الرئيس السيسي: الوطن بتلاحم شعبه وقيادته وجيشه قادر على فعل المستحيل    ننشر أسعار الذهب اليوم الأحد 6 اكتوبر    أسعار الخضروات في سوق العبور للجملة اليوم الأحد 6 أكتوبر    سعر الدولار اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024.. اعرف وصل لكام    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأحد 6 أكتوبر    «الرعاية الصحية» تؤكد أهمية مشاركة القطاع الخاص في التغطية الطبية الشاملة    ضاحية بيروت الجنوبية تشهد أعنف ليلة منذ بدء حملة القصف الإسرائيلي    برغم المجازر.. «طوفان الأقصى» يكسب !    تبون: الجزائر دخلت في طريق التغيير الإيجابي وستواصل مسيرتها بثبات نحو آفاق واعدة    اشتباكات ضارية بين القوات الاسرائيلية ومسلحين فلسطينيين في المناطق الشرقية من جباليا شمالي قطاع غزة    قوات الاحتلال تقتحم حي رأس العامود في سلوان وأغلقت مدخل عابود برام الله    موناكو يرتقي لصدارة الدوري الفرنسي    محمد عادل: نتمنى تحقيق نتيجة إيجابية أمام الأهلي بكأس السوبر    منتخب مصر يدخل معسكر الليلة باللاعبين المحليين استعدادا لمواجهة موريتانيا    صراع الصدارة .. مهمة صعبة ل مرموش رفقة فرانفكورت أمام بايرن ميونخ بالدوري الألماني    موعد مباراة مانشستر يونايتد ضد أستون فيلا في البريميرليج والقنوات الناقلة    «كتل هوائية» تسبب ارتفاع درجات الحرارة على 11 محافظة.. هل القاهرة منها؟    إنفوجراف| حالة الطقس المتوقعة غدًا الإثنين 7 أكتوبر    انتظام مروري بمحاور وميادين القاهرة والجيزة "صور"    مفتي الجمهورية: التيسير ورفع الحرج من أهم مبادئ الفتوى في دار الإفتاء المصرية    «الإفتاء» توضح.. هل يجوز الأكل على ورق جرائد به آيات من القرآن؟    رئيس المراكز الإفريقية لمكافحة الأمراض: لقاح جدري القرود آمن تمامًا    أحمد بدير : نصر أكتوبر كان نقطة تحول فى تاريخ مصر    من يتصدر ترتيب هدافي الدوري الإنجليزي قبل لقاءات اليوم    مبادرة "بداية" تسعد أطفال جمعية التثقيف الفكري فى الإسماعيلية (صور)    الأب الروحي لنجوم الغناء المصري "هاني شنودة" يكشف عن علاقته بعمرو دياب ومحمد منير    مدحت شلبي يكشف مصير " زيزو" في نادي الزمالك    ارتفاع جديد.. أسعار الفراخ وكرتونة البيض في الشرقية اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024    برج الميزان.. حظك اليوم الأحد 6 أكتوبر: جدد أفكارك    «Take My Breathe».. أفضل فيلم عربي طويل بمهرجان الإسكندرية السينمائي    بعد شائعات وفاته.. جورج قرداحي يوجه رساله شديدة اللهجة    نشرة ال«توك شو» من «المصري اليوم»..هل الدعم «النقدي» أفضل من «العيني»؟.. عالية المهدي تجيب.. اتحاد الدواجن يكشف سبب ارتفاع أسعار البيض    الكويت.. سحب جنسية 63 شخصا بينهم مزدوجان متهمان في قضية سرقة القرن العراقية    ستجني ثمار مجهودك اليوم.. توقعات برج الجوزاء في يوم الأحد 6 أكتوبر    «مفيش خروج من البيت».. محمد رمضان يفاجئ لاعبي الأهلي بقرارات جديدة نارية (تفاصيل)    أحمد السقا يمازح علاء مرسي ويبعده عن ابنته ليرقص