مصر مازالت تعيش في حالة من الانقسام والتشرذم جراء دعوات تحريضية بالعنف وهي أمور من شأنها أن تفرق ولا تجمع وتؤدي الي مزيد من اهدار الدماء المصرية الغالية. ولذا توجهنا للدكتور أحمد عمر هاشم, رئيس جامعة الأزهر الاسبق وعضو هيئة كبار العلماء والمعروف عنه الوسطية والايمان السمح والعلم العميق بصحيح الدين. والذي أكد أن الانقسام حرام شرعا وأن قتل المسلم لأخيه ليس جهادا ولكن كفرا. وأكد ضرورة وضع نهاية للتشرذم والتفرقة بإجراء مصالحة وطنية. كما أشار فضيلته الي أن لجوء أحد الفرقاء للاستقواء بالخارج والتدخل في شئون مصر الداخلية ليس من الاسلام بل هو خيانة عظمي للوطن والي نص الحوار ما انطباعك عن الأجواء التي نعيشها بمصر مؤخرا وتتسم بالعنف؟ هذه الحالة التي يعيشها الوطن تستوجب من جميع الأطياف والقوي السياسية أن يقوموا بمصالحة وطنية بين جميع الفئات إن كانوا يريدون حقا المصلحة العامة. ويستلزم ذلك مشاركة جميع الأطياف بلا استثناء ولا إقصاء لأحد وكذلك كل القوي السياسية بحيث يحدث وفاق مجتمعي بين كل الفئات لأن هذه هي الوسيلة الوحيدة التي تنهض بها مصر وتخرج من كبوتها التي أوقعوها فيها حتي تتمكن مصر من أداء رسالتها وتنجز كل أنشطتها التي من شأنها احداث التنمية في المجتمع المصري. أما إذا ظللنا علي ما نحن عليه من صراعات وانقسامات فلن يمكن للدولة أن تنهض وسنتأخر ألف سنة للخلف. فمصر بلد تحوذ حب العالم كله, فمصر لو وقعت دون أن يدافع عنها أحد ورأي ذلك أبناء المجتمع العربي والافريقي لأبدوا تمام استعدادهم للتبرع بأرواحهم للدفاع عن مصر, فهذا الانقسام الذي تعيشه مصر مؤخرا حرام ولا يحل شرعا فهذه التفرقة والتشرذم لابد أن ينتهي ولابد أن تعلم جميع القوي السياسية بلا استثناء أنهم لن يخلدوا في هذه الدنيا لكي يحرصوا علي المنصب أو الرئاسة أو الجاه أو المال. هل الحفاظ علي السلطة أو المنصب يستحق أن تسفك الدماء من أجله؟ من أخطر ما وقع فيه أبناء مصر في هذه المرحلة جميعا وبلا استثناء سقوط قتلي بلا ذنب بسبب انقسامهم وخلافاتهم وللعصبية الكاذبة والعنصرية الضالة والتي تسببت في إزهاق أرواح بريئة وإراقة دماء ظلما وعدوانا. فالإنسان الذي يقتل غيره ويعتدي علي حرمة النفس الإنسانية عقابه عند الله كبير لأن الرسول صلي الله عليه وسلم قال من قاتل تحت راية عمية أي أمرها أعمي غير واضح يدعو لعصبة أو يغضب لعصبة أو ينصر عصبة قتل كقتلة الجاهلية, ومن خرج علي أمتي يضرب برها وفاجرها لا يتحاشي من مؤمنها ولا يفي لذي عهد عهده فليس مني ولست منه. فالرسول صلي الله عليه وسلم تبرأ من من يقتل الإنسان أو يعتدي عليه لأن القرآن الكريم قال فلا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق لكن هناك البعض يخرج في الأحداث الأخيرة بمنطق الجهاد فما رأيك في ذلك؟ قتال الإنسان لأخيه ليس جهادا ولكنه كفر: لأن الرسول صلي الله عليه وسلم قال: سباب المسلم فسوق وقتاله كفر, فمن يعتدي علي حرمة أخيه المسلم تبرء منه رسول الله صلي الله عليه وسلم. فهذه الأنفس التي أذهقت والدماء البريئة التي تراق كل يوم لن يترك الله من أقدموا علي هذا العدوان إلا وسيعاقبهم في دنياهم قبل آخرتهم. فالواجب أن نحمي الوطن وأن نصون حرمة النفس الإنسانية وأن يرتدع الآثمون. فقتل الإنسان لأخيه المواطن ليس جهادا, بل أن الرسول صلي الله عليه وسلم سماه كفرا. فالجرم لا يكون في قتل المسلم للمسلم بل لأخيه المواطن سواء كان مسلما أو غير مسلم كما علمنا الرسول الكريم. ماذا تقول لأنصار الرئيس السابق محمد مرسي والذين يصرون علي مواقفهم وبمطالبهم في عودة رئيسهم تطبيقا للشرعية ويرون في ذلك تطبيقا لشرع الله؟ ليس هذا من شرع الله في شيء, إن شرع الله يقول أن الذي يولي هو الله, والذي يولي الحاكم الحكم هو الله, فقد قال الله عز وجل بالقرآن الكريم قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء بيدك الخير إنك علي كل شيء قدير فعلي الجميع أن يقبلوا الأمر الذي فيه حقن الدماء وليعلم كل من يحاول إحداث شغب أو بلطجية أو قطع طرق أو أستعمال خرطوش أو أي آلة لضرب أخيه الأنسان وعليه أن يفهموا جيدا قول الرسول صلي الله عليه وسلم سباب المسلم فسوق وقتاله كفر, فلعلم هؤلاء وأولئك أن قتالهم لأخوتهم المسالمين خروج عن حظيرة الأسلام والرسول بريء من كل من يزهق روح أخيه الأنسان وقد حذر الرسول أشد التحذير من ذلك فقال لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض. فالذي يحل دم أخيه خرج من حظيرة الأسلام والرسول بريء منه ولذا أرجو من أبنائنا المغررين أو الذين أشتريت ذممهم بمقابل مادي. أن المال فان ولا يبقي وكذلك المناصب زائلة ولا تدوم فكل ما علي الدنيا إلي زوال وفناء ولن يبقي سوي وجه الله فعلي كل هؤلاء أن يتذكروا أن الدنيا ليست خالدة والعدوان علي الآخرين ظلما مبين وسيلقون جزاء عدوانهم في الدنيا قبل الأخرة. ما انطباعك علي محاولات الأستقواء بالخارج والدعوة للتدخل في شئون مصر الداخلية؟ هذا أمر خارج عن الأسلام وبعيد عن تعاليمه وخيانة وطنية عظمي, والذين يفعلون ذلك يتآمرون علي وطنهم أما الذين يستجيبون لهم من الخارج فسيجنون جزاء ما إرتكبت أيديهم, وعليهم جميعا تحكيم العقل وأن يرجعوا الي الصواب. هل التحريض علي العنف وسفك الدماء لا يستوجب المحاسبة والعقاب علي من اقترفه؟ الذي يحرض علي القتل وهدم المنشآت وضرب الناس والتراشق بالأحجار أو يحرض علي أي عمل عدواني فهو شريك بالاثم, لأن الرسول صلي الله عليه وسلم قال من دعا إلي ضلالة كان عليه الاثم مثل آثام من إتبع ولا ينقص ذلك من أوزارهم شيء. هل تعتبر محاكمات المحرضين علي العنف وأرتكاب جرائم القتل إعتقالات مجرمة؟ بالعكس لأن كل من أرتكب ذنبا أو إثما فالقضاء هو الحكم في هذا وواجبنا أن نسمع الي كلمة القضاء لانه الحكم بين السلطان والفئات وما يقضي به هو ما ينفذ. كيف يمكن التئام الأوضاع وردع الصدع الموجود في جدار الأمه المصرية حاليا؟ التئام الموقف الحالي يتم بأن يلتقي ممثلو جميع الهيئات والقوي في الأزهر الشريف مع هيئة كبار العلماء حتي يوضحوا الحقائق الغائبة عن عقول كثير من الذين يندسون في الفتنة أو يتورطون فيها ويترتب علي ذلك إزهاق للأرواح التي لا ذنب لها والتي سيسألون عنها أمام الله وسيحاسبون عليها حسابا عسيرا. وحين توضع لهم هذه الحقائق فعلي ثقة إن كانوا مؤمنين بالله ربا وبالأسلام دينا ومحمدا نبيا ورسولا فبلا شك سيحكمون الحق والشرع والدين ولن يقبل أحد منهم أن تزهق روح مصري سواء كان مسيحيا أو مسلما. وحينئذ نطالبهم بالتوبة إلي الله والرجوع اليه عما بدر منهم وأن يتداركوا خطأهم في الدنيا قبل الأخرة ماالرسالة التي توجهها لأبناء التيار الاسلامي والمشاركين في أحداث العنف ؟ رسالتي أوجهها لجميع أبناء مصر وشبابها المشاركين في المظاهرات والمشاجرات أن يلقوا مابأيديهم من آلات وأسلحة ويحكموا العقل وأن يتوبوا إلي الله مما اكتسبت أيديهم ويثوبوا إلي رشدهم فالدنيا لا بقاء لها. فلا تدخلوا جهنم بأيديكم حين تستبيحوا دماء إخوانكم ظلما وعداونا ولا تكونوا مفسدين بقطعكم للطرق, فأناديكم وأطلب منكم أن تحكموا العقل واتركوا الأمر للخالق وهو المدبر وهو الذي يعطي الملك لمن يشاء وينزعه ممن يشاء.