان إلا أن أفعالهم السياسية وإدارتهم السياسية تؤدي في النهاية إلي مزيد من السيطرة الأمريكية والقوة الإسرائيلية وهذا بسبب البرجماتية التي أشرت إليها وفي النهاية أهم شيء لديهم ان يصبحوا في الحكم.