معها (فيديو)    من دعاء النبي | اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطأي وعمدي    رسميًا.. رابط منهج العلوم رابعة ابتدائي pdf والخريطة الزمنية للشرح    تفسير آية | تعرف على معنى كلمات «سورة الفلق»    ضبط تشكيل عصابي تخصص في سرقة المساكن بمنطقة حدائق القبة    لتجنب التسمم الغذائي.. الخطوات الصحيحة لتنظيف وغسل «الفراخ»    الأمن العام يداهم بؤرة إجرامية.. ومصرع 3 عناصر شديدة الخطورة بقنا    «زي النهارده».. وفاة الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد 6 أكتوبر 2012    يقي من الخرف والألزهايمر.. 5 فوائد صحية لتناول البيض    من أسرة واحدة.. إصابة 6 أشخاص في حادث سيارة ببني سويف    البيع تم قبل شهور.. مصدر مقرب يكشف مصير مطعم صبحي كابر    صافرات الإنذار تدوي في عدة مناطق بشمال إسرائيل    حدث في منتصف الليل| حقيقة تعرض البلاد لشتاء قارس.. وأسباب ارتفاع أسعار الدواجن    استئصال ورم كبير من قلب مريضة بمستشفى جامعة أسيوط    كنيسة الروم بلبنان لأهل الجنوب: نحن بحاجة للتمسك بأرض أجدادنا لا تتركوا أرضكم ودياركم    تعيينات وتنقلات جديدة للكهنة في مطرانية الأردن للروم الأرثوذكس    مصرع طفلة وشقيقها سقطا من الطابق السادس أثناء اللهو ب15 مايو    نائبا رئيس الوزراء أمام «النواب» غدًا    عرض «فرص الاستثمار» على 350 شركة فرنسية    رابع مُنتج للمشروبات في العالم يبحث التوسع في السوق المصرية    نقيب الأطباء: الطبيب في مصر متهم حتى تثبت براءته عكس كل المهن    رئيس جامعة الأزهر: الله أعطى سيدنا النبي اسمين من أسمائه الحسنى    إشراقة شمس يوم جديد بكفر الشيخ.. اللهم عافنا واعف عنا وأحسن خاتمتنا.. فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليلتان.. بألف مهرجان !!
نشر في الأهرام اليومي يوم 06 - 04 - 2013

حينما يقرر خالد جلال في كل مرة أن يبدع عملا جديدا، فهو في الحقيقة يقرر أن يهدى مصر باقة حب جديدة، زهورها هم الشباب الحالم الواعد، والحامل لكل مقومات الأمل والرغبة الجامحة في بناء مستقبل يناطح عنان السماء..
ما حدث في دار الأوبرا ليلتى الخميس والثلاثاء الماضيين أتصور أنه يدشن مرحلة جديدة في تاريخ المسرح المصرى، يرسمها للمرة الثانية خالد جلال، بعد رائعته "قهوة سادة" عام 2009 والتى مهد بها طريق المسرح بمدرسة إخراجية جديدة، وتيمة مبتكرة تماما، وهى المدرسة التى اتبعها من بعده كثيرا من شباب المخرجين، بعد كل هذا يرسم خالد جلال اليوم مدرسة جديدة تماما في تاريخ المسرح، يلقن بها كل صناع مسرح الدولة درسا فنيا، بل وإداريا في كيفية إعداد المهرجانات وتحقيق حالة الإبهار الفنى، واكتشاف مواهب رائعة على كل مستويات العمل الفنى، وذلك من خلال عملين كبيرين فصل بينهما يوم واحد، الأول هو عرض "روميو وجولييت" عن رائعة الكاتب الإنجليزي الشهير وليم شكسبير بطلاب جامعة المستقبل، والعمل الثانى هو أوبريت "حبيبى يا وطن" لعاشق مصر الخال عبدالرحمن الأبنودى وبمشاركة نخبة من فنانى مصر والوطن العربى.. كل هذا من إنتاج جامعة المستقبل.
