بيان 3 يوليو نقطة فارقة فى أحداث مصر وطوق إنقاذ الدولة المصرية    «ابدأ» لتنمية المشروعات توقع بروتوكول تعاون مع «مون دراجون» الإسبانية    سموتريتش: لا مفر من حرب حاسمة وسريعة ضد حزب الله    مقتل 3 أشخاص جراء انفجار نتيجة تسرب الغاز الطبيعي بمبنى في تركيا    مبابي ودي بروين.. مواجهة من العيار الثقيل    برشلونة الإسباني يعلن رحيل الثلاثي ألونسو وكانسيلو وفيلكيس    مصدر من رابطة الأندية ل في الجول: تحويل شكوى المقاولون لإعادة مواجهة بيراميدز لاتحاد الكرة    ظهرت الآن نتائج التاسع سوريا 2024 بالاسم ورقم الاكتتاب    إجمالي إيرادات فيلم أهل الكهف في دور العرض.. بطولة خالد النبوي (بالأرقام)    بعد 30 يونيو.. كم يومًا تفصلنا عن موعد إجازة رأس السنة الهجرية 2024؟    صور| «وحدة الوطن وبناء الجمهورية الجديدة».. عنوان احتفالية مطروح ب30 يونيه    غتوري يشيد بمستوى اللاعبين في النسخة الأولى من بطولة دوري البادل    شوبير يوجه رسالة قوية لجماهير الزمالك بعد غيابها عن مباراة سيراميكا    السوداني: لا يوجد معتقل أو سجين رأي في العراق    السيطرة علي حريق داخل برج سكني في منطقة الدقي    سيارات الأحوال المدنية المتحركة تستخرج 8 آلاف بطاقة رقم قومى للمواطنين    ضبط متهم بإدارة كيان تعليمى بدون ترخيص بالجيزة    رئيس جامعة مصر للمعلوماتية: مصر تستخدم أدوات الذكاء الاصطناعي لتوثيق الآثار    قبل إعلان نجوم «مهرجان العلمين» غدا.. عمرو دياب يفتتح موسم حفلات «الساحل»    تحليق 19 رحلة بالون وتوزيع هدايا بمناسبة ذكرى 30 يونيو في الأقصر    بأغنية "الكميا راكبة".. عمرو سعد وأحمد سعد يحتلان المركز الثاني بتريند "يوتيوب"    ياسمين عبد العزيز تعود للجيم مرة أخرى بعد فترة توقف    نتنياهو: الحرب مستمرة حتى هزيمة حماس تماما وقواتنا تعمل فى كل مكان بقطاع غزة    mbc مصر تحصد 4 جوائز بالمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون.. تفاصيل    وزيرة التضامن الاجتماعي تتفقد حملة «من بدري أمان» بالأسمرات    وكيلة الصحة بالإسماعيلية تشيد بمستوى النظافة والرعاية للأطفال بدور الإيواء (صور)    شواطئ الإسكندرية ترفع الرايات الحمراء لتحذير المصطافين وانتشار الإنقاذ    جولة تفقدية لمحافظ الغربية لمتابعة عدد من المشروعات في مدينة طنطا    قبل بدء العام الهجري الجديد.. تعرف على أسباب تسمية شهوره    هل يقع الطلاق باللفظ دون النية؟.. فيديو يوضح الحكم كاملا    مصر أولا.. ثورة 30 يونيو.. الفلسفة والمنطلقات.. 11 سنة على قيام الجمهورية الثانية!    تفاصيل آخر تطورات الانتهاء من التشكيل الوزاري والمحافظين وحلف اليمين    رئيس جامعة المنوفية: بدء اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنشاء معهد الأورام    حسام موافي يحذر من نقص الكالسيوم - احذر هذه الأعراض    هنا.. خطوات الاستعلام عن نتيجة الدبلومات الفنية 2024 عبر الخاصة بالنتائج fany.emis.gov.eg    مفهوم الوطنية الصادقة ندوة بمسجد بكفر شكر احتفالا بذكرى 30 يونيو    ياسر حفني أفضل مدرب في بطولة العالم للخماسي الحديث للناشئين    ضبط 388 قضية مخدرات و211 قطعة سلاح خلال 24 ساعة    مسؤول أممي: الدمار الشديد في قطاع غزة يعرقل عمل الجهات الإغاثية الدولية    صناعة الحبوب: ثورة 30 يونيو حافظت على أمن الوطن والتوسع في المشروعات القومية    هل الصلاة في المساجد التي بها أضرحة حلال أو حرام؟..