أريد أن أوضح أن خطوة الإضراب الأيرلندي خطوة لا عودة عنها, بل إن هناك خطوة أخري ستتلو تلك الخطوة إذا ما وجدنا إصرار الحكومة الإسرائيلية علي تعنتها الغبي فسوف أتوقف عن الماء لعل الله يوقف نبض قلوبنا فنريحكم ونرتاح ليبقي العار واصما الاحتلال وأسياد الطغيان هذه الكلمات المؤثرة التي ربما تكون الأخيرة وجهها الأسير المضرب عن الطعام في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ مطلع مايو الماضي عبد الله البرغوثي لزوجته وابنته تالا وأخته أكد فيها إصراره علي الاستمرار في إضرابه حتي نهاية المشوار. فمنذ أكثر من ثمانين يوما يخوض الأسير عبد الله البرغوثي ورفاقه المضربون عن الطعام معركتهم مع سلطات الاحتلال, معركة' الأمعاء الخاوية' وسلاحهم الوحيد فيها أجسادهم النحيلة, للمطالبة بنقلهم إلي سجون الأردن لقضاء ما تبقي من مدة الأحكام عليهم تطبيقا لاتفاق' وادي عربة' الموقع بين الأردن وإسرائيل. والبرغوثي واحد من الأسري الذين يحملون الجنسية الأردنية, والذين حذر عيسي قراقع وزير شئون الأسري والمحررين من أن أوضاعهم في مستشفيات السجون الإسرائيلية غاية في الخطورة, وصرح بأن البرغوثي خاصة الذي يتلقي العلاج في مستشفي العفولة مكبل اليدين والساقين في حالة خطر شديد, وأنه معرض للموت المفاجئ في أي لحظة, وقد أصيب بانسداد في الشرايين بحيث لم يعد جسده يتجاوب مع المحاليل, ولم تعد الإبر قادرة علي الثبات في أوردته بسبب حالة الضمور والانكماش في خلايا جسده, وفشل الأطباء في إعطائه أي مدعمات طبية بسبب تردي وضعه الصحي لأن الأوردة في حال انكماش كاملة, وهو ما أدي إلي نقص حاد في مستوي الرؤية ودخوله حالات غيبوبة طويلة تصل إلي71 ساعة يوميا, وفقدانه02 كيلوجراما من وزنه ومعاناته من آلاما حادة في كل أنحاء جسده, بحيث أصبح جسده غير قادر علي تصريف الأدوية, وهناك خشية من تلف الكبد لديه مما يدخله في مرحلة الخطر المتقدم. وقد هدد الأسري الفلسطينيون بتصعيد غضبتهم إلي حدود لم تشهدها المعتقلات الإسرائيلية من قبل, في حال تعرض الأسير البرغوثي لأي مكروه عقب تدهور وضعه الصحي ووصوله إلي مرحلة الخطر القصوي, وبعد أنباء تناقلتها وسائل إعلام إسرائيلية عن موته سريريا, وهو ما دفع إسماعيل هنية رئيس وزراء حكومة حماس المقالة في غزة إلي إجراء اتصالات مع مسئولين في جهاز المخابرات المصرية مطالبا إياهم بالتحرك والضغط علي إسرائيل لحماية الأسير عبد الله البرغوثي ووقف معاناته, وقد تلقي هنية بالفعل وعدا مصريا بالتحرك العاجل لحل هذا الملف. والأسير عبدالله البرغوثي'41عاما' هو مهندس كتائب القسام الأول في الضفة الغربية وصاحب أعلي حكم في تاريخ المقاومة الفلسطينية للاحتلال الاسرائيلي ب67 مؤبدا, بعد أن اتهمته إسرائيل بالتخطيط وتنفيذ العديد من العمليات المسلحة التي أسفرت عن مقتل67 إسرائيليا في سلسلة عمليات نفذت بين عامي2000 و2003, وحرمته قوات الاحتلال منذ13 عاما من رؤية والديه, ولم ير زوجته وأولاده منذ ستة أعوام, ومكث بالعزل الانفرادي ثماني سنوات, كما رفضت إطلاق سراحه ضمن صفقة تبادل الأسري التي أبرمتها مع حركة حماس قبل عامين. ولد البرغوثي بالكويت عام1972 حيث إقامة أسرته, وفي الثامنة عشرة من عمره شارك في حرب الخليج الأولي ضد القوات الأمريكية حيث اعتقل علي أثرها شهرا وأفرج عنه بعد نهاية الحرب, وبعدها رحل إلي الأردن حيث أقامت عائلته وعمل في إصلاح السيارات لفترة, ثم سافر إلي كوريا الجنوبية لإكمال تعليمه الجامعي وتخصص في الهندسة الإلكترونية بمجال تصميم وتصنيع اللواقط الفضائية لكنه لم يستطع إنهاء دراسته وتزوج إحدي الفتيات الكوريات, وبعد خمس سنوات عاد سنة1998 إلي عمان وتزوج مرة ثانية, ثم تغير مسار حياته وانحني إلي التدين, وعمل في إحدي شركات تصنيع التليفزيونات كمهندس إلكتروني, واستقر بقريته بيت ريما بقضاء رام الله, ورزق ببنت تالا وولد أسامة, ولم يكن عبد الله يحمل بطاقة هوية فلسطينية لأن عائلته كانت قد فقدت المواطنة أثناء وجودها في الكويت, ولكنه استطاع القدوم لفلسطين عن طريق تصريح الزيارة, وهناك شرع بتأسيس عائلته التي ستعيش معه فترة مطاردته وإشرافه علي تنفيذ عدة عمليات ضد أهداف في إسرائيل. قادته مهاراته في مجال تصنيع المتفجرات عن طريق ابن عمه الأسير أيضا بلال البرغوثي للانضمام لصفوف كتائب القسام, حيث عمل علي إنتاج العبوات الناسفة وإنتاج مواد سامة من زس العسكري في أحد المخازن في بلدته, وبلغ مجموع القتلي في العمليات من تنسيقه وتدبيره نحو67 إسرائيليا وأكثر من500 جريح, ومن بين العمليات البارزة التي شارك فيها عملية سبارو التي شكلت الشرارة الأولي, وعملية الجامعة العبرية, ومقهي مومنت, والنادي الليلي في مستوطنة ريشون لتسيون قرب تل أبيب وقتل فيها نحو53 إسرائيليا وجرح نحو370آخرين. وفي5 مارس2003 استطاعت المخابرات الإسرائيلية اعتقاله أثناء خروجه من أحد مستشفيات رام الله حيث كانت تعالج طفلته تالا عندما فوجئ بالقوات الخاصة تقتحم يديه وتكبله. وعلي الرغم من أن أقصي مدة تحقيق مسموح بها قانونيا لا تتجاوز90 يوما, فإن التحقيق المتواصل مع التعذيب استمر معه مدة زادت علي5 أشهر, حيث اعتقل في مارس وخرج من التحقيق في نهاية شهر أغسطس من العام نفسه, وفي13 نوفمبر2003, عقدت المحكمة العسكرية الإسرائيلية جلسة عاجلة نطقت فيها بالحكم النهائي وذلك ب67 مؤبدا وهو أعلي حكم ضد أسير فلسطيني.