عندما اشتري هؤلاء الفقراء ثلاجة أو غسالة أو بوتاجاز وقعوا علي ايصالات أمانة أو شيكات علي بياض, لكنهم لم يعلموا أن تعثرهم في السداد سيؤدي بهم الي السجن. فصدرت ضدهم أحكام بالسجن تراوحت بين عام و36 سنة, ولأن هؤلاء المحكوم عليهم تنطبق عليهم صفة الغارمين فقد سارعت جمعية مصر الخير بعرض مشروع متكامل لرعايتهم واتاحة فرص عمل لهم وعودتهم الي الحياة, وذلك بعد أن بادر السيد حبيب العادلي بتوفير فرص عمل للمفرج عنهم منهم في القطاعات الانتاجية بمصلحة السجون وتسويق منتجاتهم لتدر عليهم دخلا يعيشون منه حياة كريمة وذلك استجابة لما نشرته تحقيقات الأهرام حول متاعبهم من رفض المجتمع لهم وكأنهم خارجون علي القانون دون تقدير لظروفهم. ويوضح اللواء عاطف شريف مساعد وزير الداخلية رئيس قطاع السجون أن جمعية مصر الخير تقدمت بمشروع خيري متكامل لمساعدة هؤلاء الغارمين وتوفير فرص عمل شريفة لهم بعد الإفراج عنهم, وقدم قطاع السجون لجمعية مصر الخير وغيرها من الجهات الخيرية كل الابحاث الاجتماعية التي تم عملها داخل القطاع من خلال الباحثين الاجتماعيين وكذلك كشوف بأسماء كل الغارمين تمهيدا لمساعدتهم والإفراج عنهم وعودتهم للحياة مع توفير فرصة عمل كريمة حتي لا يتم استغلالهم مرة أخري أو وقوعهم في الخطأ مرة أخري مع إقامة ندوات توعية للتعرف علي أوجه الخطأ في التصرفات السابقة والتي أوقعتهم في هذا المأزق خاصة أن جميع القضايا التي تم بحثها اثبتت بالدليل القاطع أن المبالغ التي وقع عليها هؤلاء المسجونون أكبر بكثير من حقيقة الدين الذي حوكموا لعدم سداده, ولذلك نتوجه بالشكر لكل من يقدم يد العون لهؤلاء المواطنين تحقيقا للتكافل الاجتماعي. حمو أول الغيث وأضاف اللواء عاطف شريف أن السجين الشهير حمو هو أول السجناء الذين مدت لهم جمعية مصر الخير برئاسة فضيلة المفتي يد العون بعد أن تحدث هو عن مأساته في منتدي حقوق الإنسان في مايو الماضي وقال: إنه قضي عقوبة سجن مؤبد ولديه140 الف جنيه حصيلة عمله في السجن صرف أغلبها لإغلاق كل الأبواب في وجهه, وكان هذا السجين هو أول الغيث ثم تبعته إجراءات الإفراج عن300 مسجون ومسجونة من الغارمين وتوفير فرص عمل شريفة لهم, ونطالب كل مؤسسات العمل الأهلي بالمشاركة في هذه الأعمال الإنسانية. ويوضح السيد محمد محسن محجوب عضو مجلس أمناء وأمين صندوق جمعية مصر الخير: انه عندما قررت الجمعية مساعدة الغارمين اختارت أدني طبقة من المعدمين الفقراء الذين عجزوا عن سد الدين, وقد بدأنا بالذين حكم عليهم بالسجن من أجل500 جنيه ثمن ثلاجة أو بوتاجاز ويجهلون تماما معني ايصال الامانة أو الشيك فتوجهنا لوزارة الداخلية وعرضنا عليهم ان يقدموا لنا يد العون والمساعدة حتي نستطيع فك أسر هؤلاء الفقراء ونقوم بعمل كل خطوات الافراج وإيجاد فرصة عمل شريفة خاصة خطوات الإفراج تصل الي17 خطوة, وقد أكرمنا الله في أننا ساعدنا409 سجناء ممنهم سيدات ورجال نبدأ ب300 سجين خلال أيام والمتوقع قبل نهاية العام أن يكون العدد قد وصل الي2000 سجين فقير من المعدمين وعمل مشروعات تتناسب مع إمكانيات كل سجين مثل محل بقالة أو خياط أو كشك لبيع الخضار أو أي عمل يجيده حتي لا يعود للجريمة مرة أخري, وخلال الاسبوع القادم سنقدم33 كشكا للمفرج عنهم لادخالهم في منظومة العمل الحلال, ويأتي هذا الجزء ضمن منظومة كبيرة تشمل4000 فرصة عمل للفقراء سواء في منافذ بيع في المحافظات خاصة( سوهاج والمنيا وأسيوط) نختار خريجي الجامعات حتي يستطيعوا ان يبدأوا حياتهم ويكون للجمعية الاشراف الكامل