بالتأكيد لم يكن أحد منا يتوقع أو يتمني أن يكون التمرد قد بات فريضة علي كل من يحمل بطاقة هوية تتصدر خلفيتها صورة الأهرامات وأبو الهول.. أن يخرج شباب كان منهم بالتأكيد من اختار مرسي رئيسا ليعلن رفضه له ولسياساته.. من مد يده ليتناول زجاجة زيت وبالأخري وضع علامة علي صورته في ورقة التصويت غير أنه أصبح بعدها فريسة للندم.. من أوهمته زبيبة الصلاة بأنه سيعيش في مجتمع عادل بما يتوافق مع شريعة الإسلام وليس مع انتقاء أجزاء منها لخدمة مصالح وأطماع دنيوية لجماعة توهمت أنها الوكيل الحصري للإسلام!. كنا نأمل بعد ثورة أطاحت بنظام عاني منه المواطنون في أن نصيغ حياة جديدة نلتزم خلالها بما يفرضه صحيح القانون وأن نصبح امام أحكامه أفرادا أو هيئات أو مؤسسات سواسية ولكنا صدمنا بعكس ذلك وكان الانتقاء وسيلة لإدارة البلاد.. كنا نتمني أن ننتشل من قاع المجتمع بشرا إخوة لنا عانوا كثيرا غير أنه للأسف كانوا هم أول الضحايا.. كنا نطمح إلي أن نعيد للشهداء حقهم وأن نقدم جلاديهم لمحاكمات عادلة غير أن التجاوز عما يرتكبه الأهل والعشيرة كان الدستور الذي حرص عليه أهل الحكم.. كنا ننشد حياة كريمة.. وكرامة مصونة.. إلا أننا افتقدنا حتي الحد الأدني من الحياة الآدمية وصفعت كرامتنا مرات ومرات بيد الأهل والعشيرة.. كنا نطمع في أن نلتف جميعا علي هدف واحد ألا وهو تحقيق ما خرجت الملايين من أجله غير أننا اكتشفنا أن الوعود كانت مجرد خيال.. كنا نأمل أن يحترم أهل الحكم حقنا في معرفة الحقيقة ولكنا فوجئنا أن كل ما يحيط بنا ألغاز بل حقول ألغام لا تطأها قدم الحقيقة اعتبارا من سفاحي مجزرة رفح وانتهاء بمنظمي سفاري الصحراء لجنودنا السبعة ومرورا بمختطفي ضباط الشرطة.. كل هذه الآمال كانت بعيدة تماما عن اهتمامات وممارسات أهل الحكم فاختاروا من القانون ما يحقق لهم مكسبا خاصا وتجاوزوا عن بعض أحكامه وحرصوا علي تفسيرها وفق هواهم لخدمه اهداف لهم أو وجهة نظرهم أو ليؤكدوا أن الكلمة العليا باتت لهم ولهم وحدهم فقط.. ونجحوا في أقل من عام في تحقيق ما نجح بالكاد نظام قمعي في تحقيقه علي مدي30 عاما!. عام مضي وكل ما حصدناه هو أننا أصبحنا علي شفا حفرة من النار حرب أهلية لا قدر الله أصبحنا أمام واقع يكشف لنا عن مدي الانقسام الحاصل.. فمصر أصبحت أكثر من واحدة.. والصراع عاد ليدور بين مصر التمرد.. ومصر التجرد.. مصرالإخوان المسلمين.. ومصر أحفاد أبو لهب.. مصرالميدان.. ومصر الاتحادية والمقطم.. مصر الأهل والعشيرة.. ومصر الفلول.. مصر مليونيات التأييد.. ومصر مليونيات الرفض.. مصر مؤسسة الأمن والانضباط.. ومصر مؤسسة ضباط اللحي.. مصر نادي القضاة.. ومصر قضاة من أجل مصر.. مصر الشوري.. ومصر الجماعة الصحفية.. مصر القلق علي شريان النيل.. ومصر عروض القوة في مركز المؤتمرات.. باختصار قطعنا مسافة طويلة في الصعود إلي هاوية الخلاف والصراع!. لسنا مع محاولات هدم مؤسسات الدولة أو إدارة حروب أو صراعات بين أبنائها معارض أومؤيد.. متمرد أو متجرد.. من الأهل والعشيرة أو من الفلول.. ولأننا بنفس الدرجة لسنا مع إهدار قيم العدل والمنطق والقانون واحترام الآدمية وصيانة الكرامة والحق في المعرفة كان لابد أن تكون نهاية يونيو هي بداية نهاية نظام أحال حلم الوطن إلي كابوس مخيف!! [email protected] لمزيد من مقالات عبدالعظيم درويش