انسابت الدموع من عيني وأنا أرد علي مكالمة سيدة فاعلة خير, فلقد أحسست بنبرة صوتها الباكي, وهي تسألني عن الفتاتين اليتيمتين اللتين مات أبواهما, ولم يعد هناك من يراعي مصالحهما أو يصرف عليهما * طفل عمره تسع سنوات مصاب بورم خبيث بالمثانة, ويعاني أيضا من عدم التحكم في الاخراج, وعيب أسفل العمود الفقري أدي إلي شلل بعضلات الشرج والمثانة والحوض, ويحتاج إلي عدد من الجراحات لزرع عضلات شرجية وعلاج كيميائي واشعاعي ووالده يعاني من سرطان بالبلعوم والغدة الدرقية ويحتاج هو الآخر إلي علاج كيماوي واشعاعي, وليس بإمكانه توفير نفقات العلاج وثمن العمليات الجراحية التي يحتاج إليها ابنه.. علما بأن العلاج علي نفقة الدولة لا يغطي سوي نصف التكلفة, وسيتم ايداع مساهمات أهل الخير في المستشفيين اللذين سيخضعان للعلاج بهما.
* أخي الأصغر متزوج ولديه طفلان, وكانت حياته تمضي بصورة طبيعية حتي سقط فجأة علي الأرض ونقلناه الي المستشفي, فتبين أنه مصاب بارتفاع شديد في ضغط الدم وضيق في الصمام الميترالي وارتجاع في الصمام الأورطي, وتقررت له عملية قلب مفتوح, ولم تتحمل زوجته الظروف الصعبة التي يمر بها فتركت الطفلين وذهبت الي أهلها, و أخي يعمل بالأجر اليومي ولا مصدر لديه للدخل ويغطي تكاليف الجراحة والمعيشة.. ونحن لا نملك ما يمكننا مساعدته به.
* ربة منزل مريضة بتليف كبدي وتضخم بالطحال ودوالي بالمريء وسكر بالدم, وتعاني من السرطان وقد انفقت كل ما تملك من ميراث والدها علي أسرتها ولم يبال زوجها بمرضها وتركها تصارع الموت, حيث انه يعمل يوما ويتعطل آخر وليس لديها أي مصدر للعلاج ونفقات المعيشة.
* أرملة لديها خمسة أبناء في التعليم بينهم ابنة عمرها ثلاثة عشر عاما, وهي الكبري وتعاني من أنيميا البحر المتوسط وتحتاج الي نقل دم بصفة مستمرة, وتعاني شقيقتها الصغري من ورم خبيث بعظام الرقبة والصدر وتخضع للعلاج الكيماوي والمتابعة الدورية.
ولأهل الخير أقول: لقد توقفت كثيرا أمام حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم الساعي علي الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله.. فالمكانة العالية للمجاهدين هي نفس منزلة أهل الخير الذين يسارعون الي فعل الخيرات. ولقد انسابت الدموع من عيني صباح الجمعة الماضي وأنا أرد علي هاتف سيدة فاعلة خير, حيث أحسست بنبرة صوتها الباكي, وهي تسألني عن الفتاتين اليتيمتين اللتين مات أبواهما, ولم يعد هناك من يراعي مصالحهما أو يصرف عليهما.. وتقول انها سوف تضمهما الي أولادها, ولن تتركهما حتي تتزوجا ويصبح لكل منهما أسرة وبيت.. وأيقنت أن ما قاله الرسول عن أن الخير سيظل موجودا في أمته الي يوم القيامة, هو الواقع بعينه.. وقد انهالت أيضا التبرعات من كل مكان علي حالات هموم البسطاء والمشروعات التي يتبناها بريد الأهرام. وزارني أيضا المهندس سامح مصطفي والأستاذ أحمد حسين من جمعية اختار أسرة التي درست حالة طالبة الاعدادية التي نشرتها في زاوية ردود خاصة وقررت لها مساعدة شهرية من الجمعية, وأكدا أن المنهج الذي يسيرون عليه هو نفس منهج بريد الأهرام بعدم نشر صور أو بيانات عن الحالات, لحفظ ماء وجوه البسطاء والمحتاجين, ولعدم استغلال البعض من محترفي نشر الصور في الصحف ووسائل الإعلام من أجل استدرار عطف المتبرعين في الوقت الذي يكون هناك فيه من هو أحوج منهم لكن لا يعرفهم أحد. وأؤكد للجميع أننا ندرس جميع الحالات دراسة وافية, ونرصد المبالغ الخاصة بالحالات المرضية للجهات الطبية التي تعالجهم, ومن يتلقي مساعدات مادية يكون في حاجة ماسة إليها.. ونعطي الأولوية دائما لإقامة مشروعات متناهية الصغر, لكي تدر عليهم دخلا شهريا.. أما المساعدات المادية المباشرة فتكون لمن لا يقوي علي العمل ونتابعهم أولا بأول والله المستعان.