كشفت موقف موسكو الرسمي عن احتمالات حدوث تغييرات طفيفة في مواقفها تجاه الأزمة السورية, وإن أكدت تمسكها بالثوابت التي سبق وأعلنتها في أكثر من مناسبة بهذا الشأن. وكانت موسكو ناشدت عددا من الأطراف الخارجية الامتناع عما من شأنه تعقيد الأزمة السورية في اشارة الي دور قطر والزيارة السرية التي قام بها السيناتور الأمريكي جون ماكين للأراضي السورية, في نفس الوقت الذي كشفت فيه عن إصرارها علي إمداد الحكومة السورية بصواريخ اس 300. كان من الغريب ان يستبق يوري اوشاكوف مساعد الرئيس الروسي للشئون الخارجية لقاء وزير الخارجية الروسية سيرجي لافروف مع نظيره الأمريكي جون كيري في باريس بتصريحات كشف فيها عن احتمالات أن يطرأ علي الموقف الروسي من الأزمة السورية تغييرات وصفها ب الطفيفة. وعلي الرغم من أن اوشاكوف لم يكشف عن ماهية هذه التغييرات مكتفيا بما قاله حول أن موقف روسيا من القضية السورية مبدئي, وان تعديلات طفيفة قد تطرأ علي هذا الموقف, تبعا لتطورات الوضع, فقد عاد وأكد أن أساس هذا الموقف لن يتغير. وكان اوشاكوف كشف أيضا عن ان الرئيس فلاديمير بوتين اجري العديد من الاتصالات واللقاءات مع عدد من الزعماء, منهم رؤساء الولاياتالمتحدة وبريطانيا ومصر وإسرائيل والتي قال إنها تناولت في معظمها الأزمة السورية, ما يشير ضمنا إلي احتمالات التوصل إلي حلول وسط يمكن ان تساهم في نجاح المؤتمر الدولي الذي تدعو إليه موسكو وواشنطن تحت اسم جنيف 2. وكانت مصادر دبلوماسية روسية أفصحت في معرض تصريحاتها ل الأهرام عن اتفاق مبدئي توصل إليه الوزيران لافروف وكيري حول احتمالات عقد المؤتمر في يونيو المقبل, وإن لم تستبعد تأجيل إعلان الموعد النهائي إلي ما بعد قمة الرئيسين بوتين واوباما علي هامش قمة العشرين في ايرلندا الشمالية في السابع عشر من يونيو, في الوقت الذي نقلت فيه وكالات الأنباء الروسية عن سيرجي ريابكوف ما قاله حول ضرورة عدم تحديد موعد غير واقعي لعقد هذا المؤتمر, الذي قال إنه لا يستطيع تأكيد وجود اتفاق بشأن احتمال انعقاده في يونيو المقبل. وكانت المصادر الدبلوماسية كشفت ل الأهرام عن أن آلية انعقاد هذا المؤتمر يمكن أن تكون علي غرار ما توصلت إليه كل من موسكو وواشنطن لدي اتفاقهما حول مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط الذي كان قد افتتحه الرئيسان السوفييتي جورباتشوف والأمريكي بوش الأب فيما واصل أعماله علي مدي سنوات طويلة علي مستوي اللجان الفرعية والمتخصصة. وحول هذا الشأن قال وزير الخارجية الروسية في حديثه إلي صحيفة روسيسكايا غازيتا الرسمية إن مؤتمر السلام الخاص بسوريا قد يستغرق سنوات وأنه من الضروري أن يستمر المؤتمر المزمع تنظيمه لجمع الأطراف السورية المتنازعة علي طاولة مفاوضات السلام حتي يحقق غايته, في نفس الوقت الذي نقل فيه عن نظيره كيري ما قاله حول أن بعض الشركاء يرون أن الأمر يتطلب ما لا يزيد علي بضعة أيام أو الأسبوع. وكان لافروف كشف عقب لقائه مع نظيره الأمريكي في باريس عن وجود تفهم مشترك حول ضرورة عدم تحديد مواعيد مصطنعة لإحراز نتائج معينة, وأنه يجب ألا يشغل اللاعبون الخارجيون أماكن الأطراف السورية, المدعوة إلي التفاوض فيما بينها حول مستقبل بلادها وكيفية تنفيذ اتفاقيات جنيف, بما في ذلك تشكيل جهة تنفيذية انتقالية,علي أساس توافق الحكومة والمعارضة, لإعداد الإصلاحات التي سيقبلها جميع السوريين'.