الزوج: يا سيدي.. انطفأ لوني.. وارتجفت أوصالي وكدت أفقد عقلي ورشدي وحول وجهي حالة من الذبول أفقدت نظرة عيني بريقها وأصبحت كمن هو عائد من معركة خاسرة أفقدته حكمته وشرفه وكفاي ترتعشان وكأني ألمس نارا موقدة.. يا سيدي تصاعد لهيبي حتي أحرقت نفسي وأشعر بغيظ خانق يطحن نفسي الجبارة بعد أن ترديت إلي الهاوية وذهبت فريسة لأهوائي الطائشة ونزواتي الشيطانية.. فكيف هانت علي تلك المرأة لا أعلم كيف تسللت الخيانة إلي أعماق نفسي لا أدري في أي دقيقة من الزمان طرق الغدر قلبي لا أشعر!! كيف فعلت ذلك مع المخلوقة الوحيدة التي أدين لها بأثمن ما في حياتي وهي صاحبة ذلك القلب دون منازع!! أشعر بالحاجة إليها شعور الغريق للحاجة للتنفس والهواء, بدونها الدنيا تضيق في وجهي والأبواب تسد علي وأتردي في بئر من اليأس والاحباط وأنفاسي تحتبس في صدري وألسنة اللهيب تحرق أحشائي بغير رحمة يا سيدي زعمت أمامكم من قبل انني دفعت لها خمسين ألف جنيه مهرا كي أثنيها عن قرارها بخلعي ولأنها لا تطيق رؤيتي دفعت المبلغ لترحل لحال سبيلها وأنا الآن سيدي أضع بين أيدي عدالتكم مائتي ألف جنيه ومستعد أن ارتمي علي قدميها كالعابد وأهوي بفمي إلي قدميها لأقبلها كي تعود إلي أتوسل إليكم سيدي بإلغاء حكم الخلع وإعادة زوجتي كي تعيدني للحياة. الزوجة: يا سيدي ذلك الرجل أصابني بسهم سام في عزة نفسي وتركني أتخبط في دنياي كالحائرة تجمد الحزن في قلبي كالسم القاتل في المعدة.. وشعرت بقلبي يتجرع سكرات الموت وهو يهرع إلي الأخري ويعشق أخري.. ونطق لسانه باسم أخري ونشب في صدري صراع عنيف بين قهر الأخري واستعادة قلب شريك العمر وبين الحب المحفوف بالكبرياء قررت أن يقتل الكبرياء الحب بعد أن لعب بي الأمل الخادع حيث لم أحتمل خداعه وكذبه وقررت الرحيل. يا سيدي هذا الرجل كنت أشاهد صورته في آيات الدنيا والنفس.. كان دما جديدا يجري في عروقي فينبض في قلبي وحواسي الطمأنينة والسعادة كان مثل طائر يرف بجناحيه في سماء حياتي.. يهيج في صدري حنانا غريبا ويوقظ المشاعر النائمة في سراديب نفسي كان المجري الذي تنصب فيه حياتي. يا سيدي تزوجته وأنا في العشرين من عمري بعد أن طرق حبه بابي وأنا علي أعتاب الجامعة ولم أقو علي البعاد عنه وقررت أن أستكمل دراستي الجامعية وأنا في مملكته وتزوجته سيدي وكان الرجل الأول والأخير في سماء حياتي وأنجبت منه ثلاثة أبناء كانوا زهرات عمرنا وشبابنا وتفرغت لزوجي وأبنائي ولم أخرج للعمل حتي لا أنشغل عنهم وحملت عنه هموم الأبناء وكان لا يسمع ولا يري إلا ما يدخل السعادة علي نفسه لم أثقله بالهموم والمشكلات وكأنه يعيش في عالم آخر غير عالمنا حتي زيارات أهله وأقاربه كنت أقوم بها حتي لا أشعره بالتقصير نحوهم وكنت له زوجة وصديقة وسند ورفيق والعالم كله في شخص واحد. ولكنه سيدي غرس سهما غادرا في قلبي.. إذ تبدل حاله وبات لا يطيق رؤيتي ويثور لأتفه الأسباب ويفتعل المشكلات وتحاملت علي نفسي حتي انكشف المستور حيث كان ينتظر حتي استغرق في نومي ويتحدث بصوت خفيض في هاتفه المحمول وقد تستمر المكالمة طوال ساعات الليل وأنا أتقلب في فراشي يمينا ويسارا وهو غارق في الحب والشهوات مع أخري حتي تيقنت أنه علي علاقة بزميلته في العمل فقد ارتجفت أوصاله لها وبات لا يقوي علي فراقها وحاولت ابعاده عنها بشتي الطرق دون جدوي ولم أجد أمامي سبيلا سوي الاستسلام لأحزاني وطويت آلامي في صدري والغيرة تجثم علي صدري مثل قطعة من الزمهرير وانطويت علي نفسي الحزينة سجينة المشاعر الزائفة واكتسي وجهي بالألم والجزع وطفت علي نفسي موجة يأس خانقة أغرقت أمامي بغير رحمة ولم أطق رؤية وجهه ولا سماع صوته وقررت الفرار من جحيم الغدر والخيانة. أسرعت إلي الحكمة سيدي وأقمت دعوي خلع ولأنه قرر أن يتلفح بالنذالة حتي آخر نفس يخرج من صدره أكد أمام المحكمة أنه دفع لوالدي مهرا قدره خمسون ألف جنيه رغم أنه لم يدفع لوالدي مليما واحدا.. ولم أفسح أمامه المجال للمساومة والحوار ودفعت المبلغ الذي طلبه للمحكمة كي أحصل علي حريتي وينطلق سراحي من عش الزوجية.. يا سيدي شريك العمر فاق من غيبوبته بعد فوات الآوان فقد أصابني بجروح دامية ستظل تنزف دما البقية الباقية من عمري رد إليه الأموال التي عرضها عليكم سيدي حتي لو وضع كنوز الدنيا أسفل قدمي لن أعود إليه ثانية.. فالموت أهون من العيش مع رجل يتلفح بالغدر والخيانة. محكمة قضت المحكمة برئاسة المستشار محمود خليل رئيس محكمة الاسكندرية للأحوال الشخصية برفض دعوي الزوج لأن حكم الخلع الصادر من محكمة أول درجة لا يجوز استئنافه أو الطعن عليه مع الزام الزوج بالمصروفات وأتعاب المحاماة.. رفعت الجلسة.