الإفتاء توضح    أكثر من 15 سيارة جديدة تدخل السوق المصري لأول مرة في 2024    إدارة الحوار الوطني تهنئ المصريين بذكرى ثورة 30 يونيو: سطروا بها ملحمة وطنية فريدة    السيدة انتصار السيسي: أدعو المصريين إلى استلهام روح 30 يونيو لمواجهة التحديات    ماذا قدّم ياسر حمد قبل رحيله عن الزمالك؟    عبدالغفار يبحث مع «الصحة العالمية» إجراءات حصول مصر على الإشهاد الدولي بالخلو من مرض الملاريا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 30-6-2024    أبو الغيط يكشف صفحات مخفية في حياة الرئيس الراحل مبارك وتوريث الحكم وانقلاب واشنطن عليه    أبو الغيط يلتقي وزير خارجية الصومال    أسعار الخضراوات اليوم 30 يونيو في سوق العبور    بكين: ارتفاع أرباح خدمات البرمجيات والتكنولوجيا 16.3% خلال أول 5 أشهر في 2024    إخماد حريق داخل شقة سكنية فى بولاق الدكرور دون إصابات    هيئة بريطانية تتلقى بلاغاً عن حادث قرب ميناء المخا اليمنى    ملخص وأهداف مباراة الأرجنتين ضد بيرو 2-0 فى كوبا أمريكا    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الأحد 30 يونيو    شاهد محمد أبو تريكة يصنع الحدث في مواقع التواصل بعد احداث مباراة المانيا والدنمارك ... خالد منتصر يسخر من تصريحات محمد أبو تريكة    ما هي أول صلاة صلاها الرسول؟.. الظهر أم العصر    حظك اليوم برج القوس الأحد 30-6-2024 مهنيا وعاطفيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمات‏2012‏ تخرج من رحم الفشل السياسي في‏2011‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 31 - 12 - 2011

عندما حذرت كريسيتن لاجارد المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي من شبح كساد الثلاثينيات من القرن الماضي‏,‏ والعودة إلي الحروب التجارية والممارسات الأحادية الذي يحوم حول الاقتصاد العالمي في‏2012. لم تقصد تحقق الكساد بالفعل, لكنها أرادت أن تنذر القادة من تداعيات الفشل السياسي والتناحر والتراشق بأسلحة الحرب التجارية الذي سبق كساد الثلاثينيات, وكان تكراره في العام الذي نودعه اليوم سببا في أزمات محتملة وركود في العام الجديد كان يمكن تجنبه لو أن كل طرف توقف عن ركل الدلو أسفل الطريق واتخذ القرارات الصائبة لعلاج مشكلات مزمنة. تكرار الفشل سيكون ثمنه باهظا ولن ينجو منه أحدا سواء الدول الغنية أو الفقيرة, الصاعدة أو الهابطة, الأسواق المالية والبورصات أو المضاربون علي أسعار السلع والمعادن وموارد الطاقة ولكنه فشل يبدو من الصعب تجنبه بسبب الاستحقاقات الانتخابية في الولايات المتحدة وفرنسا روسيا والحذر المقترن بالتغيير القيادي في الصين, والوهن الذي أصاب محركات النمو في الاقتصادات الصاعدة, وكل علامات الاستفهام التي تحيط بتوجهات الثورات في المنطقة العربية, واحتمالات انتقال شرارة الثورات إلي المناطق الحرجة للحقول البترولية في الخليج.
