يجلس الطالب فى غرفته مستذكراً دروسه، ويقبع الطبيب فى حجرة كشفه للاطمئنان على المرضى. بغتة، ينقطع التيار، تعم الظلمة، ويقع الطالب والطبيب والأهالى فى حيرة، ألفوا الضياء، يسرى التيار لتعمل كل الأجهزة، لا يكفى لهيب الشمعة لينتشر النور. ليس المشهد أسطورياً لأفراد من داخل رواية قديمة، إنما مشهد يمثل أسراً مصرية، تقع تحت وطأة انقطاع الكهرباء، حيث أعلنت الوزارة عبر رئيس تنظيم الكهرباء، أن التيار سينقطع مرتين يومياً، بمقدار 4 ساعات يومياً، وتستمر الأزمة إلى صيف 2015، تلك الأزمة التى بدأت منذ عامين، وأصبحت فى مواجهة الوزير أحمد إمام، وزير الكهرباء، الذى وُلد فى الإسكندرية عام 1944، وبدأ عمله مهندساً فى محطة كفر الدوار، ثم وصل ليصبح رئيساً لمجلس إدارة شركة القاهرة لإنتاج الكهرباء لمدة تسع سنوات، توليد التيار عنوان وجوده الوظيفى. اختاره مرسى ليكون نائباً لوزير الكهرباء فى الشهر الأخير من العام الماضى، فى سابقة كانت الأولى من نوعها منذ إنشاء الوزارة عام 1964، ولم يلبث أن صار على قمة الوزارة بعد شهر من كونه نائباً فى خطوة لم تكن مفاجئة. ما إن تسلم إمام مفاتيح الوزارة، حتى كانت بداية تصريحاته، بأن أهم أولوياته تتمثل فى تشجيع دخول القطاع الخاص بمجالات إنتاج الكهرباء، حيث يرى أن ذلك من شأنه أن يعلى كفاءة توليد الكهرباء. ساعة ينقطع التيار، ترد الوزارة بأن الاستهلاك فى ازدياد مطرد، قرر الوزير مواجهة الظلام برفع أسعار الكهرباء، ما أفضى، بحسب إمام، إلى انخفاض الاستهلاك بشكل عام على الشبكة القومية للكهرباء بنسبة 10%، قائلاً إن رفع الأسعار سيؤدى لتوفير 3 مليارات جنيه ستحصل وزارة الكهرباء على 2 مليار، والمليار الآخر سيذهب لوزارة البترول. لاحقت إمام تهمة تصدير الكهرباء إلى غزة فى الوقت التى تحتاج فيه مصر لأى شحنات من التيار. لم ينف التصدير فى أحد الحوارات التليفزيونية، لكنه علل ذلك قائلاً إن مصر تصدر لغزة 30 ميجاوات فقط، مشيراًً إلى أن هذه الشحنة قد لا تكفى لإضاءة شارع فى القاهرة، حيث تستهلك القاهرة 8 آلاف ميجاوات. دائماً ما تعلق وزارة الكهرباء شماعة «الضلمة» على وزارة البترول ووزيرها الذى لا يوفر الغاز الطبيعى، الوقود الذى يقيض للمحطات العمل بالكفاءة الكاملة لتوليد الكهرباء. رغم اجتماع أحمد إمام مؤخراً مع أسامة كمال وزير البترول، لبحث أنسب البدائل لتشغيل محطات توليد الكهرباء، بما هو متاح من الوقود سواء من غاز طبيعى أو مازوت، الاجتماع الذى لم يسفر عن شىء، إذ ألقت وزارة البترول الكرة فى ملعب وزارة الكهرباء. العودة للفحم لأول مرة منذ سنوات، قد تكون أحد حلول الحكومة للتمكن من تشغيل المحطات، نهضة الكهرباء تبدأ بالرجوع للخلف.