علي منفذ البيع ويتم تمليكه للشخص بعد5 سنوات يثبت فيها جديته وهدفنا محافظات الصعيد كلها وأولاها سوهاج التي سنجعلها خالية من الفقراء والمعدمين خلال2011 خاصة أنها أفقر محافظة في مصر وكل ماأتمناه ان تكون هناك توعية حتي لا يقع المزيد من الضحايا في ظلمات السجون بسبب أخطاء من المواطنين سواء اعطاء الثقة أو التوقيع علي شيكات علي بياض. وتوضح سهير عوض رئيس لجنة الغارمين والمتعثرين بجمعية مصر الخير: ان ادارة الجمعية تبحث كل حالة علي حدة لتتعرف علي قدرتها علي العمل بعد خروجها من سجنها.. وهناك قصص مأساوية كثيرة تسبب الجهل وعدم الوعي في سقوط مئات السيدات فريسة سهلة للمستغلين. فإحداهن سجنت18 سنة لأنها وقعت علي أوراق بيضاء, والبعض يوقع علي بياض في سذاجة بالغة. ويحمل التجار الغشاشين شعار رزقنا علي الغلابة ويقودون معظمهم للسجون بعد ان يحصلوا منهم علي كل المزايا من ضمانات وحرق للسلع وبيع الشيكات لتجار آخرين بأكثر من قيمتها الحقيقية الفقراء المعدمون هم الضحايا ولذلك ضمن أعمال الجمعية المهمة هو عمل توعية للسيدات في المناطق الشعبية للقضاء علي هذه الظاهرة المزرية. وتوضح هويدا يوسف مسئولة الاعلام بالجمعية أن كل التجار للأسف يسيرون في الطريق القانوني ليحصلوا علي حقوقهم مستغلين الظروف الاجتماعية السيئة للبعض وجهل البعض, ولذلك كان هدف الجمعية هو التنسيق مع وزارة الداخلية التي تتعاون معنا بشكل أكثر من ممتاز للقيام بمهمتنا علي خير وجه والمشكلة التي تواجهنا في معظم الحالات هي تعدد الدائنين أو عدم تحديد الدائن, ولذلك نقوم نحن كمؤسسة في البحث عن الدائن الحقيقي ونتفاوض معه عن طريق مجموعة من المحامين المتخصصين في هذه القضايا بالجمعية. وداخل سجن القناطر كان للأهرام العديد من اللقاءات والزيارات مع سجينات الفقر المتعثرات. سجينات عنبر13 وعنبر13 في سجن القناطر هو عنبر الشيكات والكمبيالات والمآسي الشديدة: تقول لنبي عبد العزيز: من أجل5 آلاف جنيه سجنت5 سنوات, لأن ابني كان مريضا وزوجي سائقا لا يعمل, اشتريت غسالة وتليفزيون دون عربون وأعدتهما في نفس اللحظة للتاجر وحصلت علي500 جنيه لعلاج ابني ووقعت علي ورق كثير لم أكن أفكر في شيء سوي علاج ابني المريض الذي توفي بعد سجني بفترة قصيرة. وداخل عنبر المظاليم أيضا تقول شربات طلبة63 سنة حصلت علي حكم ب16 عاما حبسا لأن جارتي مرت علي في إحدي الأيام وطلبت مني أن أضمنها بشرط عدم اخبار أحد بهذا الموضوع وضمنتها في36 شيكا واختفت جارتي فجأة وحصلت علي36 سنة سجن وتوفي زوجي وأنا في السجن فالضامن تقع عليه نفس العقوبة مثل الحاصل علي الدين. أما وردة كامل29 سنة فدخلت السجن حتي يخرج زوجها من السجن لأنه محبوس بإيصال أمانة والآن هي وزوجها في السجن من أجل1500 بعد أن وقعت علي شيكات لتحصل علي كفالة زوجها. وصباح تبلغ من العمر51 عاما تقول: أنا أرملة منذ14 سنة, أبيع الشكولاته والبسكويت أمام منزلي في حارة قديمة بإحدي المناطق العشوائية قمت بشراء بوتاجاز و4 أنابيب من الجمعية الزراعية لجهاز ابنتي وسجنت لمدة عام وآخرجني فاعل خير في رمضان الماضي, ولكن عدت مرة أخري لباقي الشيكات تركت ابنتي الوحيدة مع أخي ولا أعرف عنها شيئا أتمني أن أعود لحضن ابنتي وأموت بعد ذلك. أما خيرية أحمد محمد51 سنة فتقول: اشتريت تليفزيونا ب280 جنيها من سوهاج بدون مقدم ودفعت أقساطا كثيرة ومش عارفة ليه مش عايزين يخلصوا في النهاية سجنت14 سنة, أهلي في سوهاج تبرأوا مني وبناتي تخلوا عني ولا أعرف ماذا أفعل هل سأموت هنا ظلما؟!