حين يكتب التاريخ صفحة2011 سيتعجب المؤرخون كيف أفلت الاقتصاد العالمي بأعجوبة من كارثة الانهيار المالي في2008 ثم فشل في الحفاظ علي معدل نمو يحفظه من الويلات الاجتماعية للبطالة والفقر واضطراب النظام المالي. فكل المؤشرات تشير إلي أن معدل النمو في الدول الغنية سيكون أقل من معدله الطبيعي في بداية العام الجديد, وان اقتصادات مهمة مثل بريطانيا وإيطاليا وإسبانيا ستسقط في مصيدة الركود, وأن براعم الانتعاش في الاقتصاد الأمريكي هشة وقابلة للتراجع في كل لحظة, وأن الاقتصاد الصيني سيدخل مرحلة الهبوط الاضطراري, وباقي الاقتصادات الصاعدة ستتأثر سلبا بانكماش الطلب الغربي علي صادراتها في وقت تتعرض فيه لضغوط تضخمية. أما منطقة اليورو فستظل تدفع ثمن تخبط السياسات وفقدان القدرة علي إقناع الأسواق بأنها تملك مفاتيح حل أزمة الديون السيادية التي تلاحق أطرافها الجنوبية وتهدد بقائها متماسكة.
السبب ليس في عدم وجود حلول ولكن في عجز الرؤية والإرادة السياسية اللازمة لاتخاذ القرارات الصعبة والارتكان بدلا من ذلك إلي سياسة ركل الدلو أسفل الطريق. حالة الاستقطاب بين إدارة أوباما والكونجرس حالت دون التوصل إلي اتفاق علي خطة إنعاشية قصيرة الأجل وأخري تعالج العجز الهيكلي في الموازنة العامة والموازنات الخارجية في الأمد المتوسط, تجمع بين زيادة الضرائب علي الأغنياء وخفض التكلفة الباهظة لبرامج الرعاية الاجتماعية وتمكن الاقتصاد من إعادة شحن محركات النمو. استمرار حالة الاستقطاب في عام الحملة الانتخابية الرئاسية يبدد الأمل في أي تغيير جذري ويجعل تأجيل الاصلاح أمرا لا مفر منه, وهو ما سيجعل الاقتصاد الأمريكي تحت مقصلة مؤسسات التقييم الائتماني التي لم تتورع عن توجيه أول ضربة قوية له حين تصاعدت أزمة رفع سقف الدين العام وهي أزمة قابلة للتكرار بأشكال متعددة في العام الجديد.
الصين أيضا أخطأت حين اكتفت بخطة إنعاشية تكلفت5,1 تريليون دولار في2009 ولم تستكملها بتغيير نمط للنمو يعتمد علي ابقاء سعر عملتها قسرا عند مستوي يحفظ القدرة التنافسية لصادراتها, وإعلاء قيمة الإدخار علي الاستهلاك, مسمهمة بذلك في تعميق حالة الاختلال في التوازنات العالمية. أما أموال الإنعاش فقد تم تمريرها عبر بنوك مولت مشروعات للبنية الأساسية والطرق فعاليتها مشكوك فيها, وتسببت في فقاعة عقارية وتصاعد مديونيات الإدارات المحلية إلي ما يقرب من10 تريليونات يوان أي25% من الناتج المحلي الاجمالي. الحذر سيكون سيد الموقف في نظام سيشهد في أكتوبر المقبل أكبر عملية تغيير للقيادات الحزبية والرسمية ومن ثم فليس من المتوقع أن نشهد خطوات جريئة تعيد التوازن إلي الاقتصاد الصيني, أو مبادرات قوية علي صعيد فتح أسواقها أو تحرير تجارتها أو فتح باب المنافسة أمام العقود العامة.
