وصلنا بجدارة الى المستوى الذي يبشر بكل خير، لقد صار انقطاع الكهرباء دليلا على أنك تقطن في مصر.. إلى الحد الذي كشف لنا مدى التقدم الذي نحياه.. وقيمة الرفاهية التي نعاني منها.. فلم يقف انقطاع التيار الليبرالي او السلفي عن الكهرباء.. بل انقطع عن البيوت والشوارع والازقة.. واستمر ليتوغل.. فانقطع في المطار.. الذي هو واجهة مصر وتخيل معي مرتادي المطار وهم يبحثون عن حقائبهم باستخدام هواتفهم المحمولة.. ولا تندهش.. فأنت في مصر.. وهذا أهون من موت الاطفال في الحضانات، حينما ينقطع التيار ثم تعتذر وزارة الكهرباء، لأن ذلك شيء خارج عن إرادتها..وبإرادتنا نحن.. أما الذي بإرادتها فهو تحصيل الاستهلاك شهريا، ودون انقطاع.. لماذا لا ينقطعون عن تحصيل وصل النور... ألا يخجلون ؟ يطلبون ترشيد الاستهلاك رغم انقطاع التيار الذي جعل المستشار محمود كامل الرشيدي رئيس محكمة الجنايات لا يستطيع قراءة ولا دراسة اوراق قضية الرئيس السابق..وهي أكثر من 55 ألف ورقة، فماذا ينتظر وزير الكهرباء، الرجل يقول الأمر ليس بيده.. بل بيد وزارة البترول، التي لا تمده بغذاء المحولات، التي تعمل بالغاز أو البنزين لا أعلم، ولكنني أعلم أنني أعيش ظلاما فجائيا.. لا أدري من اين هبط.. وكل ما أدركه أن وزير الكهرباء يحاول مع وزير البترول لتوفير الغذاء للمحولات الكهربائية، ولم يصل الوزيران لحل بعد ويبدو أنهما في انتظار إشارة بدء الحل من رئيس الوزراء.. ولم تبدأ الاشارة بعد.. ووصلت إشارة زيادة كمية الشموع في البيوت.. وصار المصريون يبحثون عن المولدات التي تعمل بالبنزين.. لأنهم على ثقة تامة، بأن الموضوع بجد.. وستمتلئ البيوت بنزينا.. كما امتلأت شموعا.. ومازالت الحكومة تواصل محاولاتها مع وزارة البترول.. وما زالت وزارة الكهرباء تعتذر.. ومازلنا نحن المصريين ندفع كل شهر ثمن الظلام كل يوم: في المطار.. وفي البيت.. وفي الشارع ..وفي الحارة.. هنيئا لنا بالانفجار السكاني الذي حذرنا منه عمرو أديب.. وهنيئا لنا بمرضانا في المستشفيات.. وأطفالنا في الحضانات، هل ذلك هو التنوير الفكري كان يتحدث عنه العقاد وطهطاوي وغيرهما.. هم يقصدون التنوير العقلي ويبدو أنهم لا يعلمون الظلام النفسي.. الذي صرنا نحياه.. كأنه طقس يومي.. علينا أن نمارسه دون ابتغاء نتيجة.. فقط عليك أن تنتظر محصل النور كل شهر.. لتشكره على الرومانسية التي وفرها لك.. ولتجرب معنى أن تحيا في الظلام..بعيدا عن عيون الناس والجيران! [email protected] لمزيد من مقالات أيمن عثمان