من أتيحت له فرصة مشاهدة "روميو وجولييت" يكتشف أنها مغامرة حقيقية؛ أن تجسد تقدم للوسط الفنى كل هذا الكم من شباب يقف لأول مرة على خشبة المسرح ليقدم مثل هذا العرض الصعب جدا، لما يحتاجه من أدوات خاصة جدا للممثل، نظرا لما تتسم به أعمال شكسبير من اختراق لكل المتناقضات النفس البشرية، ولكن ذكاء المخرج ورغبة وإصرار د. خالد عزازى رئيس جامعة المستقبل على تربية وجدان طلابه على روائع الفن العالمى، كانت سببا في النجاح الباهر لهذا العمل، فقد رسم د. مصطفى سليم رؤية معاصرة شديدة الرقى والرومانسية لأشهر قصة عشق في التاريخ، رابطا إياها بقصة حب موازية دارت بين شاب وفتاة هما أعضاء فرقة الجامعة التى تقرر تجسيد النص العالمى، ففى الوقت الذي يدور فيه الصراع بين عائلتى روميو وجولييت، يدور نفس الصراع بين عائلتى "آية ونديم" ويتصاعد كلا الصراعين حتى يصل في النهاية إلى موت روميو وجولييت والوفاق بين العائلتين بعد فوات الأوان، بينما يصر الحبيبان إية ونديم على استمرار حبهما في إشارة لاستمرار الأمل، وهى رؤية شديدة الرومانسية وليست غريبة على د. مصطفى سليم فقد عرفته في قاعات الدرس بأكاديمية الفنون مسرحيا وشاعرا بديعا له مئات القصائد التى يحقق بها مشروعه الشعرى في المسرح المصرى، وقد استمد الفنان خالد جلال خط الأمل الذي رسمه د. مصطفى سليم ليحققه في ممثليه الذين رأى فيهم بذرة جيدة لممثل الغد، ولأن قدراتهم التمثيلية مازالت بحاجة إلى مزيد من التدريب فقد دس بينهم عناصر طلابه من مركز الإبداع ليحققوا ما يصبو إليه من نجاح، فجاءت سارة مجدى لتفجر طاقة مذهلة لنموذج المربية "الكوميدى" والتى شعرت معها أنها تحمل به قدرا من روح الرائعة نبيلة السيد وخفة ظل خالد جلال نفسه وطريقة أداؤه في حياته اليومية، وهو ما نال لإعجاب وتصفيق الجمهور الحار كلما ظهرت فقط على المسرح وقبل ان تنطق بأى كلمة، بالإضافة لمجموعة المهرجين الذين جسدوا دور المعلق على الأحداث بغناء أشعار مصطفى سليم البديعة، في حين كشف العرض عن طاقات جديدة تنبئ بنجوم واعدين، مثل محمد ماضى "المخرج، تيالت"، شادي "روميو"، نديم "روميو المعاصر"، احمد تمام "الخادم سمسون"، دعاء "جولييت"، ولا شك أن كل نجوم العمل قد بذلوا مجهودا مضاعفا لتحقيق نجاح العمل، وقد اكتملت الصورة بثلاثة عناصر في غاية الأهمية لا غنى لأحدهم عن الآخر، الأول هو ديكور الفنان حازم شبل الذى عبر عن الحقبة الزمنية لزمن الأحداث بكثير من الإتقان والروعة، والبساطة ايضا في كيفية استبدال الديكورات بين مشهد وآخر بكثير من السلاسة نفتقدها في مسارح الدولة، بينما أضفى على تلك الديكورات بهاءها وعظمتها العنصر الثانى وهو الإضاءة التى صممها ياسر شعلان، فتنقلت بين ألوان الأزرق الدال على الغموض أحيانا، والالوان النارية الدالة على الفرح تارة وتصاعد الصراع بين العائلتين تارة اخرى، واخيرا لم يكن كل هذا بمعزل عن تصميم الاستعراضات للدكتور مجدى صابر، فقد بدا الراقصون وكأنهم فراشات تحلق في سماء المسرح، خاصة وقد ساعدتهم على أداء مهامهم أزياء الفنانة الرقيقة مروة عودة ابنة مركز الإبداع الفنى، والتزامها الحقيقى بأزياء زمن الأحداث بكل ما فيها من جاذبية وإبهار وروعة، تعكس الإنتاج الضخم الذى وفرته إدارة جامعة المستقبل.. كل هذا فاجأ كل من شاهد الحدث الفنى الضخم بما له من بهاء الصورة واكتمال عناصرها.