الإخفاق الأكبر
الإخفاق السياسي الأكبر كان من نصيب منطقة اليورو التي فشل قادتها في الخروج من حالة إنكار أن أطرافها الجنوبية المتعثرة بسبب تراكم ديونها السيادية قد اقتربت من حالة الإفلاس ولم تعد قادرة علي النمو وهي ترتدي القميص الحديدي من اجراءات التقشف, وأن ما بدأ بأزمة تغلف الأطراف قد تحول بسبب التخبط السياسي إلي تهديد القلب بفقد مصداقيته الائتمانية. التحالف الألماني الفرنسي الذي أفرز اتفاقا مبتورا يكفي فقط للحيلولة دون وقوع كارثة وليس تقديم علاج جذري يقنع الأسواق بأن منطقة اليورو مسيطرة علي أزماتها قد لا يستمر طويلا, وسيتعرض لضغوط صعبة مع تقلص قدرة الرئيس ساركوزي علي المناورة وهو يخوض معركة الانتخابات الرئاسية الفرنسية في مايو من مقعد الضعيف. كما أن تردي شعبية الكثير من الحكومات الأوروبية يعني أن مقولة بقاء منطقة اليورو متماسكة علي حالتها, أو تفككها أو استمرارها علي مسارات متعددة ستكون محل اختبار صعب في.2012
في ظل هذه الأجواء السياسية المعقدة تميل كل الأطراف إلي اللعبة الصفرية أي تعظيم المكاسب علي حساب خسارة الطرف الآخر, والدليل أن كل الأطراف تتجه إلي انتهاج سياسات مالية تقشفية ونقدية متشددة في الفترة قصيرة الأجل, وستعتمد علي تخفيض سعر عملتها والاعتماد علي الطلب التصديري كمحرك للنمو مما سيصعد من حرب العملات والتراشق بأسلحة الحرب التجارية ويعمق الانزلاق نحو الركود. فالدول الغنية تتجه نحو تنفيذ تخفيضات في عجز موازناتها يماثل نحو1% من الناتج المحلي الاجمالي في2012 أي ضعف ما تحقق في2011 فيما يعتبر واحدا من أكبر عمليات التقشف الجماعية تاريخيا. بعض الدول, خاصة تلك علي الطرف الجنوبي من منطقة اليورو لا خيار لها حتي تستعيد ثقة الأسواق وتستجيب لضغوط تفرض عليها مقابل برامج الإنقاذ, ولكن هناك دولا مثل بريطانيا تتمسك بالتقشف خوفا من فقد مصداقيتها في الأسواق وليس لأن قادتها يعتقدون أنه الحل المناسب لتحفيز نموها. والسياسيون في اقتصادات قوية مثل ألمانيا وهولندا يتشبثون بالتقشف باعتبارها عقيدة من الخطر التنازل عنها. أما الولايات المتحدة فالاستقطاعات في الإنفاق ستأتي تلقائيا لأن حالة الاستقطاب السياسي والاستحقاقات الانتخابية الرئاسية ستحول دون التوصل إلي وسط.
حالة التقشف الجماعي ستفرض ضغوطا كبيرة علي البنوك المركزية لاستخدام أسعار الفائدة وعمليات التيسير النقدي في محاولة لتجنب ركود مؤلم, وهو ثمن ستدفعه الشعوب ليس لأنه سيعالج مشكلاتها جذريا في الأمد المتوسط, بل لأن قادتها السياسيين غير قادرين علي الاتفاق علي خطوات منسقة ومتسقة للاصلاح والنمو في الوقت ذاته. فلا توجد في خطط السياسيين الأمريكيين حلول لتراكم الدين العام, ولا لدي القادة الأوروبيين أفكار تخرج منطقة اليورو من الحلقة المفرغة التي تدور فيها منذ سنوات, ولا لدي قادة الصين الرغبة في تغيير نمط للنمو ينجح أحيانا في إثراء النخبة لكن استمراره يلقي علي كاهل الفقراء تحمل تبعات ضغوط تضخمية لا طاقة لهم علي احتماله دون انفجار التوتر الاجتماعي. أزمات2012 إذن ستخرج من رحم الفشل السياسي وليس عدم توافر الحلول الاقتصادية الممكنة في.2011 تحد خطير آخر فرضته أحداث العام هو أن العولمة فجرت طاقات للنمو عبر تحرير التجارة حركة رؤوس الأموال وانتقال التكنولوجيا بسرعة أكبر ولكنها خلقت فجوة عميقة بين الرابحين والخاسرين منها يتطلب ردمها تدخلا سياسيا حكوميا حكيما وهو تحد لا يحتمل فشل سياسي آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.