الأمور في مصر تتصاعد بشكل مخيف, وينذر بالخطر, وأخشي ما أخشاه أن نتحول إلي كتل وأشياع وفرق تتحارب من حارة إلي حارة, وللأسف يحدث ذلك بتوافق الأخوة الأعداء علي التصعيد, في الوقت الذي لم يتفقوا فيه علي مصلحة الوطن, وتناسوا قضايا الناس الأساسية, وراحوا يتصيدون الأخطاء لبعضهم البعض, وينصبون الفخاخ, وتهيئة المسرح لحرب أهلية تمولها قوي الثورة المضادة والكارهون لمصر داخليا وخارجيا متحينين الفرص للوقيعة بين الشعب والرئاسة من جهة, وبين الشعب بعضه بعضا من جهة أخري. وليس أدل علي ذلك من استخدام المعارضة لواقعة تسمم بعض طلبة الأزهر للوقيعة بين المشيخة والرئاسة, ناسجين من وحي خيالهم المتآمر خيوط مؤامرة إخوانية للخلاص من شيخ الأزهر, ناسين أنه تاج علي رءوسنا جميعا شعبا ورئاسة وحكومة, ولكنهم يصطادون في الماء العكر, لإحداث الوقيعة وزيادة الهوة بين الرئيس وبين الشعب, وتعطيل أحوال البلاد والناس, للوصول إلي درجة الانفجارالتي يخططون لها, التي سيخسر فيها كل المصريين. لم تعد الأمور تحتمل, وساءت الأوضاع أكثر مما هي عليه, اتخنقنا مما يحدث, فوضي في كل مكان, قلة أدب وسفالة وخدش حياء في الشارع وعلي الشاشات, تحقير لكل الرموز, دينية وسياسية, وهدم لكل القيم, والسخرية من الدين, والإعلاء من الإنحطاط والحض علي الفحش, والتفاخر بالسفالة, لم يعد عندنا أخلاق, وتآكلت روح التراحم والمودة بفضل الشتامين المأجورين من الإعلاميين. أما عن الأمن وانعدامه وسيادة روح البلطجة فحدث ولا حرج, والشرطة لم يعد لها دور, بل تحولت إلي داعم للبلطجة, فهي شرطة خرساء, تعرف المجرم ولا تطارده, تركت الناس يثأرون لأنفسهم ويحاكمون بعضهم بعضا, فرأينا مواطنا يسحل آخر حتي الموت, ويعلق جثمانه علي أعمدة الإنارة بعد أن يمثل به, والشرطة ولا حياة لمن تنادي. تسرق السيارات وتذهب لقسم الشرطة, فيقولون لك بدم بارد: هانعمل لك محضر, بس الأفضل ولمصلحتك لو اتصلوا بك تفاوض معهم, وادفع لهم وخلص نفسك, وأنا هنا لا أبالغ فهذه هي حقيقة جهاز الشرطة الآن, بل هناك منهم من يقول: خلوا الثورة اللي عملتوها تنفعكم! وموقف الشرطة والجهاز الأمني عموما جزء أصيل من أزمة مصر الحالية,حتي بات الناس يخافون النزول إلي الشارع أو السفر ليلا, ويستيقظون علي أخبار سرقة السيارات وقطع الطرق, واختطاف الأطفال واغتصاب البنات. الأسعار تتصاعد مع سخونة وحرارة الجو لتزيد مشاعر الغضب اشتعالا, في ظل انقطاع دائم للكهرباء, واحتجاجات ومظاهرات يومية تغلق الطرق والشوارع التي أصبحت في وضع يرثي له من السوء والإهمال, والحفر والمطبات وأكوام القمامة في أرقي الأماكن. باختصار تحولت حياة المصريين إلي جحيم, فلا شيء من أهداف الثورة تحقق, فلا عدل ولا عدالة, وحصل كل رموز النظام السابق علي البراءة في ظل محاكمات عبثية, ومن أدين منهم ينتظر البراءة, بفضل نائب عام لم يكن له هدف سوي حماية الفساد, ومع ذلك تطالب المعارضة حاليا بإرجاعه ليعيد الأمور إلي الوراء, ويخرج من بقي من رموز اللامبارك من السجون. ولا عيش ولا حرية تحققت, في ظل كر وفر يومي بين معارضة هدامة وحكومة مغيبة عن قضايا ومشكلات الناس الأساسية, وتعطل لحركة الإنتاج والاقتصاد في ظل متاهة تشريعية لاتخدم أبدا مصالح الوطن,حتي الصحة والتعليم لم نر فيهما أي تطوير, الحصيلة هي خيبة أمل لدي جموع المصريين, الذين حلموا بحياة جديدة بعد الثورة وانتخاب الرئيس, ولكنهم الآن لايعرفون من يحكم البلاد حاليا, هل هو مرسي أم الإخوان,أم هم البلطجية, أم أنه لاتوجد دولة أو قانون وتحولت مصر إلي غابة تسودها الفوضي, نرجو من رئيس مصر أن يعيد للدولة مكانتها, وأن يكون حازما في إدارة الدولة إن كان حريصا علي أن يخرج بمصر من محنتها. لمزيد من مقالات د .إسماعيل إبراهيم