الحياة حافلة بالمسرات لمن يتدبر في القرآن الكريم وهي كذلك حافلة بالمضرة وبعض الناس لا يري فيها شيئا من مسرة علي الإطلاق فكيف يعيش هؤلاء وما الطريقة المثلي للتفكير الذي يهدينا إلي الصواب في ضوء توقفنا عند كتاب الله عز وجل؟ يقول الدكتور مبروك عطية الأستاذ في جامعة الأزهر الشريف, الحياة خليط بين المسرة والمضرة ما خلقت علي مسرة دائمة ولا علي مضرة دائمة كذلك وفيها اليسر وفيها العسر وفيها الغني والفقر والصحة والمرض والحل والسر ولكن المتوقف عند كتاب الله عز وجل يدرك أن اليسر غالب وأن المحنة قليلة وأن الابتلاء بشيء لا بكل شيء قال الله تعالي ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون فقال الله عز وجل بشيء من الخوف وليس بالخوف كله وقال تعالي.. ونقص من الأموال والأنفس والثمرات ولم يقل بإبادة الأموال وأخذ جميع الأنفس, ومع يسر الإبتلاء وأنه بشيء لا بكل شيء قال عز وجلوبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون يقولونها بقلوب حاضرة غير غائبة قبل أن تنطق بها شفاههم فالعبرة في هذا الدين بالقلب لا بالشفاة وبالحضور لا بالغياب قال تعالي: إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب, ثم إن الله عز وجل يقول: وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين ومن هذه الآية الكريمة استدل العلماء علي أن الدعاء عبادة والله تعالي كما حدثنا رسوله صلي الله عليه وسلم لا يمل حتي نمل سميع مجيب فإذا دعوناه ليل نهار ما قال لنا كفي وإنما قال أستجيب لكم. يقول الدكتور مبروك عطية إن الله يغضب إن تركت سؤاله, ويضيف ولا شك أن دعاء الله عز وجل أوسع من الابتلاء, دعا أيوب عليه السلام ربه فلما استجاب الله دعاءه قال وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكري للعابدين فما عسي أن يتذكر العابدون إلا أن الله تعالي يجيب دعاء من دعاه ويكشف السوء والكرب وينجي من كل الظلمات ويزيد من دعاه ولك أن تتصور هذا بأن الإبتلاء إذا كان ساعة فإن الدعاء يكون اربعا وعشرين ساعة فهو اعم واشمل وأوسع للعبد واسرع وقد قال الله تعالي: إن مع العسر يسرا ان مع العسر يسرا قال العلماء لن يغلب عسر يسرين باعتبار أن النكرة اذا كررت كانت الثانية غير الأولي كما تقول لقيت رجلا وسلمت علي رجل فمعني ذلك أن هنالك رجلين بخلاف ما لو قلت لقيت الرجل وسلمت علي الرجل فهو رجل واحد والعسر معرفة ويسرا نكرة فالعسر واحد واليسر اثنان فلن يغلب عسر واحد يسرين, وقد قال الله تعالي: أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتي يقول الرسول والذين آمنوا معه متي نصر الله ألا إن نصر الله قريب فوجود الالام والأوجاع لا يؤثر بسوء ولا بيأس مادام نصر الله قريبا.