أما الحدث الثانى فكان أوبريت "حبيبى يا وطن" الذي يمثل إحدى روائع الخال عبدالرحمن الأبنودى ويروى فيه حكايته مع الوطن بكل ما فيها من شد وجذب، وأوقات عصيبة وبطولات عظيمة، والجميل في هذا الأوبريت هو اختيارات المخرج والملحن لأبطاله، فقد رواه الفنان الكبير أحمد بدير لمجموعة من أبناء الوطن أبناء مركز الإبداع أيضا، بينما تغنى بكلماته كل من مدحت صالح، لطيفة، حكيم، آمال ماهر، وائل جسار، محمد فؤاد، وهانى شاكر، ففي الجزء الأول من الأوبريت غنى كل منهم مقطع يعكس جزءا من حكاية الخال، في أداء شديد القوة والحماس بشكل تفاعل معه الحاضرون وخاصة طلاب الجامعة الذين تفاعلوا مع محمد فؤاد حتى بكى على المسرح، وأجبروه على إعادة مقطعه الغنائى "حبيبى يا وطن"، فنهض الجميع في أماكنهم يصفقون فرحا بهذه الحالة الوطنية البديعة، التى كنا في أمس الحاجة إليها فعلا، وهو ما تكرر ايضا في الجزء الثانى من الأوبريت الذى حمل عنوان "مصراوى" بأشعار نادر عبدالله، ولحن الأوبريت كاملا المبدع وليد سعد، وأعده دراميا ايضا الفنان مصطفى سليم.
ولا شك أن الفنان عمرو عبدالله مصمم ديكورات الأوبريت قد فاجأ الجميع أيضا بقدرته الفائقة على تجسيد أروع ما في مصر من أماكن حينما تنقل بين مشاهد الريف والحضر والآثار العظيمة في سلاسة وروعة تشعرك وكأنك تتجول في ربوع الوطن، وأمام أزياء مروة عودة ايضا لابد أن نقف تحية لها بما صممته من ملابس تحمل حروف اللغة العربية الجميلة التى تجسد كل منها لوحة فنية في حد ذاتها.
باختصار، ما قدمه خالد جلال في هاتين الليلتين يعادل ألف مهرجان، فهو بلا مبالغة حالة جديدة غابت عنا في العامين الماضيين، رصدها برسم ملامح الأمل في عرض "روميو وجولييت" وتجسيد أوصاف المصري الحقيقى في أوبريت "حبيبى يا وطن" ليراجع كل منا نفسه من جديد فيغلب مصلحة الوطن على مصالحه الشخصية، أما د. خالد عزازى رئيس جامعة المستقبل فله كل التحية على هذا الإنتاج الضخم الذى افرز كل هذا الكم من نجوم الغد، وأكد من خلاله أن صناعة المهرجانات لا تحتاج أكثر من إنتاج محترم وإنفاق في موضعه وفنان واعى، فصار لدينا ليلتان بألف مهرجان.
وأمام هاتين الليلتين البديعتين أتصور أن دور وزارة الثقافة الآن هو تبنى هذين العرضين وإعادة تقديمها للجمهور بأسعار رمزية، وانا على ثقة بأنها ستكون بداية استعادة الثقة بين المسرح والمشاهد.

لمزيد من مقالات باسم صادق


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.