في أمريكا الآن ودول الغرب نجد أن جسم الانسان بعد موته مباشرة من الممكن أن يدر علي الورثة45 مليون دولار,أي ما يعادل307 ملايين جنيه مصري, هذا إذا تم البيع بالقطعة بتفكيكه إلي سوائل وأنسجة وأعضاء, حيث يبلغ سعر الجرام من النخاع23 ألف دولار. وبما ان الجسم يحتوي علي واحد كيلو جرام منه فالثمن الاجمالي هو23 مليون دولار, اما القلب فسعره لا يتعدي57 ألف دولار! فتحسس جسمك عزيزي القارئ من شعر الرأس وحتي أخمص القدم ثم أنظر الي السماء وقل الحمد لله علي هذه الثروة التي ملكتني اياها يارب ولم أشعر بقيمتها إلا الآن في هذا الزمن الذي أصبحت الأعضاء البشرية فيه تباع وتشتري فيه كقطع الغيار؟! ولعل الله قد أراد بهذا أن نشعر جميعا بالنعمة التي نرفل فيها ونحن لا ندري سواء كنا فقراء أو أغنياء, فيحس الغني المريض منا بغني الفقير السليم, ويحس الفقير الصحيح منا بفقر الغني المريض, ويشعر كل منا بحاجته الي الآخر!! وبما أن الفقر هو الحاجة فإذا تفكرنا وتأملنا بعيدا عن قشرتنا الفانية من مناصب أو ممتلكات أو جاه أو جمال وجدنا أنفسنا وبلا استثناء فقراء الي واهب المال والصحة والجمال سبحانه وتعالي فيقر الايمان في القلب ويزداد اليقين ويشيع الحب. وحتي تشعر أكثر بقيمة ما أنت فيه من نعمة ضع هذه الحكاية التي أوردها ديل كارنيجي في كتابه دع القلق وابدأ الحياة دوما أمام ناظريك: يحكي أن رجلا كان يسير ذات يوم في أحد الشوارع شارد البال ذاهلا, وقد تملكه اليأس وأوشك الايمان أن يفارقه بعد ان باءت تجارته بالكساد وفقد كل ما ادخره من مال, واستدان ما استغرق سداده أكثر من سبعة أعوام, وبينما هو سائر إذ رأي رجلا مبتور الساقين يعبر الطريق علي عارضة خشبية مزودة بعجلات صغيرة مستعينا بيديه بعد أن أمسك قطعتين من الخشب يستند بهما الي الأرض لدفع العارضة الي الامام فالتقي به بعد عبوره وكان بسبيله لاعتلاء الرصيف, فلما أصبح فوق الرصيف التقت عيناه بعينه وقال مبتسما: أسعدت صباحا يا سيدي انه يوم جميل اليس كذلك؟ وإذ وقف متطلعا اليه أدرك كم هو موفور الثراء فإن له ساقين ويستطيع المشي غير معتمد علي شيء وخجل مما كان يستشعره من الرثاء لنفسه, وقال: إذا كان هذا الرجل سعيدا الي هذا الحد وممتلئا ثقة بنفسه مع فقد ساقيه فأولي بي أن أتصف أنا بهذه الصفات ولي ساقان!! د. سمير محمد البهواشي