بجوار قسم الموسكي وداخل مبني قديم الطراز وضعت لافته تحمل بضعة كلمات' إدارة شرطة الرعاية اللاحقة' هذه اللافتة و كلماتها تحمل لأسر المصريين معاني مختلفة مرتبطة بالأمل في غدا افضل. فداخل هذه الادارة التابعة لوزارة الداخلية يعامل خريجو السجون بشكل مختلف تماما ليسوا كمجرمين يستحقون العقاب ولكن كمن ضل الطريق و يحتاج الي المساندة.. توجهت اليهم وفي مكتب اللواء عبد الرحمن شرف مدير ادارة شرطة الرعاية اللاحقة الذي أكد الدور الانساني الذي تهتم به الإدارة والتي ترعي خريجي السجون وأسرهم وتسعي لتوفير فرص عمل لهم ليسيروا علي الطريق المستقيم, ثم التقيت بعدد منهم واتضح ان عددا من الجمعيات الأهلية يتعاون مع الادارة وتوفر فرص التعليم وللعمل والقروض وكذلك الكساء والبطاطين وتجهيز الفتيات من أبناء المساجين ويصل عدد المترددين علي الادارة نحو5000 من خريجي السجون وأسرهم. وهناك نماذج ناجحة شقت طريقها في الحياة بالرغم من كل ما واجهته من تحديات, التقيت ثلاثة نماذج منهم تعبر عن الوجه الآخر لخريجي السجون, رفضوا التصوير لرغبتهم في الاندماج في المجتمع. الأمن والمساعدة. ملامح وجهها الجميلة لا تدل علي ما عاشته وعانته من أحداث خلال سنوات عمرها التي تخطت الاربعين بقليل فمن يتعرف عليها يجدها بنت بلد تكافح في الحياة وترضي بالقليل ولا يتصور انها امضت من عمرها15 عاما خلف اسوار السجن في جريمة قتل تمت أثناء مشاجرة بينها وبين جيرانها اتهمت فيها وحبست وهي في عمر الثانية والعشرين فصدمت بعالم السجن الذي يضم بداخله مستويات مختلفة وأبت ان تكون في المستوي الأدني فواصلت دراستها وحصلت علي شهادة محو الامية ثم حصلت علي ليسانس الحقوق وفي اثناء ذلك تعلمت التريكو والخياطة وعملت بالسجن, و كانت تكسب الف جنيه في الشهر تقدم لها في شكل كبونات واستطاعت بحسن سلوكها الخروج قبل نهاية مدة عقوبتها ال25 وتقول( س) بعد الافراج عنا نحصل علي نموذج نتوجه به الي ادارة الرعاية اللاحقة التي وجدت فيها الامن والعون الذي لم اجده من المجتمع في الخارج فساندوني عدة مرات فبعد قدومي لهم اول مرة الحقوني بالعمل في شركة لأعمال النظافة والامن واثناء ذلك تعرفت علي زوجي وأطلعته علي قصة حياتي كاملة الذي تفهم موقفي وطلب مني ترك العمل, وكان يعمل بمغسلة للسيارات فعدت مرة اخري للإدارة ووفروا لي ماكينة خياطة من احدي الجمعيات و للأسف كان عائدها غير مجد خاصة بعد اصابة زوجي بالانزلاق الغضروفي وقلة عمله فعدت للإدارة مره ثالثة و تعاونوا معي حتي حصلت علي كشك من الحي الذي اتبعه ابيع فيه مشروبات ساخنة و سندوتشات بسيطة وأعود بأدوات العمل كل يوم لأنه بلا باب او شباك وهذا كل ما احتاجه للكشك و تضيف اتمني ان تختلف نظرة المجتمع لنا, كما تطالب ايضا بأن تسقط الدولة' السابقة' المسجلة بالفيش بعد فترة عن خريجي السجون خاصة اذا كان حسن السير والسلوك و اختار الطريق الصحيح لأنها عائق لا يمكن تخطيه وتقفل كل الابواب في وجوه خريجي السجون. فرصة عمل أما( ه. س) فهو رجل في الأربعينيات من عمره كان يعمل مع اشقائه بورشة خشب ملك لشقيقه الاكبر, تخصص في نحت وزخرفة الخشب' الاؤيمه' وبعد مشاجرة حدثت بينه واشقائه و بين بعض العملاء اتهم بجريمة الشروع في سرقة بالإكراه و التي يؤكد انها كانت ظلما و بهتانا وعوقب بخمس سنوات قضاها خلف اسوار سجن ابو زعبل, ولم يستسلم لليأس خاصة مع وقوف اسرته بجانبه لتأكدها من براءته و قضي ايام السجن في العمل بمصنع اثاث السجن وكان يحصل علي600 جنيه في الشهر. واثناء الانفلات الامني عقب ثورة يناير وفتح السجون خرج( ه) وقضي10 ايام بمنزل اسرته و لأنه لم يعتاد الاجرام و كان يريد السير في الطريق الصحيح سلم نفسه وقضي باقي مدة العقوبة قي سجن المرج و عمل هناك عمل بمهنة الحلاقة حتي تم الافراج عنه لحسن السير و السلوك و اثناء فترة المراقبة نصحه البعض بالتوجه الي ادارة الرعاية اللاحقة للبحث عن فرصة عمل, والتقي العقيد عماد حيدر رئيس قسم التأهيل بإدارة شرطة الرعاية اللاحقة والذي وفر له فرصة عمل في احد مصانع الاخشاب واستطاع ان يجني خلال4 أشهر نحو02 ألف جنيه, حصل بها علي شقة ايجار جديد وجهزها ولكنه ينتظر موافقة حي وسط القاهرة لتوفير محل أو كشك له ليعمل بالحلاقة ويطالب الدولة بتوفير ميزانية للمفرج عنهم والمعاقين. محل خاص (م. ع) رجل وقور تخطي الخمسين من عمره بثلاث سنوات قصته نموذجية لمن سيطرت المخدرات علي حياتهم حصل علي الاعدادية وعمل بالحلاقة وكانت حياته ميسورة ومستقرة مع أسرته, خاصة بعد8 سنوات قضاها في السعودية والكويت واستطاع ان يفتح محله الخاص ولكن ما ان عرف طريق تعاطي الهيروين حتي خسر كل ما يملك تدريجيا ولم يبق أمامه سوي الاتجار بها لتوفير مصاريف التعاطي فقبض عليه وحكم القضاء ب15 سنة سجن قضي منها11 عاما خلف القضبان تعافي فيها من الادمان وخرج بعفو في عيد الثورة, دله البعض علي ادارة شرطة الرعاية اللاحقة و بعد تقدمه لها ب10 ايام حصل علي وظيفة في شركة سياحة واستطاع ان يوفر المال الكافي ليأجر محل ويفتحه صالون للحلاقة.