في مذكراته التي صدرت مؤخرا، كتب المناضل اليساري والناشط السياسي كمال خليل عن نشأته الفقيرة في حي الدقي القديم وعن الكثير من الشخصيات التي كان لها بالغ التأثير في حياته وحياة الشباب في هذا الحي فيما يتعلق بالوعي السياسي والاجتماعي .. هي مذكرات حملت عنوان " حكايات من زمن فات "، وهي بالفعل تقص حكايات عن تجربة شعبية وتجربة عمل سياسي استمرت بين أعوام 1969 – 1980 بين الحي والجامعة وبين الوعي والممارسة .. كتب خليل عن حكايات واقعية نابعة من تراجيديا البؤس وكوميديا تجاور الفقر والثراء، حيث تتكون الأحياء في مصر جميعها تقريبا من جزءين متجاورين، جزء فقير يفتقد مقومات الحياة الطبيعية وجزء ثري يمتلك كل شيء، مثل المهندسين أو الدقي أو المعادي وغيرها. وبرغم الفقر يتحدث كمال خليل عن كيفية رفع الوعي بين الشباب في هذا الحي الفقير عن طريق العديد من الشخصيات سواء كانت الأكاديمية منها مثل جهود الدكتور محمد أنيس، أستاذ التاريخ، أو الوجوه ذات النضال العمالي أمثال محمد وعبد المنعم خليل، بالإضافة إلى أمناء المنظمات الشبابية والحزب الإشتراكي .. ولبيان كيف يبدأ الوعي في مثل هذه الأحياء وفي العشوائيات عموما، يقول خليل: " بالنسبة للدكتور فإن أول مرة شاهدته داخل حينا كان هو ومحمد خليل ومجموعة من شباب الحي يقطعون إحدى أكوام القمامة بالحي بالفئوس والمقاطف ولما عرفني عليه محمد خليل سألني: أنت في كلية إيه ؟ قلت: كلية الهندسة، فنظر إلى باشمئزاز وقال: إزاي المتعلمين والمثقفين في الحي ينعزلوا عن مشاكل الجماهير ويعملوا فيها أفنديات ؟ فوقفت أمامه حائرا أشعر بالخجل منه، دكتور الجامعة واقف في قلب الحي ماسك الفأس يقطع أكوام القمامة مع إنه من خارج الحي والقمامة من صنع أيدينا !! .. فنادى عليّ وقال لي: المسألة مش مسألة فأس ومقطف، المسألة مسألة وعي وارتباط المثقفين الثوريين بالجماهير الشعبية " .. مثل هذه الكلمات كان له بالغ الأثر على كمال خليل وغيره من شباب الحي والأحياء الفقيرة المجاورة، فكانت الندوات تعقد مساء يوم الجمعة من كل أسبوع على المقاهي في الحي في شكل ندوات شعبية لاستعراض مشاكل الجماهير، في حين أن صباح اليوم نفسه كان مخصصا لقطع أكوام القمامة. لم يكن تعايش المثقف مع الجماهير ودوره المهم في رفع الوعي السياسي والاجتماعي والثقافي في الأحياء التي لا يتسنى لها ذلك، إلا جزءا صغيرا من المذكرات التي روى فيها كمال خليل عن مظاهرات واعتصامات الطلبة والاعتقالات والتعذيب والقتل واضرابات العمال في السبعينيات من القرن الماضي التي كان أثر كبير وتم على أثرها اعتقال الكثير من العمال .. المذكرات بها تفاصيل عن الأحداث التي عايشها ورأها بعينه هذا المناضل المستمر في نضاله في الشارع المصري ولا يغيب عن أي فعاليات تنادي بالحرية والكرامة الإنسانية والعدل والإنصاف وبمصر عظيمة .. بالتأكيد قراءة هذه المذكرات من شأنها إلقاء الضوء وتوضيح الكثير عن فترة مهمة في تاريخ مصر، مما يلهينا عن التفكير في عبث الترقيع الوزاري الذي لم يفاجئ أحد وإنما أكد على أن القائمين على الإختيار هم مجموعة من الفاشلين الذين لا يبحثون إلا عن الفاشلين أمثالهم ... اللهم افرغ علينا وعلى مصر صبرا واحفظ المناضلين من أجل هذا الوطن بعد عودة زوار الفجر وأصبح لا يمر يوم إلا باعتقال النشطاء. · اقتحام المسجد الأقصى والقبض على شيخ المسجد، ومنع أذان العشاء للمرة الأولى في التاريخ.وإختزال القضية الفلسطينية في غزة واللاموقف من الإدارة في مصر، وأن يصل بنا الحال أن تخرج تكبيرات لله من المساجد للكيان الصهيوني المحتل علي قصفه أراضي عربية هي سوريا بعد أن مرحت طائرات إسرائيل ولمدة خمسة أيام فوق لبنان والأردن وبعدها ضربت دمشق .. فوداعا لفكرة سيادة الدول العربية وحسبنا الله ونعم الوكيل في الجبناء المتواطئين الخائنين لكل دم عربي ولكل قيم وأخلاق ونخوة. [email protected] لمزيد من مقالات رشا حنفى