لعل أهم خدمة قدمها الفريق السيسي ورفاقه في القيادة العامة للقوات المسلحة لهذا الوطن, كان إنهاء المشروع الإخواني بجر مصر إلي المصير السوري.هذا المشروع الذي بدأ بتوافد من يدعون بالجهاديين علي سيناء في ذات الوقت الذين تدفقوا فيه علي سوريا ليس لجهاد إسرائيل, ولكن لجر الجيش المصري إلي ما ظنوه مستنقعا يستنفد قواه حتي يخلو الجو للإخوان للهيمنة علي مصر, وتحويلها لولاية تابعة للعثماني التركي أردوغان. دعتهم نفوسهم المريضة لإتباع نفس التكتيكات التي استخدمت لضرب الجيش السوري وتفتيت سوريا.حاولوا استباق الحشود الشعبية لحركة تمرد يوم الثلاثين من يونيو الماضي بحشودهم, وأن يستبقوا ملايين التوقيعات علي استمارات تمرد بافتعال ما أسموه حركة ستجرد التي زعموا, انها جمعت أكثر من ستة وعشرين مليون توقيع, وهو ما لم يظهر له أثر.كان غرضهم إيهام الرأي العام الدولي أن الشعب المصري يؤيدهم, ويحارب في صفوفهم, حتي إذا قام الجيش المصري بواجبه في التصدي لمؤامرتهم, قاوموه بالسلاح,واوهموا العالم أنه يضرب شعبه ومهدوا الأرض للتدخل الغربي الاستعماري كما جري في ليبيا, ويجري في سوريا. كانت فضيحة اجتماع الصالة المغطاة لإعلان الجهاد في سوريا خطوة أكثر جرأة وحماقة في المخطط المرسوم. وقف رئيسهم المعزول يصيح لبيك سوريا علي نمط زنعيقهم القديم لبيك أفغانستان الذي ضللوا به بعضا من خيرة الشباب العربي, وأخذوه من مكانه الطبيعي المقاوم للصهاينة والأمريكان ليوظفوه في خدمة هؤلاء الأعداء أنفسهم بدعوي الجهاد ضد الكفار,وحماية ديار الإسلام.بعد ذلك انطلقوا لتدمير ما استطاعوا من بلاد العرب والمسلمين بدءا من الجزائر وليس نهاية بسوريا.مستحلين فريضة الجهاد التي أحالوها إلي نذيردمار لدماء وديار واموال وأعراض المسلمين. وقد حاولوا شق صفوف قواتنا المسلحة من خلال الاتصال ببعض قادتها,ظنا أنه يمكنهم افتعال جيش مصري حرسعلي نمط ما أسموه بالجيش السوري الحر فلما خاب ظنهم,جن جنونهم فخططوا لاغتيال قائد الجيش الثاني, وراح ناعقهم يوسف القرضاوي, يدعو القادة والجنود للتمرد والعصيان, ولم يكف عن تخاريفه فاتبع ذلك بدعوة جديدة ل الجهاد لنصرة معتصمي رابعة. ولو أنه وجه تخاريفه ضد أي من دول سادته الخليجيين, لألبسوه الهلاهيل, وأركبوه حمارا, وداروا به في الأسواق لتجريسه قبل أن يقطع رأسه السياف. مفاهيمهم السطحية حتي لأمور الدين والجهاد,وضحالة فقههم وثقافتهم حولتهم عملاء بلاثمن للاستعمار والصهيونية,اللذين أسعدهما بالطبع ان يقدموا ل الإسلاميين كل التسهيلات من المال والتدريب والسلاح لرفع رايات الجهاد لخدمة الأهداف الأمريكية الصهيونية في جميع بلاد المسلمين, ثم نكلوا بهم كلما فرغوا من تحقيق أحدهذه الأهداف. نكل الأمريكان ب المجاهدين الأفغان بعد سقوط الاتحاد السوفييتي السابق.., ثم سلطوهم علي الجزائر واليمن ومصر, وأطلقوهم لتمزيق الصومال ومالي,فلما تحقق الغرض ضربوهم في كلا البلدين, وهاهم أعادوا اطلاقهم لتمزيق ليبيا وسوريا, انتظارا لتمزيق مصر. والإرهابيون لايتذكرون دروس فشلهم, ولاحجم ما فعله الأمريكان بهم فيندفعون لتنفيذ كل غرض أمريكي يستجد. ضربتان استراتيجيتان هائلتان أوقعهما السيسي ورفاقه بالمتآمرين.أولاهما في الثلاثين من يونيو,عندما انحازت القوات المسلحة لملايين الشعب وجري عزل الرئيس الإخواني وإفساد المؤامرة الأمريكية الصهيونية لتمزيق البلاد.نجاح الضربة أصاب الإخوان بالدوار, فتجمعوا بميداني رابعة والنهضة.ظنوا أن جمع قوتهم الضاربة,سيمنع قوات الجيش والأمن من إخراجهم تجنبا لإسالة الدماء. راودهم الأمل في إسالة الدماء ليتمكنوا من الإساءة لسمعة الجيش وقياداته, وليكون ذلك مبررا لدعوة التدخل الأجنبي المنشود. لكن ضربة السيسي ورفاقه الثانية في السادس والعشرين من يوليوجاءت قاتلة,وفي إطار العلاقة المباشرة بين الشعب وجيشه ودون وسطاء.القائد العام طلب الدعم لقواته فتدفق الشعب يلبي النداء. وعلمت الدنيا كلها أن الشعب وجيشه فريق واحد يواجه فريق الإخوان. طبيعي اذا ان يجن جنون القرضاوي, ربيب قصور حكام الخليج, وأردوغان ربيب مخابرات حلف الناتو. الأول خاف أن ينتهي عمره دون أن يحقق كامل أهداف أسياده الخلايجة والأمريكان فراح ينعق عسي أن يستجيب له من تخدعهم شعارات الجهاد.والثاني أدرك سقوط حلمه الأمبراطوري, فراح يلهث حتي لا يسقط عن عرش اسطمبول. أما الإخوان في رابعة والنهضة فعادوا يعتصمون بثقافتهم الضحلة المسطحة,يجادلون في تعريفات الثورة والانقلاب, غير مدركين أن كليهما يقع ضد حكم خائب فاشل, وأن كليهما يتخذ إجراءات وقائية متعددة ضد الحاكم المعزول.وتركوا مفاهيمهم الأصلية التي تعتبر الثورة خروجا محرما علي الحاكم الشرعي يستوجب قتل من يشارك فيه,زاعمين لأنفسهم أنهم رجال الثورة وحماتها. لعل أفضل ما جاء في تكليف وزير الداخلية بمواجهة الموقف للحفاظ علي أمن البلاد هو أن التكليف جاء لوزير الداخلية تحديدا لأن ما يجري هو ظاهرة تهديد بالغ لأمن البلاد تقع مسئولية مواجهته بالأساس علي عاتق الشرطة,وكذا فقد تضمن التكليف ضرورة التزام الدستور والقانون.لكننا ننصح بمزيد من الصبر الإستراتيجي فلعل الإخوان يراهنون علي نفاد صبرنا أولا, ويستفزوننا لنحقق ما يتطلعون إليه من إسالة أنهار الدم التي تمنع استكمال ثورة تبلورت قيادتها متمثلة في السيسي, وتبلورت طليعتها متمثلة في تمرد. * محام وناشط سياسي لمزيد من مقالات أحمد عبد الحفيظ