وفي الوقت الذي أعرب فيه لافروف عن أمله في أن تتبني الأطراف المعنية موقفا مسئولا تجاه تصفية الخلافات العالقة وتقريب مواقف الفرقاء, اصدر الاتحاد الاوروبي قراره حول رفع الحظر عن تسليح المعارضة وهو الأمر الذي اعتبرته موسكو يحول دون تهيئة الظروف المناسبة لعقد المؤتمر الدولي حول سوريا, شأنه في ذلك شأن الزيارة السرية التي قام بها السيناتور الأمريكي جون ماكين لسوريا والتقي خلالها عدد من فصائل المعارضة المسلحة. وقال دميتري بيسكوف المتحدث الرسمي باسم الرئيس الروسي: إن مثل هذه الخطوات وزيارة ماكين للمناطق الحدودية في سوريا لا تساهم, بأي شكل من الأشكال, في التهيئة للمؤتمر الدولي الخاص بالتسوية السورية الذي يتعاون عدد كبير من الدول علي عقده. ولذا كان من الطبيعي أن تسارع موسكو من جانبها بنفي ما رددته مصادر إسرائيلية في تل أبيب حول تراجع الكرملين عن قراره بشأن إمداد سوريا بمنظومات صواريخ اس 300. وقال سيرجي ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسية إن موسكو لا تنوي إعادة النظر في موقفها بهذا الشأن. وذكر المسئول الروسي أن صادرات موسكو من صواريخ اس 300 إلي سوريا تتم بموجب عقود وقعتها الحكومة الروسية مع الحكومة السورية منذ خمس سنوات, مؤكدا في نفس الوقت استحالة استخدام اي مجموعات مسلحة لهذه الصواريخ في الظروف الميدانية'علي حد تعبيره. وأضاف ريابكوف أن هذه الصواريخ تمثل عامل استقرار يحول دون تدخل القوي الخارجية في النزاع, فيما أكد أن بلاده تري في مثل هذه الخطوات ما يساهم في ردع بعض الرءوس الساخنة' في دراسة سيناريو تدويل النزاع بمشاركة القوي الخارجية التي لا تعارض هذه الفكرة' علي حد قوله في إشارة غير مباشرة الي رغبة بعض الدوائر الغربية في تكرار السيناريو الليبي في سوريا. وفيما أدان المسئول الروسي قرار الاتحاد الأوروبي حول رفع الحظر عن تسليح المعارضة السورية قال إن مثل هذا القرار يعارض الاتفاقية الدولية الخاصة بتجارة الأسلحة شكلا ومضمونا ويعكس المعايير المزدوجة ويضر بآفاق عقد المؤتمر الدولي. وكان ريابكوف نائب وزير الخارجية الروسية قد أدان عدم استعداد المعارضة السورية لإرسال وفد رفيع المستوي إلي مؤتمر جنيف-2, مشيرا إلي أن مثل هذا الموقف يهدد آفاق انعقاد هذا المؤتمر. وكشف المسئول الروسي عن احتمالات عدم انعقاد المؤتمر في ظل عدم حضور مثل هذا الوفد المعارض, مشيرا إلي ضرورة اضطلاع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي بمسئولياتهما, وقال: إنه من الأفضل أن يشارك في هذا العمل أيضا السعوديون وقطر.